بغداد/المسلة: تبدو قضية اختيار رئيس البرلمان العراقي وكأنها دخلت مرحلة جديدة من التعقيد السياسي، حيث نشهد تغيرات غير متوقعة في اللحظات الأخيرة. فبعد أن كانت قضية منصب رئيس البرلمان مهملة لعدة أشهر، عادت فجأة إلى الواجهة مع تدخل الإطار التنسيقي، الذي بدا وكأنه قرر حسم الملف بشكل سريع، متجاوزًا الانقسامات الداخلية التي كانت تعرقل الاتفاق على شخصية واحدة لتولي المنصب.
الأحداث الأخيرة تشير إلى أن الإطار التنسيقي، بعد جولات من التفاوض والضغط السياسي، قرر الالتفاف حول اسم محمود المشهداني، رئيس البرلمان الأسبق، ليكون البديل المنتظر لمحمد الحلبوسي.
وهذا التوجه أثار تساؤلات حول السبب الذي دفع الإطار إلى إعادة فتح الملف الآن، خاصة بعد أن كان ملف البرلمان قد اختفى تقريبًا من أجندة الاجتماعات السياسية في الأشهر الأخيرة.
ما يضيف إلى تعقيد المشهد هو أن المنافسة على المنصب لم تكن مقتصرة على المشهداني فقط؛ اذ ان سالم العيساوي مرشحًا بارزًا أيضًا، وقد تمكن من الاقتراب من الفوز بالمنصب في انتخابات سابقة، إلا أن التسريبات الأخيرة تفيد بأنه ربما ينسحب من السباق بعد جولات من التفاوض المكثف.
وفي حال تأكيد انسحابه فان يمثل خطوة ضرورية لتمهيد الطريق أمام المشهداني .
رغم هذه التطورات، يبدو أن الدعم للمشهداني لم يأت من دون تضحيات سياسية من أطراف الإطار التنسيقي نفسه. فالمعلومات تشير إلى أن قادة الإطار، وفي مقدمتهم نوري المالكي، قرروا تجاوز خلافاتهم الداخلية وتوحيد رؤيتهم حول شخصية واحدة، وذلك في ظل ما يمكن اعتباره جهودًا لتحصين “الجبهة الداخلية” في مواجهة التوترات الإقليمية التي قد تنعكس على الوضع العراقي، خصوصًا مع تصاعد الأزمات في لبنان وفلسطين.
على الجانب الآخر، هناك شكوك حول مدى استقرار هذا الاتفاق، إذ كانت هناك مؤشرات على أن تحالفات جديدة قد تتشكل بشكل غير متوقع. فقيس الخزعلي، الذي كان قد تحالف سابقًا مع الحلبوسي، أبدى استعداده للعودة إلى طاولة المفاوضات مع الإطار التنسيقي. هذه الحركة قد تكون مؤشرًا على تحولات جديدة في ميزان القوى، مما قد يعيد خلط الأوراق من جديد.
في خضم هذه التطورات، يبقى السؤال الأكبر هو ما إذا كان المشهداني سيتمكن من الحصول على الدعم الكافي من النواب للوصول إلى المنصب. فالجلسة المقررة لاختيار رئيس البرلمان قد تتحول إلى ساحة لتصفية الحسابات السياسية، خصوصًا مع بقاء احتمال أن يرفض بعض النواب الحضور، وهو ما قد يعيق التصويت اللازم. لكن حتى الآن، يبدو أن التوافق الذي تم التوصل إليه يضع المشهداني في موقف قوي، مدعومًا بتحالفات داخلية وخارجية واسعة.
التجربة العراقية في إدارة التوازنات السياسية دائمًا ما تحمل مفاجآت في اللحظات الأخيرة، وليس من المستبعد أن نشهد تحولًا جديدًا قد يعيد الحسابات بالكامل.
وفي ظل هذه الظروف، يظل المشهداني هو الاسم الأقرب للمنصب، لكنه سيحتاج إلى تجاوز عقبات عدة، من ضمنها تأكيد انسحاب العيساوي بشكل رسمي وحضور جميع الأطراف المعنية لضمان تمرير التصويت بنجاح.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
أخبار ذات علاقة
ترامب يرد على منتقدي نفوذ ماسك: لم يولد في أميركا ولن يصبح رئيساً
حل الحشد: الحلم المستحيل أم ضغط دولي لا مفر منه؟
العثور على جثة قبطان سوري في سفينة بأحد موانئ العراق