المسلة

المسلة الحدث كما حدث

 العراق يواجه أخطر فصول الاندثار تاريخه القديم.. تغير المناخ والملوحة يهددان بطمس أور وبابل  

 العراق يواجه أخطر فصول الاندثار تاريخه القديم.. تغير المناخ والملوحة يهددان بطمس أور وبابل  

2 نونبر، 2025

بغداد/المسلة: يدق علماء الآثار في العراق ناقوس الإنذار على وقع مشاهد الانهيار البطيء لمدنٍ حملت فجر الحضارات الأولى، فيما تتعرض رموز التاريخ الإنساني في الجنوب إلى أخطر مراحل التآكل منذ عقود، بعد أن صار المناخ عدواً صامتاً يفتك بذاكرة الطين والآجرّ.

ويؤكد مختصون أن الجفاف القاسي والملوحة الزاحفة على التربة جعلا من مواقع سومر وبابل وأور مسارح لمعركة غير متكافئة بين الشمس والرماد، إذ تهاجم الكثبان الرملية واجهات الزقورات القديمة، بينما تنهار الأساسات تحت ضغط التربة المتشققة، وكأن الأرض التي شهدت نشوء الكتابة تعيد كتابة حكايتها على هيئة موت بطيء.

ويشير عبد الله نصر الله، من دائرة آثار ذي قار، إلى أن الرياح باتت تأكل أطراف زقورة أور، وأن الطوب الذي قاوم آلاف السنين بدأ يتفتت بفعل الملح، فيما تُظهر الصور الحديثة تصدعات تمتد من القاعدة حتى الطبقة الثانية من البناء، مهددة بانهيارٍ وشيك. ويقول إن العوامل المناخية ليست وحدها من تُهدد، بل إن محاولات الترميم غير الدقيقة خلال العقود الماضية أسهمت في تسريع الانهيار.

ويضيف الدكتور كاظم حسون أن المقبرة الملكية في أور، التي طالما اعتُبرت كنزاً أثرياً عالمياً، صارت ضحية لارتفاع ملوحة المياه الجوفية، إذ تتفكك جدرانها يوماً بعد يوم، محذّراً من أن “ما يُهدر الآن ليس طوباً فقط، بل طبقات من الذاكرة الإنسانية”.

ويحذر المدير العام للآثار الدكتور منتصر الحسناوي من أن المشهد لا يختلف كثيراً في بابل، حيث تتسلل الملوحة إلى جدران المعابد البابلية، وتذيب الرسوم الطينية التي صمدت آلاف الأعوام. ويقول في تصريح لوسائل إعلام محلية إن “نقص التمويل والعناية الكافية يُضاعف الخطر، فالمناخ اليوم ليس مجرد أزمة بيئية، بل أزمة هوية تهدد وجود تاريخ العراق ذاته”.

وتؤكد تقارير الأمم المتحدة أن العراق يقف بين أكثر خمس دول تأثراً بتغير المناخ، وأن مزيج الحرارة والجفاف وتراجع المياه يُحوّل السهول التاريخية إلى أراضٍ قاحلة تبتلع آثارها ببطء.

 

 

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author