-
عدد القراءات
2537
-
القسم :
ملف وتحليل
-
-
-
العبادي يؤسّس لملفات الشراكة العراقية - السعودية
بغداد/المسلة:
كتب رحمن الجبوري كبير الباحثين في الصندوق الوطني لدعم الديمقراطية، والدكتور حسين علاوي رئيس مركز أكد للشؤون الاستراتيجية والدراسات المستقبلية:
تدور العلاقات تارة نحو السلم وتارة اخرى نحو الحرب، وفي ظل العالم المعقد وبروز التهديدات غير المتماثلة جعلت العلاقات الدولية تأخذ مسار التلابس مابين علاقات الحرب وجزء منها التعاون وعلاقات التعاون جزء منها صراع ونزاع، وهكذا تستمر العلاقات الدولية اليوم نحو التقارب مع تجميد نقاط الخلاقات التي قد تنحل وتتفكك مع الزمن.
العلاقات العراقية والسعودية يبدو انها تمر بذات المرحلة نحو ازدياد افق التعاون اكثر من النزاع او التنافس نتيجة الملفات المشتركة، الملفات الحاكمة والملفات الداعمة والملفات التي جمدت نتيجة الخلاف الفكري والفقهي.
منذ تسنم رئيس الوزراء حيدر العبادي، والمملكة العربية السعودية تراقب الاداء السياسي له ولفريق عملهِ، والولايات المتحدة الاميركية كانت تحث الحكومة السعودية على الاندماج، ومنذ تسنم ولي العهد محمد بن سلمان عرش ولي المملكة تغيرت العلاقات العراقية والسعودية ، وبالتالي التقارب والاندماج حدث وتبادل الزيارات الرسمية على اعلى مستوى قد اندفع نحو الامام.
السعودية طالما مثلت بوابة الخليج الكبرى ، وهكذا توالت الزيارات الخليجية الى العراق من اجل الانتقال نحو عهد جديد بعد انتهاء اكثر من ربع قرن على ازمة احتلال الكويت والشرخ الكبير الذي حدث مابين العراق ودول الخليج تحمل العراق وشعبه كلفا عالية جداً.
وكنا نأمل ان تتغير الصورة بسقوط النظام السياسي السابق في 9 نيسان 2003، لكنها لم تتغير، لكن ادراك المملكة العربية السعوية والحكومة العراقية في عهد حيدر العبادي ان قدر الجغرافياً لابد ان يسمو بالعلاقات نحو الاندماج والتعاون من جديد، فما كانت من العلاقات ان تتغير بعد انتهاء معركة الموصل والقضاء على كيان داعش الارهابي.
زيارة حيدر العبادي الى الرياض تحمل في طياتها ملفات عميقة للتعاون في مجال الاقتصاد والنفط والحدود ومكافحة الارهاب والاستخبارات، هذه الملفات الكبرى تحتاج من البلدين رفع سقف العلاقات نحو المجلس الاستراتيجي العراقي والسعودي، والذي سيشرف على ادارة العلاقات ومتابعة ملفاتها الاستراتيجية.
قد يكون التعاون الاستخباري والاقتصادي هو اول الدوافع الاستراتيجية للتفاعل لكن مساحات العمل تحتاج الى التنسيق، ثم ملف الحدود والاستثمارات في الرقع الجغرافية الحدودية هي الخطوة الاولى للجسور البرية التي ستعمل في تطوير قطاع الزراعة والاراضي المفتوحة في الجوار العراقي والسعودي، وهذا أحد الملفات المعقدة والتي تحتاج للمزيد من التعاون وتعديل التشريعات المشتركة من اجل زيادة تدفق الاستثمارات السعودية وقدرتها على تطوير البنية التحتية بين البلدين.
