بغداد/المسلة الحدث: في خطوة مثيرة للجدل، قررت وزارة المالية العراقية في الرابع من إبريل عام 2024، تحويل مبالغ نقدية إلى إقليم كردستان. وتضمنت المبالغ المحولة رواتب موظفي الإقليم ومستحقات شبكة الحماية الاجتماعية والمتقاعدين، ومستحقات شؤون الشهداء، إضافة إلى “المؤنفلين والعقود ومستحقات دوائر الإقليم”. وقد تم التأكيد على أن هذا التمويل يشمل تمويلًا كاملًا للموازنة التشغيلية للإقليم، وليس فقط رواتب الموظفين كما كان معتادًا.
يأتي هذا القرار في خلاف مع قرارات المحكمة الاتحادية العليا، بموجب القرار رقم 224 وموحدته 269/اتحادية/2024، الذي أكد على ضرورة توطين رواتب الموظفين في الإقليم وعدم تمويلها عن طريق القروض. كما فرض القرار على الإقليم تسليم كافة إيراداته النفطية وغير النفطية إلى خزينة الدولة.
من اللافت للانتباه أن هذا التمويل تم بموافقة المحكمة الاتحادية العليا، بحسب مخاطبات رسمية. ولكن، يبقى السؤال: ما هي الملابسات التي أدت إلى هذه الخطوة الجريئة؟
تحليل :
انتهاك للقانون والدستورية : يظهر من خلال هذا القرار أن هناك تجاوزًا واضحًا لقرارات المحكمة العليا، مما يشكل انتهاكًا صريحًا للقانون والدستورية.
ضعف سلطة المحكمة العليا : يتجلى ضعف سلطة المحكمة العليا وتذبذبها في المواقف، حيث تم التراجع عن قراراتها السابقة بشكل واضح.
تفويضات خارجة عن الاختصاص : يبرز قرار المحكمة العليا كتفويض غير متناسب للحكومة الإقليمية، حيث يتم تجاهلها في تحديد وتوجيهاتها.
تصعيد الخلاف الدستوري : يؤدي هذا القرار إلى تصعيد الخلاف الدستوري بين الحكومة الاتحادية والحكومة الإقليمية، مما قد يزيد من التوترات
وابرز المحلل السياسي عزيز صادق سنية عدة ملاحظات على الاجراء بقوله ان ان المحكمة الاتحادية العليا وافقت على تسليم رواتب شهر آذار-وفقا للبيان- وهذه مخالفة قانونية ودستورية واضحة لتجاوز قرارها الذي هو بات ونافذ المفعول ولايمكن إيقافه وفقا للمادة 94 من الدستور، وكذلك المادة 12 من قانون الموازنة لعام 2023، ولايمكن تفسير هذا الموقف سوى انه تراجع “من الباطن” عن قرارها، وبذلك فان مهابة المحكمة وسطوة قرارتها باتت في مهب الريح، او بالأحرى انها غير نافدة في الإقليم، فالمحكمة من خلال هذه الموافقة منحت نفسها اختصاصين، الأول يقوم على استثناء الإقليم من انفاذ قراراتها مالم يوافق الإقليم نفسه على تنفيذ القرار، والثاني منحت نفسها اختصاص إيقاف نفاد القرار، وكلا الجانبين باطلان لمخالفتهما للدستور.
واعتبر سنية أن قرار المحكمة يخرج عن سلطتها بمجرد صدوره، فيكتسب قوة دستورية ذاتية لايمكن حتى للمحكمة نفسها من التدخل فيه وإيقافه او عمل استثناء عليه.
و يضيف : بهذه الموافقة أصبحت قرارات المحكمة الاتحادية العليا مسلوخَة المحتوى بعد فقدان جوهرها الذي يتحقق بقوة انفاذها نحو الجميع وارغام السلطات باجمعها على الامتثال لها، وبذلك باتت قرار المحكمة الدستورية بمرتبة القرار الأداري، يمكن تغييره او القفز عليه من قبل السلطات عبر التوافق فيما بينها. مما يفتح الباب للالتفاف على أي قرار أخر من خلال الاتفاق مع المحكمة على “إيقاف تنفيذه”.
واستطرد بأن المحكمة بهذه الموافقة تكون قد تذبذبت في مواقفها إزاء حصة إقليم كردستان وتحديدا ما يتعلق بـ(رواتب موظفي الاقليم)، ففي أول الامر كانت ترفض التدخل في القرارات الصادرة عن السلطات في الإقليم بحجة عدم الاختصاص، كما في قراراها (146/اتحادية/2017)، و(79/اتحادية/2019) فقد طلب فيهما المدعي الزام السلطات في الإقليم بتسليم رواتبهم وإلغاء “الادخار الاجباري”الذي تستقطعه سلطات الإقليم من رواتب الموظفين. ثم بدأت تنظر هذا الموضوع حين الغت قرارات مجلس الوزراء العراقي التي كانت تمنح الإقليم مبالغا مالية بعنون “سلفة” خلافا لقانون الموازنة لعام 2021 وفقا لقرارها (170/اتحادية/2022)، وتلالها عدد من القرارات ومنها القرار -موضوع النقاش-(224 وموحدتها269/اتحادية/2024)، ثم -حاليا- وبموافقة المحكمة على تسليم حصة الإقليم (الرواتب) تكون قد نقضت قرارها (224/2022) وقرارها السابق(170/2022)، وسلّمت الامر للتوافق السياسي. أي العودة الى حالة “عدم التدخل في موضوع حصة إقليم كردستان”.
وكشف عن اطلاق هذه الرواتب يضع حكومة إقليم كردستان في رتبة أعلى من الحكومة الاتحادية، خلافا للدستور، فارادة الإقليم مضت وحصلت على ما تريد، اما إرادة الحكومة الاتحادية المتمثلة بقراراتها وقوانيها الاتحادية ومنها قانون الموازنة العامة بات نفدها مرهوناً بموافقة الإقليم.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
أخبار ذات علاقة
حل الحشد: الحلم المستحيل أم ضغط دولي لا مفر منه؟
العثور على جثة قبطان سوري في سفينة بأحد موانئ العراق
2024.. عام فوضى وحروب وارتفاع جنوني بالاسعار