المسلة

المسلة الحدث كما حدث

المفاوضات الإيرانية الأوروبية في جنيف.. هل تُمهّد لاختراق نووي؟

المفاوضات الإيرانية الأوروبية في جنيف.. هل تُمهّد لاختراق نووي؟

28 نوفمبر، 2024

بغداد/المسلة:

محمد صالح صدقيان

تعقد إيران مع الترويكا الأوروبية ممثلة بكل من ألمانيا فرنسا وبريطانيا اجتماعاً علی مستوی معاوني وزراء الخارجية في العاصمة السويسرية جنيف، يوم غد الجمعة ، لمحاولة إيجاد لغة مشتركة وتقليل التوترات التي تلقي بظلالها علی العلاقات الإيرانية الأوروبية والإيرانية الأمريكية.

وتُعتبر هذه المفاوضات الأولی من نوعها منذ سنتين، والأولی أيضاً في عهد حكومة الرئيس مسعود بزشكيان، برغم الانتقادات التي تُوجهّها أوساط إيرانية معنية لموقف الإتحاد الأوروبي الذي لم يعمل علی تنفيذ الجانب الإقتصادي من الاتفاق النووي الذي انسحبت منه الولايات المتحدة في العام 2018. ولا تتوقع طهران حصول تقدم كبير في هذه المفاوضات لكن انعقادها يعكس رغبة الجانبين بالسير معاً على طريق خفض التوتر واستئناف المسار الدبلوماسي، علماً أن هذه الجولة من المحادثات، تم التخطيط لها منذ اجتماعات نيويورك، على هامش انعقاد الجمعية العامة السنوية للأمم المتحدة في أيلول/سبتمبر الماضي، ولا سيما مع المفوض الأوروبي للشؤون الخارجية ” جوزيب بوريل “وسيتم خلالها مناقشة مجموعة من القضايا والموضوعات الإقليمية والدولية، بما في ذلك قضية فلسطين ولبنان، إلى جانب الملف النووي”، على حد تعبير إسماعيل بقائي، المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية الإيرانية.

وقالت مصادر قريبة من مجلس الأمن القومي الإيراني إن فتح باب الحوار بين إيران وأوروبا “يجب أن يأخذ في الاعتبار تنصل الجانب الأوروبي من وعوده بشأن تنفيذ الجانب الإقتصادي من الإتفاق النووي الموقع عام 2015؛ كما سيناقش الهواجس الإيرانية التي أعقبت فوز الرئيس دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية الأمريكية الأخيرة.

وعلی الرغم من عدم ارتياح التيار الأصولي المحافظ لمسار إعادة تفعيل الحوار مع الأوروبيين لكن الأوساط الرسمية الإيرانية تعتبر أن الاجتماع “يُشكّل خطوة مهمة في بناء الثقة بين إيران والجانب الأوروبي، وفي حال استمرار هذا المسار، يُمكن أن يؤدي إلى إنهاء القطيعة التي استمرت عامين بشأن تفعيل خطة العمل المشترك (الاتفاق النووي)”.

وقال كبير المتحدثين باسم الاتحاد الأوروبي، بيتر ستانو، إن إنريكي مورا، نائب مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، سيجتمع مع نائب وزير الخارجية للشؤون السياسية الإيراني، مجيد تخت روانجي، لمناقشة مجموعة من القضايا.

ورأی المتحدث باسم وزارة الخارجية البريطانية، تعليقاً على عقد هذا الاجتماع، أن لندن تسعى إلى تخفيف التوتر بشأن الملف النووي الإيراني عبر القنوات الدبلوماسية المختلفة.

بدوره، عبّر، علي لاريجاني، مستشار المرشد الإيراني الأعلی الإمام علي خامنئي، عن ثقته بامكانية التوصل مع الدول الغربية وتحديداً مع الإدارة الأمريكية الجديدة إلی صيغة من شأنها إزالة القلق من البرنامج النووي الإيراني مقابل ازالة العقوبات الاقتصادية المفروضة علی إيران وتعويض الخسائر التي تكبّدتها إيران طوال فترة الحظر.

وتعتقد مصادر إيرانية أن قرار مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية الأخير القاضي بإدانة إيران “هو خطوة غير موفقة ورسالة غير ودية ولا تُحقّق الحفاظ علی المصالح الغربية في المنطقة”؛ فيما قال وزير الخارجية عباس عراقجي “نحن على استعداد تام للمفاوضات، برأيي أنها ممكنة ويمكن للطرفين العمل في هذا الصدد، ولكننا ما زلنا نعتبر نافذة الدبلوماسية مفتوحة، بشرط أن تكون هناك إرادة حقيقية من الجانب الآخر. إذا لم يكن هناك مثل هذه الإرادة لدى الجانب الاخر، فمن الطبيعي أن نتخذ طريقاً آخر”؛ مشيراً إلی أن إيران لديها الاستعداد اللازم لأي مسار وهي مستعدة لمختلف السيناريوهات “وإذا وصلنا إلى نقطة المواجهة فنحن جاهزون للوصول إليها، وإذا وصلنا إلى نقطة التفاعل فنحن جاهزون أيضاً”.

وكانت طهران قد رفضت مقايضة التوصل إلى وقف لإطلاق النار مع لبنان مقابل نجاح المفاوضات مع الدول الغربية في جنيف، وأكدت أنها لا تفاوض بالنيابة عن اللبنانيين أو غيرهم من شعوب المنطقة وأنها جاهزة لمقاربة الملف النووي الإيراني “فإذا توصلنا إلى مقاربات مشتركة ومقبولة من الجانبين، سيكون ذلك كفيلاً بتعزيز الأمن والاستقرار والسلام في الشرق الأوسط”..

ويعتقد الفريق الإصلاحي في إيران أن نجاح المفاوضات بين طهران والجانب الأوروبي “يُمكن أن يكون مقدمة لمسار صعب من المفاوضات مع إدارة الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب لكن مثل هذه المفاوضات وذاك المسار يصطدما مع الجهود التي تبذلها قوی متشددة داخل إيران وخارجها وخصوصاً في ظل المعلومات التي تتحدث عن استعداد ترامب للتوصل إلى “صفقة كبری” مع إيران التي تتقن جيداً لعبة الصفقات الكبری شرط أن تكون نتيجتها على قاعدة رابح/ رابح”.

لطالما أبدت إيران استعدادها للدخول في مفاوضات نووية جدية إنطلاقا من اتفاق 2015 لكن شرط الحصول على ضمانات من اجل استدامة الاتفاق النووي الجديد الذي ترغب إدارة ترامب بالتوصل إليه.

ويسود إعتقاد أن ترامب ربما يمتلك راهناً عوامل القوة التي تجعله قادراً على تمرير أي اتفاق يُبرمه مع إيران من أجل اعطاء مثل هذه الضمانات خصوصاً وأن الجمهوريين باتوا يسيطرون حالياً علی مجلسي الكونغرس (الشيوخ والنواب)، علی عكس إدارة الرئيس جو بايدن التي كانت تتقدم خطوة وتتراجع خطوتين إلى الوراء في كافة الملفات الدولية وليس في الملف الإيراني فحسب.


المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author