المسلة

المسلة الحدث كما حدث

عراق “رواتب الأشباح”: لماذا تبدو الأرقام الرسمية أقل من الواقع؟

عراق “رواتب الأشباح”: لماذا تبدو الأرقام الرسمية أقل من الواقع؟

7 دجنبر، 2025

بغداد/المسلة: يشتعل الجدل حول ما يُعرف بالنفقات التشغيلية في عهد حكومة السوداني، ليبرز أمام الرأي العام العراقي سؤال محوري: هل الأرقام المعلنة تعكس واقعاً مالياً دقيقاً أم أنها تُستخدم أداة سياسية يضخم بها “عجز” حكومي؟.

وتكشف المعطيات الأخيرة، أن وزارة المالية العراقية نفت بشكل قاطع أن تصل النفقات التشغيلية إلى 8 تريليونات دينار كما ورد في تصريحات بعض نواب البرلمان، مؤكدة أن سقف الرواتب — بما يشمل الموظفين والمتقاعدين والمتلقين من شبكة الحماية الاجتماعية — يصل فعلياً إلى نحو 6 تريليونات دينار شهرياً، في مستوى يتناسق مع معدّل الإيرادات المتحققة.

وذكرت الوزارة أن ما أشار إليه النائب على أنه “عجز” بقيمة 2 تريليون دينار ليس سوى جزء من دورة التدفق النقدي العادية، مخصّص لتمويل رواتب الشهر القادم، وليس ديناً أو عجزاً يُحرج الخزينة.

وعلى نحو آخر يرى خبراء، ومنهم نبيل المرسومي، أن الحسابات التي تم نشرها على الموقع الرسمي لوزارة المالية حتى أيلول 2025 تعكس واقعاً مغايراً: إذ تظهر أن التعويضات وبدلات الموظفين بلغت 45.563 تريليون دينار، والمنح والأجور 3.604 تريليون، والرّواتب التقاعدية 14.175 تريليون، إضافة إلى 550 مليار دينار لمعيني المتفرغين، و4.263 تريليون دينار لصالح شبكة الحماية الاجتماعية، ما يجعل إجمالي الرواتب المدفوعة 68.155 تريليون دينار. بمعنى أن المتوسط الشهري يفوق 7.5 تريليون دينار، وهو ما يتجاوز كثيراً الإعلان الرسمي لـ 6 تريليونات دينار.

وفي ضوء هذا التناقض، يثير الوضع تساؤلات جدّية حول شفافية البيانات المالية في الدولة العراقية؛ فغياب تفسير واضح لهذا الفارق يشكّل أرضية خصبة للتأويلات، وقد يعكس خللاً محاسبياً أو التباساً في تصنيف البنود — بين رواتب مباشرة، رواتب متأخرة، مستحقات تقاعدية، منح اجتماعية، وغيرها.

وأكثر من ذلك، تتزامن هذه الأرقام مع تحذيرات متكررة من انهيار الاقتصاد الوطني إن استمر اعتماد موازنة الدولة على الإيرادات النفطية وحدها، في وقت يشهد فيه سوق النفط تذبذباً. كما أن الاعتماد على الوقوف عند سقف الرواتب الشهرية بحدود “6 تريليونات” دون توضيح تفصيلي لبقية البنود التشغيلية يعزز مخاوف من أن هناك نفقات تجري خارج إطار الشفافية.

من ثم، فإن الجدال الحالي ليس مجرد منازعة على أرقام، بل صراع حول مدى مصداقية الإعلان المالي، وقدرة الحكومة على إدارة موارد الدولة بوضوح، في ظل شعب يراقب كيف تنفق أمواله.

 

 


المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author