المسلة

المسلة الحدث كما حدث

التصعيد.. هل يقود إلى حرب شاملة أم تهدئة مؤقتة؟

التصعيد.. هل يقود إلى حرب شاملة أم تهدئة مؤقتة؟

24 سبتمبر، 2024

بغداد/المسلة:

رضوان عبد الله

الوضع في لبنان كما نقلته «رويترز» يشير إلى تصعيد خطير ودموي غير مسبوق منذ نهاية الحرب الأهلية اللبنانية. فالقوات الإسرائيلية بدأت هجوماً واسعاً ، منذ الصباح الباكر، يستهدف مواقع تابعة لـحزب الله ، مترافقة مع تحذيرات للسكان اللبنانيين بالابتعاد عن المواقع العسكرية المحتملة، بما في ذلك المناطق المدنية التي يزعم الجيش الإسرائيلي أنها تحتوي على أسلحة أو معدات عسكرية للحزب.

فالغارات الجوية طالت معظم مناطق جنوب لبنان والبقاع، مع تمدد الهجمات إلى بعض المناطق في جبل لبنان، مما يبرز مدى اتساع نطاق العمليات العسكرية. هذا التصعيد يأتي في سياق اشتباكات وتبادل للقصف بين حزب الله و”إسرائيل”، في وقت يحذر فيه الجيش الإسرائيلي من تصعيد أكبر إذا استمرت التهديدات الأمنية على أراضيه.

هذه الأحداث تعكس توترًا متزايدًا في المنطقة وتثير مخاوف من مزيد من الانهيار في الأوضاع الأمنية، خصوصاً مع استهداف المدنيين واستخدام التحذيرات للابتعاد عن المواقع الاستراتيجية،لذا فان التصعيد المتدحرج كان قد اشتد من الصباح ووصل ذروته مساء اليوم كما يلي:

1. التصعيد العسكري: “إسرائيل” بدأت هجوماً جوياً واسعاً في لبنان، مستهدفة مواقع تابعة لـحزب الله في جنوب لبنان والبقاع، مع تحذيرات للسكان بالابتعاد عن تلك المواقع.

2. تحذيرات للسكان: الجيش الإسرائيلي دعا السكان اللبنانيين، خاصة في القرى القريبة من مواقع حزب الله أو المناطق التي تحتوي على أسلحة، إلى الابتعاد حفاظاً على سلامتهم.

3. استهداف واسع: الغارات الإسرائيلية شملت مناطق واسعة في جنوب لبنان، مثل الزهراني، صيدا، صور، النبطية، مرجعيون، والبقاع الشرقي، وأيضاً للمرة الأولى، بلدة في جبيل شمال لبنان.

4. اتهام حزب الله: “إسرائيل” تتهم حزب الله بتخزين أسلحة في المباني المدنية واستخدام السكان كدروع بشرية.

5. غارات مكثفة: “إسرائيل” أعلنت أنها هاجمت نحو 800 هدف في لبنان، بما في ذلك مناطق تخزين الأسلحة والطائرات المسيّرة،حسب زعمها.

ويؤكد المراقبون ان الهدف من التصعيد العسكري الإسرائيلي ضد لبنان هو إضعاف قدرات حزب الله العسكرية ومنعه من تهديد الأمن الإسرائيلي. ومن خلال الهجمات المكثفة، تسعى “إسرائيل” إلى استهداف مواقع تخزين الأسلحة والبنية التحتية العسكرية للحزب، بما في ذلك الصواريخ والطائرات المسيّرة، قبل أن تُستخدم ضدها.

وفي نفس السياق فان “إسرائيل” تعتبر حزب الله تهديداً مباشراً لأمنها القومي، وترى في تصعيد عملياتها العسكرية وسيلة لتقليل قدرات الحزب الاستراتيجية وردع أي هجمات مستقبلية. بالإضافة إلى ذلك، فان الهجمات تأتي بشكل اعتداءات موسعة على ما يبدو أنه تزايد النشاط العسكري لحزب الله بالقرب من الحدود،الذي يعتبره حزب الله معارك وانشطة مساندة للشعب الفلسطيني المقاوم لحرب الابادة الاسرائيلية المستمرة منذ نحو سنة على غزة والضفة والقدس المحتلة ، مما يرفع من مستوى التوتر بين الطرفين.

وكما تشير التحذيرات الإسرائيلية للسكان المدنيين اللبنانيين إلى محاولة لتجنب وقوع خسائر بشرية كبيرة كما تزعم البيانات الاسرائيلية ، مع السعي إلى تفادي الضغط الامريكي والدولي الذي قد ينجم عن سقوط عدد كبير من الضحايا المدنيين،رغم انه وفقا لوزارة الصحة اللبنانية،تم ارتفاع عدد شهداء العدوان الإسرائيلي اليوم إلى 492 والإصابات إلى 1645 خلال اقل من 24 ساعة من القصف الجوي العنيف بحق المدنيين بالقرى والارياف والمدن الجنوبية والبقاعية.

