بغداد/المسلة: تحولت أول بطولة لكأس العالم لكرة القدم الأولى تقام في الشرق الأوسط إلى استعراض للتوترات السياسية التي تجتاح واحدة من أكثر مناطق العالم تقلبا إضافة للدور الغامض الذي غالبا ما تلعبه الدولة المضيفة قطر، في أزمات الشرق الأوسط.
وامتدت مشاعر التعاطف مع الفلسطينيين بين المشجعين لتصل إلى الملاعب، مع منافسة أربعة فرق عربية في البطولة.
وارتدى اللاعبون القطريون شارات ذراع مؤيدة للفلسطينيين، حتى مع سماح قطر للمشجعين الإسرائيليين بالقدوم في رحلات جوية مباشرة لأول مرة.
وحتى أمير قطر شارك بنفسه في التصرفات ذات الدلالات السياسية، إذ اتشح بالعلم السعودي خلال المباراة التي حقق فيها الفريق السعودي فوزا تاريخيا على نظيره الأرجنتيني، في تشجيع ملحوظ لبلد يتعاون معه لإصلاح العلاقات التي تضررت بسبب التوترات الإقليمية.
وزادت مثل هذه الإيماءات من الأبعاد السياسية لبطولة غارقة في الجدل حتى من قبل انطلاقها بسبب قضايا معاملة العمال المهاجرين وحقوق مجتمع الميم في الدولة المضيفة المحافظة التي تجرم المثلية.
وتزداد الرهانات بالنسبة لقطر، إذ تأمل في أن يؤدي مرور البطولة بسلاسة إلى تعزيز دورها على الساحة العالمية وفي منطقة الشرق الأوسط، التي حافظت على وضعها بها كدولة مستقلة منذ عام 1971 على الرغم من الاضطرابات الإقليمية الكثيرة.
وبدت قطر في كثير من الأحيان وكأنها دولة مختلفة عن باقي المنطقة، إذ تستضيف حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، رغم أنها أقامت في السابق أيضا بعض العلاقات التجارية مع إسرائيل.
وقبل مباراة حاسمة بين الولايات المتحدة وإيران الثلاثاء، عرض الاتحاد الأمريكي لكرة القدم مؤقتا العلم الوطني الإيراني عبر مواقع التواصل الاجتماعي بدون شعار الجمهورية الإسلامية.
وزادت المباراة من أهمية البطولة بالنسبة لإيران، إذ إن الحكومة الإيرانية طالما اعتبرت واشنطن الشيطان الأكبر واتهمتها بإثارة الاضطرابات الحالية.
كما ظهرت الأعلام الفلسطينية بانتظام في الملاعب ومناطق المشجعين ونفدت في المتاجر على الرغم من أن المنتخب الفلسطيني لكرة القدم لم يتأهل.
ورفع المشجعون التونسيون في مباراة بلادهم يوم 26 نوفمبر تشرين الثاني أمام أستراليا لافتة ضخمة تحمل عبارة فلسطين حرة، في خطوة لم يبد أنها استدعت تحرك المنظمين. وتجنب المشجعون العرب الصحفيين الإسرائيليين الذين يغطون البطولة في قطر.
وبينما ظهرت التوترات في بعض المباريات، أتاحت البطولة أيضا فرصة لبعض المساعي التصالحية الواضحة، إذ وضع أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني العلم السعودي حول رقبته في مباراة الأرجنتين في 22 نوفمبر تشرين الثاني.
وظلت علاقات قطر مع السعودية والإمارات والبحرين ومصر مجمدة لسنوات بسبب سياسات الدوحة الإقليمية، بما في ذلك دعم الجماعات الإسلامية خلال انتفاضات الربيع العربي التي بدأت عام 2011.
وفي مسعى آخر للمصالحة بين الدول التي هز الربيع العربي علاقاتها، صافح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان نظيره المصري عبد الفتاح السيسي في حفل الافتتاح في الدوحة 20 نوفمبر تشرين الثاني.
وقال كريستيان كوتس أولريشن، أستاذ العلوم السياسية في معهد بيكر بجامعة رايس في الولايات المتحدة، إن الفترة التي سبقت البطولة كانت معقدة بسبب التنافسات الجيوسياسية على مدى عقد في أعقاب الربيع العربي.
وأضاف أنه يتعين على السلطات القطرية أن تمضى في توازن دقيق فيما يتعلق بالشؤون الإيرانية والفلسطينية، موضحا مع ذلك أن البطولة تضع قطر مرة أخرى في قلب الدبلوماسية الإقليمية.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لا يعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
أخبار ذات علاقة
الملايين تُنفق على الاستشارات والنتيجة: حظر أوروبي مستمر على الخطوط الجوية
المحكمة الاتحادية تثبّت عدم جواز الترشح لأكثر من دورتين لرؤساء الاتحادات والنقابات
مليون عامل أجنبي: فرص العمل المحلية تحت الضغوط