أما ملف النفط وعمل أرامكو وتنسيق سياسات السوق العالمية للنفط مع شركة سومو لتسويق النفط العراقية فأنها تحتاج الى المزيد من التعاون والتفاعل الفعال، قناة الحوار مستمرة من دون تعطل نتيجة الاعتماد الكبير لإقتصاديات البلدين على تدفق عائدات البترودولار من النفط وتسويقه الى الاسواق العالمية، بالاضافة الى الشراكة في مجال صناعة البتروكيمياويات والغاز والمشتقات النفطية، سيدفع العلاقات نحو أفق أعمق من التفاعل والتبادل للبيانات والخبرات من اجل تطوير المشاريع القائمة في هذا المجال بغية السيطرة على اجزاء مهمة من السوق العالمية.
اما الملفات المؤجلة فهنالك ملفات عميقة تتمثل بملف الصراع السعودي والايراني، وهو صراع عقائدي لايريد العراق ان يتدخل فيه وموقفه الرسمي واضح جداً في هذا المجال ويعمل عليه رئيس الوزراء من اجل الحد من تداعياته في الاراضي العراقية ويلتزم الحياد بين الطرفين، وملف الفتاوى التكفيرية لبعض العلماء السعوديين الذين يظهرون في قنوات اعلامية على القمر الصناعي نايل سات بهدف بث الكراهية ضد العراقيين وبالتالي لابد من معالجة هادئة لهذا الموضوع.
كما ان ملف دعم القوى السياسية العراقية الذي يعتبر من الملفات الحساسة والذي لابد ان يعالج بحكمة نتيجة للتداخل الطائفي والقبلي واثره في الامن الوطني العراقي، واخيراً ملف التعويضات والديون السابقة والتي اعطيت الى النظام السياسي السابق وتحتاج الى مراجعة تامة من اجل دفع العلاقات نحو افق كبير.
وتبقى الملفات المفتوحة لاختبار دالة التعاون الوظيفي داخل منطقة الخليج هي التعامل مابين الحكومة العراقية والحكومة السعودية في ملف اعمار المناطق المحررة، ملف التبادل التجاري بين البلدين، ملف الاستثمار السعودي في العراق، ملف التعاون الاستخباري طويل الأمد في مجال مكافحة الارهاب، ملف التعاون مع القوى السياسية العراقية.
الملفات المفتوحة ستكون مرحلة الاختبار الاستراتجيجية لانتقال العلاقات العراقية والسعودية من مرحلة البناء على الماضي للبناء نحو المستقبل وستكون للجانب الامريكي فرصة في ترتيب جسور الشراكة ودفع العلاقات نحو الفضاء السياسي لترسيخ العلاقات العراقية والسعودية خلال السنوات العشر المقبلة.
ان عراق مستقر هو استقرار للخليج، وان عراق متأزم هو حسرة الخليج في دموع السياب على الخليج التي ما زالت تنتظر لافق كبير في نهاية النفق الذي مرت به العلاقات العراقية والسعودية.
ان مستقبل العلاقات هو أكبر واسمى نتيجة الشراكة من أجل الاستقرار الاقليمي، والتي تعد المملكة العربية السعودية أحد اركان القوى الرئيسة في منطقة غرب اسيا والشرق الاوسط والخليج.
ان الشراكة لتحقيق أمن الطاقة والتنسيق لمكافحة الارهاب سيكونان كفيلين بطوي أتُون السنين من التقاطع نحو التعاون والتنسيق طويل الأمد.
واخيراً، ان رؤية محمد بن سلمان ولي العهد للمملكة العربية السعودية لعصرنة السعودية وسيرها في طريق الاعتدال الديني تحتاج الى سند عربي موثوق فيه خلال الخمس الى عشر سنوات القادمة، لايبدو في الأفق العربي نهوض دولة مقبولة عالمياً غير العراق بعد توجه مصر نحو دكتاتورية الحكم.
احياء قطب المشرق العربي القوي يحتاج الى عراق قوي وسعودية عصرية، هذا الخيار بأء يكون واضح المعالم ومدعوماً من أميركا والأتحاد الأوروبي ولايحظى بممانعة روسيا وتركيا.
المصدر: صحف عراقية - المسلة متابعة