بغداد/المسلة:
سيف الدين زمان الدراجي
من وجهة نظري ارى ان إدارة ترامب المرتقبة لديها توجهات تثير القلق بشأن تأثيرها على السياسة الداخلية والخارجية للولايات المتحدة، خاصة مع تعيين شخصيات اكثر ما يمكن ان نقول عليها بأنها سياسية شعبوية في مناصب حساسة. الخطوة المتمثلة في ترشيح أشخاص مثل بيت هيجسيث وتولسي غابارد تنذر بتوجهات أيديولوجية وشعبوية تهدد استقرار المؤسسات العسكرية والأمنية داخل الولايات المتحدة. هذه التعيينات تعكس رغبة ترامب في تحدي ما يُسمى بالدولة العميقة، مما يهدد استقلالية المؤسسات الأمنية ويثير مخاوف من تصفية حسابات سياسية داخلها.
السياسة الخارجية التي قد تنتهجها الإدارة الجديدة تميل إلى التصعيد، خاصة تجاه الصين وإيران، ومع تقارب العلاقات الثنائية والنفوذ بين العراق وإيران فلربما ذلك سيكون له تأثيرات كبيرة، وقد يعكس رؤية متشددة يمكن أن تؤدي إلى تصاعد التوترات الدولية.
داخليًا، هذا النهج قد يضعف الروح المعنوية داخل المؤسسات الاستخباراتية والعسكرية الأمريكية، وقد يثير الشكوك بين الشركاء الدوليين بشأن موثوقية الولايات المتحدة كحليف.
في هذا السياق، على العراق أن يتعامل مع هذه الإدارة بذكاء استراتيجي يحمي مصالحه. توجيه العلاقات نحو المصالح المشتركة مثل محاربة الإرهاب يمكن أن يُشكّل نقطة ارتكاز للتعاون، مع العمل على تعزيز التواصل مع شخصيات أكثر اعتدالًا في الإدارة لتخفيف حدة السياسات المتطرفة. في ظل التصعيد المتوقع مع إيران، ينبغي على العراق أن يحرص على لعب دور محايد يحفظ سيادته ويجنب أراضيه أن تكون ساحة لتصفية النزاعات الإقليمية.
تحقيق التوازن في العلاقة مع إدارة ترامب الجديدة يتطلب من العراق اعتماد استراتيجية شاملة تركز على تحييد الصراعات الإقليمية وتعزيز العلاقات مع الحلفاء الدوليين، لضمان الحفاظ على الاستقرار الداخلي والإقليمي. إبراز العراق كشريك أمني موثوق وقادر على دعم الجهود الدولية لمكافحة الإرهاب يمثل خطوة حاسمة لتعزيز موقعه كعنصر فاعل في استقرار المنطقة، خصوصاً أن هذا النهج يتماشى مع الرغبة الأمريكية في تحقيق انتصارات سياسية وأمنية ملموسة دون تكبد تكاليف باهظة.
إدارة ترامب، التي تنظر إلى السياسة الدولية من منظور تجاري براغماتي، تسعى بشكل واضح إلى تقليص التواجد العسكري الأمريكي في الخارج، وهو هدف يتطابق مع الجهود العراقية لتقليل الاعتماد على الوجود الأجنبي في البلاد. مع ذلك، من الضروري ضمان أن يتم هذا التوجه دون المساس بالمصالح الأمريكية في المنطقة، خاصة تلك المتعلقة بمواجهة النفوذ الإيراني الذي تراه إدارة ترامب تهديدا لها، والحفاظ على الاستقرار الأمني. مع أهمية تعليل ضرورة استمرار التعاون العراقي الايراني لوجود مصالح عراقية لاسيما فيما يتعلق بملف الكهرباء والحدود المشتركة والاواصر الثقافية والدينية.
العقلية التجارية لترامب تجعل من الضروري طمأنة الإدارة بأن أي تقليص للوجود العسكري لن يُترجم إلى تهديد مباشر للمصالح الأمريكية، سواء من حيث الأمن أو الاقتصاد.
على صانع القرار العراقي العمل بحكمة لتبديد المخاوف الأمريكية من استقلالية القرار العراقي، مع وضع سياسة خارجية متوازنة ومتناغمة مع الأجندة الأمنية طويلة الأمد للبلاد. هذا يشمل تعزيز العلاقات مع الولايات المتحدة في المجالات غير العسكرية مثل الاقتصاد والطاقة، ما يساهم في إبراز العراق كدولة ذات سيادة قادرة على الموازنة بين مصالحها الوطنية ومتطلبات التعاون الدولي.
رغم أن الوقت قد يكون مبكراً لتحليل توجهات الإدارة الأمريكية الجديدة بدقة، إلا أن التجربة مع إدارة ترامب الأولى تكشف عن نمط يتطلب من العراق الاستعداد لمختلف السيناريوهات المحتملة. التعاطي مع هذه الإدارة يتطلب التروي والعقلانية، مع وضع خطط استباقية تعكس الفهم العميق للمصالح المتبادلة وتجنب الدخول في أزمات قد تؤثر على الأمن أو الاقتصاد العراقي.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
أخبار ذات علاقة
ترامب: سأوقف الفوضى في الشرق الأوسط والحرب بأوكرانيا
محافظ المثنى يكشف عن فتح مقبرة جماعية: أكثر الجماجم لأطفال صغار
البطالة القانونية: عندما تتحول العدالة إلى أزمة مهنية