المسلة

المسلة الحدث كما حدث

 كواليس سحب قانون الحشد: لا ضغوط خارجية بل صراع داخلي يعرقل القرار

 كواليس سحب قانون الحشد: لا ضغوط خارجية بل صراع داخلي يعرقل القرار

22 غشت، 2025

بغداد/المسلة: تكشف متابعة مسار مشروع قانون الخدمة والتقاعد الخاص بالحشد الشعبي عن صورة عميقة لتعقيدات المشهد السياسي في العراق، حيث يتجاوز الأمر مجرد نص تشريعي إلى كونه ساحة اختبار لمدى تماسك القوى الشيعية الماسكة بالسلطة.

وتظهر كواليس سحب المشروع أن القرار كان انعكاسًا لصراع داخلي محتدم أكثر من كونه استجابة لعوامل خارجية، في دلالة على أن الحسابات الفئوية ما زالت تتحكم في مسارات التشريع.

وتبرز خلفيات هذا التراجع كيف تتحول القوانين ذات البعد السيادي إلى أدوات تفاوض بين القوى المتنافسة، بدل أن تكون تعبيرًا عن رؤية وطنية جامعة، فيما تشير الوقائع إلى أن ملف الحشد الشعبي لم يعد معزولًا عن لعبة المحاصصة، بل أصبح جزءًا من شبكة المصالح التي تحدد مسار الدولة.

والتصريحات البرلمانية تؤكد  أن أزمة القانون ليست تقنية أو إجرائية، بل سياسية بامتياز، تكشف عمق الانقسام داخل مراكز القرار وصعوبة إنتاج توافق مستقر.

وفتح كشف النائب هادي السلامي عن خلفيات سحب مشروع قانون الخدمة والتقاعد الخاص بهيئة الحشد الشعبي بابًا واسعًا للتأويلات، إذ بدا واضحًا أن القرار لم يكن وليد لحظة تشريعية عابرة، بل نتاج حسابات سياسية متشابكة داخل الإطار التنسيقي، الذي يواصل الإمساك بمفاصل القرار الحكومي.

وأكد توضيح السلامي أن الأمر لا يرتبط بما تردد عن ضغوط أمريكية، وهو ما يعيد رسم المشهد على نحو مختلف، حيث تتحول الأنظار إلى طبيعة التوازنات الداخلية التي تحكم مواقف الكتل السياسية. وتكشف الإشارة إلى اجتماع الإطار وقرار سحب القانون عن استمرار قدرة هذا التحالف على فرض أجندته على رئاسة الوزراء، بما يعكس تراتبية السلطة داخل منظومة الحكم.

واستعاد النقاش حول القانون صورة الانقسام العميق داخل الإطار التنسيقي بشأن توزيع المناصب والامتيازات، وهو ما يضع الحشد الشعبي في قلب معادلة لا تقتصر على البعد العسكري والأمني، بل تمتد إلى الحسابات المالية والإدارية التي تسعى الأطراف المختلفة إلى ضبطها لصالحها. ويبدو أن غياب التوافق يحول دون إعادة المشروع إلى البرلمان رغم مرور أشهر، الأمر الذي يعكس حجم الانسداد السياسي وغياب الرؤية الموحدة.

وتشير هذه التطورات إلى أن ملف الحشد الشعبي لم يعد محصورًا في مسألة قانونية أو إدارية، بل أصبح انعكاسًا لمعادلة القوة داخل البيت الشيعي نفسه. ومن الواضح أن الصراع على الامتيازات سيظل عامل تعطيل لأي محاولة إصلاح تشريعي، ما لم تُحسم أولويات الفاعلين السياسيين بعيدًا عن لغة المحاصصة والتنازع الداخلي.

 

 


المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author