بغداد/المسلة: في أوج السباق الانتخابي، يغرق العراق في بحر من اللافتات الملونة والخطب الرنانة، بينما أخطر الملفات التي تهدد أمنه الوطني بكل أبعاده – غذائياً، اقتصادياً، اجتماعياً – تُدفن تحت طبقات الدعاية التمجيدية.
الأحزاب، بكل تياراتها، تنشغل بصناعة الأوهام، تاركةً تراجع مناسيب المياه، موجات الغبار الخانقة، وانهيار مستقبل الزراعة خارج قوائم أولوياتها، كأن الكارثة البيئية مجرد حدث عابر في نشرة أخبار مسائية.
وتتنافس القوى السياسية في إقامة مهرجانات انتخابية هادرة، مليئة بالأغاني الحماسية والوعود الجوفاء، لكن لا برنامج واحداً يتطرق إلى زيادة معدلات التصحر التي التهمت أكثر من 40% من الأراضي الزراعية، أو إلى الهجرة الداخلية التي تدفع مئات الآلاف من الريف نحو أحياء الصفيح في المدن.
الجمهور، المخدوع ببريق الشعارات، يصفق للوعود السياسية التقليدية، غافلاً عن أن الجفاف المتفاقم يهدد بقاءه اليومي.
تشير الدراسات إلى ارتفاع درجات الحرارة بمعدلات مرعبة، وتراجع الأمطار، وامتداد فترات الجفاف، لكن هذه الحقائق العلمية لا تجد صدى في البرامج الانتخابية.
لا خطط لمواجهة انخفاض منسوبي دجلة والفرات، ولا استراتيجيات لإنقاذ الزراعة من الانهيار، ولا رؤية لاحتواء الهجرة السكانية التي تحول المدن إلى قنابل موقوتة.
الأحزاب تُقدم نفسها كحل لكل شيء، إلا للتهديد الذي يلتهم الأرض والمستقبل معاً.
وبينما تُغرق الدعاية الانتخابية الشوارع بالوعود، يظل الجمهور أسيراً للوهم، يصدق أن الاستقرار ممكن دون مواجهة الانهيار البيئي.
هذا التواطؤ الصامت بين الناخب والمرشح يُمهد لكارثة وطنية، حيث يُترك الأمن الغذائي والاجتماعي للصدفة، في وقت يحتل فيه العراق مراكز متقدمة بين الدول الأكثر عرضة لتغير المناخ.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

أخبار ذات علاقة
ملفات ما بعد التصويت تعيد اختبار العلاقة بين الناشطين والقوى التقليدية
قرار تصنيف “حزب الله والحوثيين” بالإرهاب… وارتداده السياسي
طقس العراق.. أمطار رعدية وتباين في درجات الحرارة