المسلة

المسلة الحدث كما حدث

تمجيد نظام صدام حسين.. لماذا؟

تمجيد نظام صدام حسين.. لماذا؟

4 أبريل، 2023

بغداد/المسلة الحدث: عدنان أبوزيد

استقبل البعض من أبناء مدينة الاعظمية في بغداد، التي تسكنها غالبية سنية، موكب رئيس الوزراء محمد السوداني بهتافات التمجيد لنظام صدام حسين، بعد نحو عقدين على اسقاطه من قبل القوات الامريكية العام 2003، ما يطرح السؤال عن أسباب ذلك.

٠٠

لا يمكن الجزم بأن هذا التمجيد شائعًا بين العراقيين بشكل عام، كما إن ليس جميع أبناء المكون السني يؤيدون نظام صدام.

٠٠

الكثير من العراقيين عانوا بشدة تحت حكم صدام، خاصةً فيما يتعلق بانتهاكات حقوق الإنسان والقمع السياسي، لكن اضطراب الأوضاع بعد العام 2003 بسبب عوامل داخلية وتدخلات خارجية، جعل البعض يرى إن نظام صدام حصن البلاد من التطفل الخارجي، وأرسى دعائم استقرار داخلي، متناسين القمع والبطش، والاعدامات الجماعية والفردية.

٠٠

من الصعب تفسير ما حدث في الاعظمية بانه يعبّر عن رأي مجتمع أو جماعة، لكن الأسباب المحفزة للتمجيد تعتمد على خلفية وتأثيرات التاريخ والثقافة، والمذهبية، وميل الشعوب في الغالب إلى الحنين لماضٍ، نسوا أغلب تفاصيله، فيقارنوه بحاضر، له سلبياته.

٠٠

والتمجيد ليس المقصود، نظام صدام نفسه، بل هو تنفيس لحاجة الجماهير إلى الاستقرار السياسي والأمن، ولا بد من الاعتراف بان الفترة   بين 1979 و 2003 شهدت استقراراً في النظام السياسي والأمن العام، حيث الناس تتناسى انتهاكات حقوق الإنسان والقمع السياسي، وتقارن فقط ما يتعلق بحاضرها الفوضوي.

٠٠

التحيز القومي والمذهبي يعكسه بعض العراقيين في صورة التمجيد لنظام صدام حسين، ويظهرونه على انه المدافع عن السيادة والوحدة الوطنية للعراق، وينظرون إلى الاحتلال الأمريكي للعراق عام 2003 كغزو يستهدف الهيمنة على العراق والمنطقة.

٠٠

وبسبب الثروة النفطية، الهائلة، تحققت في العراق في فترة الثمانينات وأوائل التسعينات، أفاق نمو اقتصادي وتحسن في الخدمات العامة، مقارنة بأعداد السكان القليلة، وهو ما يدفع بعض العراقيين للحنين إلى الماضي.

٠٠

الشعوب تتعمد النسيان الجماعي لسلبيات الماضي فتستذكر إيجابياته فقط، متجاوزة الأحداث المؤلمة والانتهاكات والحروب، وتركز على الإنجازات الاقتصادية والاستقرار السياسي.

٠٠

يلعب الإعلام دوراً في تشكيل الرأي العام وتوجيهه، لترويج صورة إيجابية عن نظام صدام حسين، ومشهد سلبيا وقاتما للأوضاع الحالية على رغم ما فيها من حرية تعبير وديمقراطية، وزيادة معدلات دخل الفرد، والترف من المساكن الحديثة والسيارات الفارهة، وتوفر السلع.

٠٠

بعض الشعوب، وهو ما حدث في روسيا، والفترة الستالينية، ودول أخرى، تتوق إلى الزعامة القوية وترى إن الديمقراطية بشكلها الغربي، لا تفيد في المجتمعات العشائرية والمناطقية، والانقسامات المذهبية والقومية.

٠٠

ترك الغزو الأمريكي للعراق اثارا مدمرة على الأمن والاستقرار والخدمات الأساسية، بالإضافة إلى التفتيت الطائفي والسياسي والعنف، مما يجعل بعض العراقيين يشعرون بالحنين إلى الفترة التي كان فيها صدام حسين يحكم البلاد.

٠٠

يمارس بعض العراقيين، الانتقام لأنفسهم ولشركائهم في الوطن، فهناك مكونات تتمسك بالماضي الأليم لانها تعتقد إن لها القيادة والحظوة فيه، فيما مكونات أخرى تجد فيه الظلم، والاقصاء، وكل ذلك يهيئ أسباب الانتقام المتبادل بين الطرفين فتضيع الهوية الوطنية، وتتعزز الخلافات العرقية والدينية، وسط تباين وجهات النظر في تقييم الماضي.

٠٠

وافضل الحلول في جعل الشعوب، تنسى الماضي، هو في تطوير الحاضر، عبر تعزيز العدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان وردع الظروف التي تؤدي إلى الظلم والاستبداد، وتعزيز الحرية، وتوفير فرص العمل وتطوير البنية التحتية.

 


المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.