المسلة

المسلة الحدث كما حدث

الحمى النزفية تضرب العراق بفوضوية الذبح و الحظائر بالمدن وضعف الخدمة البيطرية

الحمى النزفية تضرب العراق بفوضوية الذبح و الحظائر بالمدن وضعف الخدمة البيطرية

6 يوليو، 2022

بغداد/المسلة: وقعت عشرت الإصابات بمرض الحمى النزفية بين سكان العراق، في بلد يعاني من فوضي ذبح الحيوانات، وعدم تربيتها في مراعي صحية مناسبة، فضلا عن انتشار حضائر الحيوانات داخل المدن، وفق تقرير كتبه لـ المونيتور، عدنان أبوزيد.

وترتفع إصابات الحمى النزفية في العراق، بشكل مضطرد، مخلفة وفيات عديدة، لتنتقل الى إقليم كردستان في الشمال العراقي، حتى وصلت المخاوف الى الحد الذي أعلنت فيه إدارة المستشفى البيطري في محافظة ذي قار، في 11‏ حزيران/يونيو‏، 2022 عن تحرك دولي للقضاء على مرض الحمى النزفية في المحافظة بالتعاون مع منظمة الصليب الأحمر الدولي.

وفي كركوك (شمال)، أزالت مديرية الصحة، حظائر الحيوانات من داخل المدينة، لمنع اي انتشار جديد للمرض.

وفي ميسان (جنوب) اطلقت حملة تطوعية في اسواق ومحال القصابة و بيع الأسماك و بيع الدواجن.

والحمَّيات النزفية الفيروسية هي من بين حالات طوارئ الصحة التي تثير قلقاً دولياً كما حددتها اللوائح الصحية الدولية (2009)، وفي العقدين الماضيين، تفشت حميّات فيروسية مختلفة، وتم الإبلاغ عن حميات نزفية فيروسية في أكثر من 12 بلداً.

غير إن المرض في العراق ليس مستحدثا، فبحسب الناطق الرسمي لوزارة الصحة في العراق سيف البدر، في ‏الأحد‏، 12‏ حزيران‏، 2022 في حديثه لـ المونيتور فإن “المرض في العراق مستوطن في البلاد منذ سبعينيات القرن الماضي حيث سجلت عدة اصابات، لكنها ارتفعت بشكل حاد، هذا العام، لتصل الى 160 اصابة مؤكدة، منها 26 حالة وفاة وتركزت الإصابات في ذي قار وميسان وبابل والمثنى والديوانية (وسط وجنوب)، وفي إقليم كردستان (شمال)”.

وقال البدر إن “وزارة الصحة تمتلك المختبرات والآليات التي تساعد على الكشف المبكر، وهي صاحبة خبرة واسعة في المعالجة”، مشيرا الى إن “دورها هو في معالجة الإصابات فضلا عن التثقيف ونشر الوعي، اما وزارة الزراعة فهي المسؤولة عن مكافحة الحشرات والحيوانات المصابة وتحديد طرق وأماكن الذبح، كما إن عمليات انتقال الماشية من محافظة الى أخرى هو من مسؤولية الجهات الأمنية، وأمانة العاصمة والحكومات المحلية”.

ويعترف البدر بان “الإجراءات المتخذة لمواجهة الجزر العشوائي دون المستوى المطلوب”.

المتحدث باسم وزارة الزراعة حميد النايف، يتحدث لـ المونيتور عن إن “وزارة الزراعة تعمل عبر دائرة البيطرة التي تضم أطباء متخصصين وخبراء صحة على مكافحة الأمراض التي تصيب الحيوانات على مدار السنة”، مشيرا الى “تنظيمها برامج مستمرة لتعزيز الوقاية من الحمى القلاعية والبروسيلات وهو داء حيواني المنشأ شديد العدوى وغيرها من الأمراض التي تصيب الثروة الحيوانية بشكل دوري”.

يقول النايف أن “الوزارة تحشّد الطاقات حال ظهور الحالات الطارئة للحمى النزفية من خلال الشروع في عمليات واسعة لمكافحة حشرة القراد التي تعد الوسيط الناقل لمرض الحمى النزفية”.

ويرجع النايف أسباب ارتفاع أعداد الإصابات بالحمى النزفية الى “قلة الوعي الصحي، وعمليات الذبح العشوائي داخل المدن بعيدا عن أنظار الجهات الصحية، فضلا عن رداءة مستويات النظافة في المزارع وأماكن تربية الحيوانات، واختلاطها مع المربين وأسرهم بشكل مباشر”.

