المسلة

المسلة الحدث كما حدث

خليل وعزرائيل

خليل وعزرائيل

9 أبريل، 2023

بغداد/المسلة الحدث:

ضياء واجد المهندس

خليل رجل تجاوز التسعين بقليل ، ذو جسم هزيل ، وحجم ضئيل، عمل في صغره حمالا” في سوق الشورجة ، ولما تقدم به السن في

الستينات عمل صباغ للأحذية ، حتى بلغ السبعين ، فأخذ يبيع مقتنيات لا قيمة لهن ، يفرشهن على قطعة قديم من القماش البالي..
يدعي خليل أنها مقتنيات روحية مرتبطة بغيبيات لا يدركها البشر ..

ذات مرة جائته امرأة من حريم الحكام ، و تطلعت على فرشته ، وسئلته عن مفتاح قديم غريب الشكل ، أجابها بثقة :أنه مفتاح لبيت في الجنة .قالت له : وكيف عرفت ؟؟

قال لها : اهداني إياه (سيد علي) الذي وجده في جيبه عندما خرج من الزنزانة بعد خمسين سنة من السجن ، عاشها السيد معتكفا” للعبادة ، زاره الرجل الصالح وأبلغه بالمفتاح..

عادت السيدة سائلة : وكيف وصل لك ؟؟!!

قال خليل : كان السيد علي اكثر من اخ ، عندما دنى أجله ، اهداني إياه ، وابلغني أنه سينتظرني في الجنة..

قالت زوجة المسؤول الكبير : بكم ثمنه؟؟

قال خليل: قيمته لا تثمن ، ولكن اعطيني ما يكفيني لأيام ..

دفعت له (25 الف دينار ) ومضت إلى قصرها الفخم في المنطقة الخضراء..بعد يومين ،عادت السيدة ومعها حقيبة ، وحالما التقت خليل ،سلمت عليه على عجل ، وابلغته بأنها جلبت له مبلغ كبير من المال ليعطيها أحد البيوت الذي لديه..

سألها خليل : من قال لك أن لدي بيوت في الجنة ؟؟!!.

قالت : بالأمس ، في المنام زرت الجنة وعندما حاولت أن افتح أحد الأبواب ، أبلغني رجل صالح يرتدي عباءة بيضاء أن المفتاح ينقصه البيت الذي تم اهداءه اليك..

قال خليل : اختاري أحد البيوت ، واعطاها اوراق لرسوم لبيوت من رسومات الاطفال..

استغربت السيدة وسألت خليل : من اين لك هذه الرسومات؟؟؟

قال خليل : أنها من وحي عقول ايتام وهبها الله لذويهم..اختاري رسم واعطيني ما يكفيني لأيام، وخذي حقيبتك وارحلي…

بعد يومين ، امتلئ الشارع الذي يفترش خليل فيه مقتنياته بالحرس والحمايات ، ونزل المسؤول من إحدى السيارات السوداء المظللة ، وسأل عن خليل ، وحالما وصل إليه قال : اريد منك كل بيوت الجنة و كل مفاتيح الجنة ، وسامنحك مالا’ كثيرا”.

أجاب خليل : ليس لدينا مفاتيح و لا بيوت من الجنة..

قال المسؤول : قبل يومين ، اشترت زوجتي منك بيتا” ومعه مفتاح !!!!

قال خليل : لم تعد لدينا مفاتيح و لا بيوت..

تعصب المسؤول و بدأ بالسب والشتيمة ، و اجتمع كل الحرس على خليل ، وانهالوا عليه بالضرب والركل حتى وقع مغشيا” عليه وظنوه ميتا”…

زار عزرائيل خليل المضرج بدمه ، وقبل أن يتحدث عزرائيل ، قال خليل : لقد انتظرتك طويلا ، لكنك تاخرت كثيرا”..ياحبيبي ، لقد سرقوا منا طفولتنا وشبابنا وعمرنا .. سرقوا احلامنا و افراحنا و أمنياتنا ، ولوثوا كل جميل وهبه الله ..لم تعد الحياة لي و ربما لمعظم العراقيين ذات معاني جميلة و اهداف نبيلة ، لأنها ملك الطغاة من الولاة الفاسدين والظالمين و المجرمين …

بكى عزرائيل وقال : يا خليل ، سادعو الله أن يبقيك، لتكون حجة على من يدعون بعبادته و يراؤن بطاعته ، وان موعدهم الصبح ، أليس الصبح بقريب..

ربنا لاتزغ قلوبنا و لا تنصر عدونا من الفاسدين الظالمين..

و ارحمنا يا ارحم الراحمين..

 


المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.