بغداد/المسلة الحدث: جواد الهنداوي
غالباً ما يتضمن الخطاب او التصريح الدبلوماسي الرسمي رسائل مباشرة ، و اخرى غير مباشرة ،وهذه قد تكون بصيغة أشارات او مصطلحات او مفاهيم ، واضحة و كاشفة لنوايا و ارادات . بطبيعة الحال الرسائل المباشرة هي التي تتعلق بالحدث ،موضوع الخطاب ،اما غير المباشرة ،والتي ترد بصيغة مصطلحات او مفاهيم فهي تتعلق ببيئة الحدث الجغرافية و السياسية الخ …
وللاشارة فقط ،دون الدخول في التفاصيل ،رغم كونها ،ممتعة وليس ممُلّة ، نقول بأن الخطاب او التصريح الدبلوماسي يختلف عن الخطاب او التصريح السياسي ،فالاول رسمي و اوسع و ادّق و مسؤول .
غاية المقدمة البسيطة هو تبرير اختياري الموضوع ، ( الاستقلال الاستراتيجي لدول الشرق الاوسط ) ، الذي دعتْ له الصين والذي وردَ في تصريح وزير خارجية الصين و هو يستقبل وزير خارجية ايران و وزير خارجية المملكة العربية السعودية ، و وردَ في البيان الرسمي لوزارة الخارجية الصينية . قال الوزير في تصريحه يوم ٢٠٢٣/٤/٦ ، ” أنّ الصين تدعم دول الشرق الاوسط في الحفاظ على استقلالها الاستراتيجي و التخلص من التدخل الخارجي و الابقاء على مستقبل المنطقة بأيديها ” .
علينا صراحة التوقف عند التصريح وتأمّل مضمونه ، فهو تصريح رسمي لدولة عظمى ،و بمناسبة لقاء و اجتماع قوتيّن اقليميتيّن في منطقة الشرق الاوسط ، وما يزيد اهتمامنا اكثر هو انّ الصين تتُرجم هذا التصريح بخطوات و باجراءات ميدانية ،ملموسة النتائج ،تتمثل باستمرار توسطاتها و اتصالاتها في دول المنطقة .
التصريح يدّلُ على ان هدف الدور المتنامي للصين في المنطقة ليس فقط ذو طبيعة أقتصادية ، وانما ايضاً سياسيّة و بامتياز ، لأن كلام الصينيين الآن و المقرون بفعل على الارض هو حول الاستقلال الاستراتيجي لدول المنطقة ، و تخلصها من التدخل الخارجي ، و الابقاء على مستقبل المنطقة بأيديها . وهذا يعني ، بلغة اخرى ، التخلص من التدخل الامريكي في المنطقة ، وهنا يلتقي الدور الصيني في المنطقة مع الدور الروسي ، والذي اعلنته الحكومة الروسية ، بتبنيها سياسة خارجية قوامها محاربة النفوذ الامريكي و الهيمنة الامريكية في العالم ، و الهادفة الى تعدّد القطبيّة .
بكل تأكيد ،هنالك تنسيق في الجهود و تطابق في الاهداف بين الصين و روسيا في سياستهما الخارجية ، وتوجهاتهما الاستراتيجية ، وخاصة تجاه سياسة الولايات المتحدة الامريكية ، و لم يعْد هذا التنسيق والتطابق سّراً ،بل وتتعمّد الدولتان بالكشف عنه يوم بعد يوم ، وكأنهما يمارسان ضغوط نفسيّة ليس فقط على الادارة الامريكية ، وانما ايضاً على الرأي العام الامريكي وعلى شريحة النخب و السياسيين الامريكيين .
مواقف الدولتان ( الصين و روسيا ) و تصريحات مسؤولين رفيعي المستوى تجاه الدور الامريكي في العالم وفي المنطقة تترجّمْ ( واقصد المواقف والتصريحات ) الى جُرعات تقويّة و شجاعة يتناولها قادة دول المنطقة من اجل النهوض و الافلات من املاءات الادارة الامريكية و الدول الغربية ، و الالتفات الى الاستقلال الاستراتيجي لدولهم ، والتخلص من التدخل الخارجي ، ومسكهم لمصير منطقتهم .
دعوة الصين دول الشرق الاوسط للتحرر و الى الاستقلال الاستراتيجي قد تكون دعوة مناسبة ايضاً الى دول الاتحاد الاوربي ، والتي اصبحت في ورطة الحرب الروسية الامريكية ، والتي تدور رحاها في اوكرانيا ، والتي ( و اقصد دول الاتحاد الاوربي ) تعاني هي ايضاً من سياسة الاملاءات الامريكية و مصادرة امريكا للارادة الاوربيّة .
و لربما ادركَ قادة الدول الاوربية قدرة الصين و خيبة اتكالهم على امريكا ،الامر الذي يفسّر زيارة الرئيس الفرنسي و مسؤولي المفوضية الاوربية ،الآن ،الى الصين ،ومطالبتهم علناً بالتدخل من اجل اقناع روسيا بالعودة الى التفاوض بشأن الحرب في اوكرانيا . وهذا ما يعني ادراك الاوربيين و قناعتهم بفشل الخيار العسكري ضّدَ روسيا ،خاصة و ان المطالبة الاوربية للصين بالتدخل من اجل التفاوض مع روسيا تأتي بعد انهيار دفاعات اوكرانيا في مدينة ياخموت الاستراتيجية وسقوطها بيد قوات فاغنر الروسيّة .
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
أخبار ذات علاقة
إحباط عمليات إرهابية لاستهداف قيادات في الجيش الروسي
أزمة الكهرباء في العراق: لعبة المصالح الإقليمية تحرق المواطن
حظر تجول في حمص بعد اعتداءات على طوائف علوية وشيعية