ويكشف النايف عن بدء “الوزارة بإرسال فرق جوالة في كافة انحاء العراق لمكافحة الامراض وتثقيف المربين، والمزارعين، بخطورة المرض وطرق الوقاية”.

يؤكد النايف على إن “اللقاحات غير متوفرة في دول العالم لحسم مرض الحمى النزفية، وان رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي أوعز بشرائها حال توفرها”.

الدكتور  عامر حبيب الخفاجي، يشير لـ المونيتور، الى أن “المرض يعتبر خطيرا في الحالات التي يصل فيها الى مرحلة النزف، الذي يحدث عبر فتحات في الجسم”، مشيرا الى أن “المعالجة الفورية لابد منها فور الشعور بالأعراض”.

ويعرض الخفاجي طرقا وآليات للمكافحة، باتخاذ تدابير على المدى الحالى والقصير والمتوسط للسيطرة منها حصر وتحديد بؤر المرض وتطبيق قوانين الحجر الصحى الخارجى والداخلي وتطهير كافة حقول تربية الحيوان العائدة للدوله وحظائر الحيوانات الخاصه بالمربين بالمطهرات والمبيدات الحشريه لمكافحة البعوض والقراد والقوارض للحد من المرض مع نشر التوعيه الصحيه والوعى الوقائى من خلال الوسائل المتاحه واستخدام المخصبات الحيويه لمعالجة تلوث المياه والاعلاف وحتى الحظائر مع استعمال الفحم الحيوى للتقليل من السموم والملوثات فى حظائر تربية الحيوان وحتى ضمن الاعلاف والمياه.

ويتابع: لابد من اتخاذ كافة السبل للحد من تاثير التغيير المناخي ومواجهة زحف التصحر والعواصف الترابية والجفاف وفقدان الغطاء النباتى وقلة المسطحات المائيه والتى ادت الى فقدان التوازن البيئى والمائي.

وفي دلالة على الاهتمام بتطور المشكلة، دعت رئاسة مجلس النواب العراقي في 9 أيار/ ماي 2022 إلى “عزل المناطق الموبوءة بالحمى النزفية في البلاد”، محذرة من “خطر تفشي الفيروس وارتفاع عدد الإصابات والوفيات”.

تتحدث الدكتورة سلامة الصالحي لـ المونيتور من دائرة البيطرة في بغداد، عن إن “اعراض الحمى النزفية واضحة وحادة تبدأ بالحمى وآلام البطن والارهاق ثم يتطور الى نزف في العين والأنف، وفي الحالات الشديدة تفشل أعضاء الجسم في الأداء الأمر الذي يؤدي الى الوفاة”.

ترى الصالحي إن “ازدياد درجة الحرارة يعتبر عاملا مساعدا في نشاط الفايروس” مشيرة الى “الطرق البدائية وغير الآمنة صحيا في انتقال الحيوانات من منطقة الى اخرى اضافة الى تخلف منظومة الكهرباء التي تؤدي الى تلف اللحوم المحفوظة، فضلا عن العلاجات المستخدمة”.

كما تشير الصالحي الى “نقص الكادر البيطري الكافي للقيام بمكافحة القراد وانواعه بسبب خروج نسبة كبيرة جدا من الاطباء البيطريين الى التقاعد او الهجرة الى الخارج، الذي ادى الى خلو دوائر كاملة وإقفالها لعدم توفر الكادر”.

تشير الصالحي الى “انتشار تربية الحيوانات في المدن في ظاهرة سلبية خطيرة”، مرجعة ذلك الى “الانفلات الامني وانتقال المربين والمزارعين للعيش في المدن مع حيواناتهم، وعدم محاسبتهم بسبب الانتماءات للعشائر او القوى والمؤسسات المتنفذة”.

تقول الصالحي: “من خلال عملي ارصد بشكل واضح، رمي المخلفات بعد الذبح، والحيوانات الميتة في الأنهر والمرافق العامة”.

وفي بلد يعاني من رداءة الخدمات الصحية، وغياب القانون الرادع للذبح العشوائي على الطرقات وفي الميادين العامة،

وارتفاع درجات الحرارة في اغلب فصول السنة، فضلا عن بطأ تطبيق قانون الضمان الصحي، فان فرص انتشار الأمراض الوبائية، تبقى واسعة.

 

 

المسلة – متابعة – المونيتور