المسلة

المسلة الحدث كما حدث

وماذا بعد زيارة الاربعين؟

وماذا بعد زيارة الاربعين؟

18 سبتمبر، 2022

بغداد/المسلة:

محمود الهاشمي

شهدت زيارة الأربعين هذا العام تطورا لم تشهده من قبل ،سواء في عدد الزائرين او في عدد المواكب وكذلك في عدد الزوار الأجانب المنتمين ل(80)دولة ناهيك عن التنظيم والنشاطات والفعاليات التي رافقت طريق الزائرين والاعلام الذي غطى الزيارة بمهنية وحماس كبير .
هذه الشعيرة التي ربما هي الأكبر بالعالم تؤديها الشعوب ،قد انتهت مراسيمها ،وسيعود الزائرون الى منازلهم ودولهم وترفع المواكب وتخلو الطرقات، فيما يبقى التساؤل الأكبر.. وماذا بعد زيارة الأربعين؟

هذه الشعيرة تؤدى في بلد غابت فيه الخدمات وعشعش فيه الفساد الإداري والمالي ليحصد جائزة الثاني عالميا، كما غابت مشاريع الإسكان والبنى التحتية والمعامل والمصانع وفرص العمل.

الزيارة هذا العام انتهت لننتظر عاما اخر نواجه فيه ذات الازمات ،وفي مقدمتها (الازمة السياسية ) حيث يبدو السياسيون الذين اجلوا جميع مواعيدهم الى ما بعد (الاربعينية) في “مراوحة تامةٍ ” فلم يتعظوا من شيخ ولا من طفل ولا من شاب شارك بالزيارة وهم يتفانون من اجل انجاحها بعد ان بذلوا مالهم وراحتهم وسخروا اسرهم في خدمة ابي عبد الله الحسين (ع)!

زيارة الأربعين هي جزء يسير من الوفاء لا بطال ثورة الطف الذين قالوا كلمتهم عند سلطان جائر ونالوا شرف الشهادة من اجلها رجالا ونساء وصولا الى الاطفال الرضع والكهلة.

هل سنعود بعد الزيارة لنمارس مهنة الكذب والرياء والتآمر على بعضنا البعض والى الوشاية وسرقة المال العام والخاص ،ونمارس القتل والنهب والخطف؟

هل سنعود الى دوائرنا ونعمل بالاقل من الوقت ؟هل سنغل ايدينا ونمنع الصدقة والماعون ،وننزعج من طرقة باب لفقير؟

هل سنشهد شوارع مدننا ملأى بالنفايات؟

السياسيون الذين ينتظرون انتهاء مراسيم شعيرة الأربعين هل سيعقدون جلسة مجلس النواب وينظرون بحال شعبهم بالمصادقة على الموازنة والعمل على نهضة اقتصادية والتأسي بالحسين ع وبأهله واصحابه ام سيعاودون الخلافات للبدء بالأزمات التي لاحت بوارقها برفع بوابات الخضراء لتبدء “فتنة” جديدة وتراق دماء لا سمح الله ؟

لو ان هذه الحشود التي تجاوزت العشرين مليون جمعت قبضتها وهوت على رأس الفاسدين
فهل يمكن لفاسد ان يتجاوز على مال عام او خاص.؟

لا يمكن ان نكون(حسينيبن) فقط على مدى الزيارة ،ثم نعود الى مهننا السابقة ونتجرد من قيمنا وديننا ؟
لانريد ان نشكك بناسنا واهلنا وشعبنا ،ولكن يبدو ان الناس -حقا-على دين ملوكها ،فهذي الجموع المليونية تحتاج الى (قائد )لان شعوبا غيرنا ايضا عاشوا الظلم والفساد فجاءت قيادة نظمت حياتهم وفجرت طاقاتهم واستفادت من رموزهم الدينية والوطنية فاستووا على جادة الحق والصواب وشيدوا اوطانهم.

هذا النظام الذي رافق الزيارة لو يدرس بشكل مهني لاذهل الأمم الأخرى حيث بظرف عشرة أيام يدخل مدينة (20) مليون انسان فيهم الكبير والصغير والنساء والأطفال والمرضى والمعوقون فيدخلون بكل سلاسة ويعودون وهم معافون فرحون بما لقوا وماادوا من واجب مقدس.

ولكن بالإمكان ان نسال الشاب الذي ينظف الطريق ويساعد المريض والعاجز ويكرم الضيف فهل هو ذاته الذي هاجم الدوائر الحكومية وعطل الدوام واعدم شابا على عمود الكهرباء ؟

العلة ليس بهؤلاء المشاركين فالعلة اننا لم ننظم امرنا ولا نرقى الى نوع شعبنا الذي اذهل العالم كرما ونظاما.
لا يمكن لنا ان نتهم شعبنا ب(الفساد) فالمواطن الذي يعيش في بيئة حسينية وقياداته تؤمن بالحسين خرج من اجل (اصلاح) الامة لايمكن ان يمارس (الفساد)!

نحن من نختار السيء ليكون (حاشية) ونترك العناصر “النظيفة “ونحن من نسرق ونحث الاخرين على السرقة.

الشعب الذي أدى مراسيم زيارة الأربعين نظيفاً طاهرا مهذبا منظما يحتاج الى قائد يأخذ بيده الى مواطن النجاح ،دون ان يكذب،وهو اول الفاسدين . وحتى لانحصر ثورة الامام الحسين في حدود (الشيعة) فان جميع العراقيين يرون في الحسين ثائرا ومظلوما ومصلحا وهذا ما جاء في بيانات المسؤولين بمناسبة ذكرى عاشوراء، وقد اثنوا عليه سلام الله عليه وعلى ثورته وتضحياته.

نريد ان نرى حسينا في سياسيينا وفي مسؤولينا ودوائرنا ومنازلنا ومدارسنا وجامعاتنا .والا ستبقى مراسيم احياء ابطالنا وقادتنا ورموزنا الدينية مجرد حالة (رومانسية )تنتهي بانتهاء احيائها.

ثقوا ان زيارة الاربعين ازعجت اعداءكم الذين لم تمنح وسائل اعلامهم دقائق من اجل نقل وقائعها بل كانوا يرقصون ويهللون ويغنون.

الحسين ليس ملكا لاحد بل هو ملك لكل احرار العالم، وان اهل العراق يكفي شرفا ان ارضهم تحتضن جسده الشريف.

ونحن لا نرى في قبره الشريف مجرد قبر بل نرى فيه ثورة وكرما وتضحية واصلاحا وكما قلت؛-

(واعحب ُان الظلمَ يبدي ظلامَهُ
فيطردهُ. عن كوكب الارضِ مصرعُ

وفلسفةٌ للموتٍ انتَ اخترعتها
ولم يأتها من قبلُ يوماً مشرّعُ

بان الفتى في الحربِ يهريقُ دمُّهُ
فينبتُ هذا الدمّ نورا ويسطعُ

وانْ شكَّ مَنْ قد شكَّ انكَ ميتٌ
فقبرُكَ حتى الان يحكي ونسمعُ)

السلام عليك يااباعبدالله الحسين وعلى دمك الطاهر الذي غسل الارض من دنسها
والسلام على اهلك واصحابك وزوارك مابقينا وبقي الليل والنهار.


المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.