المسلة

المسلة الحدث كما حدث

مهندسات الطرق العراقيات يؤسسن لحضور في المشاريع رغم العقبات الاجتماعية

مهندسات الطرق العراقيات يؤسسن لحضور في المشاريع رغم العقبات الاجتماعية

23 ديسمبر، 2022

بغداد/المسلة: كتب اياد عطية:

يعملن بنفس قدرات الرجال … مهندسات الطرق في الميدان

تحت أشعة الشمس اللاهبة، وفي مناطق خطيرة كانت تسيطر عليها عناصر التنظيمات الإرهابية، خاضت مهندسات العراق التحدي في مشروع طريق دورة -يوسفية السريع، يدفعهن شغف المهنة للتغلب على كل المصاعب التي تواجههن في ميدان عمل عرف بأنه عمل خاص بالرجال.

الرؤى المستقبلية

المهندسة (شذى عباس) مديرة قسم التخطيط في شركة حمورابي، أسهمت مع زميلاتها في نجاح هذا المشروع من خلال عملها في القسم الذي يقوم بوضع الخطط الطويلة والقصيرة الأمد لمشاريع الشركة، ومع أن أعمال هذا القسم مكتبية، لكن هناك في الواقع حرصاً على الحضور إلى ميادين العمل كلما تطلب ذلك.

تؤكد المهندسة شذى أن عملية التخطيط تحتاج إلى عمل منظم ومدروس، ففي ضوء الدراسات التي يجريها القسم، يجري تزويد الوزارة بالبيانات والاحصائيات عن مجمل نشاط الشركة عن طريق قاعدة معلومات عريضة تتيح للشركة وإدارتها تكوين صورة واضحة عن مؤشرات التقدم في الشركة.

دعم متواصل

تحظى (شذى عباس)، مثل سواها من المهندسات والموظفات في المشاريع إذ يشكل حضور النساء دوراً محورياً في العمل  ، وتقع على عاتقهن مهام كبيرة، إذ تمثل المرأة ركيزة أساسية في عملية بناء المجتمع ونهوضه.
عمل المهندسات  وبينهن شذى، قد يتطلب منهن حضوراً منذ الصباح الباكر في مواقع العمل المختلفة التي تنفذها الشركة، وقد يمتد إلى ساعات طوال، ومع هذا فإنهن اخترن هذه الحياة وهذه المهنة التي تشعرهن بكيانهن كمهندسات يعملن من أجل الإسهام بدور فاعل في إحداث تغيير إيجابي في البلاد، ولاسيما في مجال مهم وحيوي كمجال الطرق والجسور.
تتطلع شذى عباس، مثل زميلاتها المهندسات ، إلى منافسة زملائهن وإثبات وجودهن، من خلال تولي الوظائف المهمة وإدارة الأعمال التي ارتبطت بالرجال، ولاسيما قيادة العمل.

تحطيم القيود

منذ بداية مشوارها المهني، لم تكن مهمة شذى وزميلاتها سهلة في بلد ترى فيه “الغالبية” أن المساواة في التعليم الجامعي بين الجنسين أمر مهم، ويسود العديد من مؤسساته نوع من عدم الثقة بقدرات النساء القيادية.

لكن نساء العراق متميزات، ونجحن في تحطيم كل القيود والصور السلبية عنهن، وتمكنَّ من التغلب والتعلم في ميادين العمل، فقد امتلكن روح المثابرة وحس المغامرة، على الرغم من كل العراقيل والعقبات الاجتماعية التي تضع النساء في قوالب المنزل والزواج والاهتمام بالعائلة فقط.

تفتخر هذه المهندسة وزميلاتها بأنهن جزء من مشروع طريق دورة ـ يوسفية السريع، فقد مثل هذا المشروع عنواناً لمسيرة التميز والعطاء لجميع العاملين فيه. تقول شذى إن “مشاركتها في موقع العمل زادت من ثقتها بنفسها، وجعلتها أكثر قوة وقدرة على تحدي الصعاب، وإنها باتت تؤمن بأن عملها ونجاحها هو سلاحها الفاعل الذي يفتح أمامها كل آفاق النجاح في المجتمع.”

وتضيف: “لقد شكّل العمل في طريق دورة ـ يوسفية السريع للمهندسات تحدياً كبيراً، لكن الزميلات قبلن هذا التحدي، وكنا جنباً إلى جنب مع زملائنا المهندسين والفنيين، كل في موقعه وواجباته للإسهام في إنجاح هذا المشروع. والواقع أن هذا العمل الكبير كان يستحق التضحية والجهد والبذل والحضور إلى ميدان العمل في مختلف الظروف، فعندما كنا نرى علامات الارتياح لعملنا في عيون المسؤولين والمواطنين، نشعر أن مشروعنا بات يمثل شرارة التغيير إلى الأفضل وأن ثمة تقديراً كبيراً لما أنجزه العاملون في شركتنا والشركات الساندة، كان من الطبيعي أن ترتفع وتيرة حماسنا جميعاً لنؤكد دوماً قدرة النساء العراقيات على الإبداع.”

