المسلة

المسلة الحدث كما حدث

انفجار وتشظي الديمقراطية الصهيونية المزعومة

انفجار وتشظي الديمقراطية الصهيونية المزعومة

11 مارس، 2023

بغداد/المسلة:

عبد الستار الجميلي

كثيرا ما أبدى بعض المصابين بخلل الرؤية الوطنية والقومية أو عقدة الأقلوية والكراهية، إعجابهم المريب بما يسمونه: ((الديمقراطية)) في الكيان الصهيوني و((التداول السلمي)) لرئاسة الحكومة بين المجموعات الصهيونية، وفق إنتخابات دورية.

لكن التطورات ((الديمقراطية)) الأخيرة في الكيان الصهيوني التي أفضت إلى حلّ الكنيست وإعادة الإنتخابات أكثر من مرة خلال فترة وجيزة، وإندلاع التظاهرات المستمرة الحالية، تحت عنوان رفض حكومة نتنياهو وإجراءاتها السياسية والقضائية، والتهليل لها من هذا البعض، مع أنّ كل الإدارات الصهيونية منذ إغتصاب فلسطين عام 1948 وإلى الآن هي وجوه لعملة صهيونية إرهابية إستيطانية إحتلالية عنصرية واحدة، ولا فرق بين يمين ويسار وحكومة ومعارضة، فجميعهم صهاينة محتلين ومغتصبين لفلسطين العربية حتى النخاع.

هذه التطورات تؤكد أكذوبة ((الديمقراطية)) الصهيونية وإنفجارها وتشظيها إرهابا وقمعا متبادلا بين محتلين، وصراعا على السلطة والغنيمة والإبادة للشعب العربي الفلسطيني، وما رافق هذه التظاهرات من أساليب قمع وإتهامات وشكوك، أظهرت الوجه الحقيقي لكيان استيطاني غاصب، ولا علاقة له بنموذج ((الديمقراطية)) المزعوم الذي تمّ توظيفه إعلاميا للرفع من شأن الكيان الصهيوني كواحة ((للديمقراطية)) المزعومة في محيط عربي إستبداداي، وفق نمط إعلامي جرى ترسيخه وتكراره لصالح الكيان الصهيوني، وتشويه منهجي منظم لصورة العرب.

وقد شاركت في رسم هذا النمط المزيف قوى محلية وإقليمية ودولية إلتقت على أرضية وأهداف معادية للعرب والعروبة، إتخذت من قضية فلسطين سلاحا له أكثر من حدّ جارح، بإدعاء المقاومة بعد أن سرقتها من أصحابها الحقيقيين من جانب، وإجهاض القضية عبر بضاعة السلام والتطبيع الأكثر زيفا من جانب آخر، وترسيخ نكسة يونيو(حزيران) لسنة 1067 كما لو أنها جزء من خصائص الشخصية العربية المهزومة، رغم الإنتصار العربي الساحق في حرب أكتوبر(تشرين) لعام 1973 الذي أنهى الأسطورة المزيفة للكيان الصهيوني، من جانب ثالث.

وكانت أكثر الصور المزيفة ترويجا ((للديمقراطية)) الصهيونية المزعومة، إشراك مفردات مما سمي بعرب 48 من أدعياء ((المقاومة) المتأسلمة في الحكومة الصهيونية السابقة أو إستضافتهم المتكررة في الإعلام الصهيوني بعد أن أصبحوا أليفين وأبواق لبعض القوى الإقليمية التي تروج لدعم ((المقاومة)) مع أنها تحتل أرضا عربية في الأحواز والإسكندرون أضعاف مضاعفة لأرض فلسطين. ما رسم وجها ((ديمقراطيا)) مزيفاً للكيان الصهيوني تم الترويج له في الإعلام الغربي وبعض الإعلام الناطق لفظا باللغة العربية، في تناغم واضح بين الطرفين لتكريس صورة مضيئة لهذا الكيان الاستيطاني الغاصب، في مقابل صورة نمطية معتمة للعرب وقضاياهم وحضارتهم، بل وحتى لوجودهم القومي كأمة مكتملة التكوين وشرعيتها في تحرير أراضيها المحتلة في فلسطين؛ والأحواز؛ والإسكندرون ومحيطها الإقليمي الجغرافي؛ وسبتة ومليلة، ووحدتها وتقدمها ومكانها اللائق تحت الشمس وبين الأمم والشعوب، في إطار عالم مؤمّل يقوم على الندية والمساواة والتعاون الإيجابي والرخاء المشترك بين بني البشر.

لكن سير الحوادث وصيرورة التاريخ لا يتوقفان وفق الرغبات النمطية للصهيونية وللبعض المختل من معجبيها، فدائما هناك جديد تحت الشمس، وجديد الشمس العربية إنفجار ((الديمقراطية)) الصهيونية المزعومة، التي أصابت بشظاياها المتطايرة كل الصور ((الديمقراطية)) المزيفة للكيان الصهيوني وأظهرت حقيقته ككيان إرهابي استيطاني غاصب للأرض العربية الفلسطينية، ولفكرة الديمقراطية التي لا يمكن لها أن تستقيم منهجا وشرعية مع الإغتصاب والإحتلال للأرض والانسان.

كما أصابت هذه الشظايا ((مقاومته)) المتأسلمة التي إنكشف وجهها الحقيقي في لعبة تبادل الضربات المحسوبة على تخوم الأرضية والأهداف المشتركة والمفاوضات والمساومات في الغرف المحلية والإقليمية والدولية، ما أتاح فرصة إستعادة المقاومة العربية الفلسطينية الحقيقية التي إندلعت شعبيا في الضفة الغربية، والتي تحاول ((المقاومة)) المتأسلمة يائسة ركوب موجتها عبر تحويل الأنظار إليها من خلال الضربات المحسوبة أهدافاً وتوقيتاً وإحداثيات.

لكن عجلة التاريخ بدأت بالدوران السريع مخلفة ورائها وتحتها: شظايا مزاعم ((الديمقراطية الصهيونية)) الدموية، وزيف ((المقاومة)) المتأسلمة.


المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لا يعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.