والا ان حزب الله قادر على الرد بقوة وعنف على الغارات الإسرائيلية، ولديه تاريخ طويل من المواجهات مع “إسرائيل”، خاصة خلال حرب 2006. فالحزب يمتلك ترسانة كبيرة من الصواريخ والأسلحة التي يمكن أن تصل إلى مناطق واسعة في “إسرائيل”، بالإضافة إلى قدرات عسكرية غير تقليدية تشمل الطائرات المسيرة، والصواريخ الموجهة، وتكتيكات حرب العصابات.

ومع ذلك، فان قرار الرد بقوة يعتمد على عدة عوامل، منها:
1. التوقيت السياسي والعسكري: فحزب الله قد يختار الوقت المناسب للرد بناءً على حسابات داخلية وخارجية، بما في ذلك الوضع الإقليمي والدولي، ومستوى الدعم الإيراني،والتطورات على الساحة اللبنانية.

2. التوازن العسكري: رغم قدراته العسكرية، يدرك حزب الله أن الرد العنيف قد يؤدي إلى تصعيد شامل، وربما إلى حرب أوسع مع “إسرائيل”. وهذا يحمل مخاطرة بتدمير واسع للبنية التحتية اللبنانية وتأثير كارثي على المدنيين.

3. الحسابات الاستراتيجية: الحزب قد يفضل تجنب التصعيد الفوري واختيار رد محدود أو مرحلي للحفاظ على قوته وزخم الصراع في المستقبل، خاصة في ظل الضغوط الدولية والداخلية.وبالتالي، في حين أن القدرات للرد موجودة، فإن القرار بالرد بقوة أو اختيار تكتيكات أخرى سيكون مبنياً على حسابات أوسع تشمل الأهداف طويلة المدى للحزب والمنطقة.

وبعد هذا التوتر الكبير بين “إسرائيل” وحزب الله، فان هناك عدة سيناريوهات محتملة تعتمد على سلوك الطرفين والمواقف الإقليمية والدولية:
1. تصعيد محدود: قد يستمر التصعيد لفترة قصيرة عبر تبادل الضربات، مع محاولة الطرفين تجنب حرب شاملة. وهذا السيناريو يشمل ضربات محدودة من حزب الله ضد أهداف إسرائيلية، وردود إسرائيلية موجهة. فالهدف هنا هو إظهار القوة من الجانبين دون الانجرار إلى نزاع طويل الأمد.

2. حرب واسعة النطاق: إذا استمر التصعيد وتجاوز الحدود الحالية، قد ينجر الطرفان إلى حرب شاملة شبيهة بحرب 2006،وفي هذه الحالة، ستشهد المنطقة تصعيداً عسكرياً واسعاً، مع ضربات مكثفة ضد المدن الإسرائيلية واللبنانية. هذا السيناريو سيكون له تداعيات كارثية على لبنان، بالنظر إلى التدمير الواسع المحتمل للبنية التحتية.

3. تهدئة بتدخل دولي: قد تتدخل الأطراف الدولية والإقليمية مثل الولايات المتحدة، فرنسا، والأمم المتحدة للضغط على الجانبين لوقف التصعيد. هذا التدخل يمكن أن يؤدي إلى هدنة أو اتفاق لوقف إطلاق النار، خاصة إذا كانت الضغوط الدبلوماسية قوية بما يكفي.

4. مواجهة محدودة دون تصعيد: قد يكتفي «حزب الله» برد محدود للحفاظ على موقفه السياسي والعسكري دون الدخول في مواجهة شاملة،وفي هذه الحالة، من المتوقع أن تقوم “إسرائيل” بضربات محددة وتوجيهية، لكن دون السعي إلى توسيع الصراع.

5. التأثير على الوضع اللبناني الداخلي: التصعيد الحالي قد يؤدي إلى تفاقم الأوضاع الداخلية في لبنان، حيث قد يتعرض البلد لمزيد من الضغوط الاقتصادية والسياسية، مما يزيد من تعقيد الأزمات الحالية. وبالتالي فان المجتمع الدولي قد يتدخل ليس فقط لمنع التصعيد، ولكن أيضاً لتخفيف الضغط عن لبنان.

والتوقع الأكثر ترجيحًا هو حدوث تصعيد محدود في الوقت الراهن، حيث يسعى الطرفان إلى تجنب حرب شاملة، ولكن هذا يعتمد على مدى نجاح الوساطات الدولية.


المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author