أفضل القدرات

يقول مدير شركة حمورابي: “نحن لم نبحث عن نساء لتولي المناصب، إنما بحثنا عن أفضل القدرات والكفاءات التي تسهم في نجاح أعمالنا ومشاريعنا، وقد أدركنا أن لدينا العديد من النساء المتميزات، ولهذا دعمتهن ووضعت ثقتي بهن، وقد أثبتن بالمقابل جدارتهن في ميدان صعب احتكره الرجال، اليوم أنا على ثقة بأن مهندساتنا -على وجه الخصوص- أكثر ثقة بأنفسهن، وأكثر شجاعة وقدرة على تحطيم قيود الخوف والتردد.
وفي رسالتي أقول للمهندسات والعاملات: إن لديكن نفس القدرة والإمكانية التي يمتلكها الرجل، إذ لا يتميز عليكن بشيء، التجارب في العمل مع الرجال والنساء أثبتت لي أن الصفات القيادية والإبداعية لا تنحصر بذكر وأنثى، لهذا ستحظى النساء في هذه الشركة بدعمي المتواصل”.
من جهتها، أشادت المهندسة شذى بدعم الإدارة العليا للنساء، لكنها لا تنكر أن هناك من يحمل نظرة سلبية لعمل النساء، سواء في المجتمع، أو حتى من الرجال داخل المؤسسة، ومع هذا فإن النساء يتولين في شركة حمورابي إدارة أهم الأقسام في الشركة كقسم التخطيط، والقسم القانوني، وقسم تكنلوجيا المعلومات، والرقابة الداخلية، فضلاً عن حضور النساء الفاعل في ميادين العمل.

مواقف صعبة

وتروي مديرة المختبر الإنشائي الميداني لمشروع دورة ــ يوسفية السريع الفيزيائية، فضيلة عليوي عبيد، جانباً من المواقف الصعبة التي واجهتها، ولاسيما في بداية عملها بالمشروع، ففي إحدى جولاتها   كادت عناصر إرهابية أن تحاصرهم بهدف قتلهم أو اختطافهم، لكنهم تنبهوا إلى الخطر الذي كان يواجههم فانسحبوا بسرعة.

كما يعد وجود النساء في مواقع العمل الميداني في مجتمع لاتزال تحكمه قيود وأعراف عمل المرأة في مهن تعدّ حكراً على الرجال، وتتطلب منها الابتعاد عن أسرتها لأيام أو لفترات طوال خارج منزل العائلة، أمراً مستغرباً قد لا يتقبله كثيرون بنظرة إيجابية.

تروي فضيلة ردود أفعال زملائها في العمل عندما تسلمته لأول مرة، فقد ذهب عدد منهم لينتقد اختيار مدير عام الشركة امرأة في عمل ميداني صعب، وقالوا له حينها: ألم تجد إلا امرأة لهذا العمل؟!

لكن الإشادات بدأت تتوالى بكفاءة وعمل فضيلة من الزملاء في العمل، وقد حصلت على العديد من كتب الشكر والتقدير من مدرائها، الذين كانوا يطالبون بمساعدين لها، ويقولون لها: نخشى عليك أن تموتي من التعب.

كفاءة عالية

أما المهندسة (جليلة) التي يطلق عليها زملاؤها لقب ” كريندايزر”، فهي المرأة المسؤولة عن الإشراف على جميع مشاريع الطرق في العراق، فما إن تعود من رحلة مضنية إلى البصرة والناصرية، حتى تذهب في رحلة أخرى تقطع فيها مئات الكيلومترات إلى الموصل وكركوك.

نجحت جليلة، التي تتولى إدارة مشاريع الطرق والجسور، في عملها، وأثبتت كفاءة واقتداراً في مديرية الطرق والجسور، وقد صعدت بسرعة السلم الوظيفي لتدير أهم محاور العمل في مديرية الطرق والجسور، إذ تحظى هذه المهندسة بدعم وتقدير مدرائها في العمل، ولاسيما مدير عام دائرة الطرق والجسور (حسين الجاسم).

وفي كل الأحوال فإن مشاركة النساء من مختلف الشركات والمديريات في مشروع دورة ــ يوسفية كانت فاعلة ومؤثرة وتستحق الإشادة والتقدير، ما يؤكد قدرة النساء على منافسة الرجال في كل ميادين العمل والإبداع.


المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لا يعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author