المسلة

المسلة الحدث كما حدث

لماذا القرآن ولماذا العراق؟ على العراق أنْ لا يقع في الفخ

22 يوليو، 2023

بغداد/المسلة الحدث:

جواد الهنداوي 

يخطأ مَنْ يعتقد بأنَّ حرق المصحف الكريم وحرق راية البلد العظيم في تأريخه و تراثه و عطاءه الانساني الزاخر ،هي ارادة ” سلوان موميكا ” اسم الشخص ،الذي أقدمَ على حرق الكتاب المقدس والرمز الوطني لدولة ،تنهضُ تواً ومن جديد ، منتصرة على الارهاب ، وعلى التحديات ، وتحاول (و اقصد دولة العراق ) ، الخروج من شرنقة الازمات.

الاحداث و الظواهر التي تحدثُ في العراق و في المنطقة ،او التي تستهدف العراق و المنطقة ،برموزها الوطنية او بمقدساتها ، لا تُولَدْ من رحم الصدفة ! لكل حدث او ظاهرة اسلاك مرتبطة بمولّدات تضّخُ وقود الفتنة و التفرقة ، وديناميت اسقاط وتدمير المقدسات و المعتقدات ورموز السيادة والوحدة الوطنية.

مَنْ ،حسب ما تعتقدون ، له المصلحة في اسقاط و تدمير المقدسات و المعتقدات والثوابت الاخلاقية و القيميّة للمسلمين والعرب ؟

مَنْ ، برأيكم ،له المصلحة ، باستهداف رمز العراق و سيادة العراق و وحدته الوطنية ؟

مَنْ هولاء الذين ينتظرون الفرص لعرقلة مسيرة العراق الوعِرة نحو النهوض و حّلْ الازمات ؟

كثيرون هم مَنْ خلف ما حدثَ و يحدثْ ، كبار وصغار ، في الخارج وفي الداخل . وهل تحرّرَ العراق من الجهل و العصابات والعملاء ، والذين يمتعضون من عراق ذو سيادة وذو قرار وذو مكانة دولية مرموقة.

لماذا القرآن و العراق ونحن قد مررنا ( عيد الاضحى ) ، ونحنُ على اعتاب ايام و مناسبات دينية مقدّسة؟ لماذا القرآن و العراق ونحن على اعتاب نهضة استثمارية و انفتاح دبلوماسي وتوقيع عقود استثمارية ضخمة و واعدة ، ونحن في اجواء وعي وطني بحقوق العراق في مياهه وفي وحدة اراضيه ، وفي حقولهِ النفطية المشتركة؟

للاسف ، اتوقّعُ تكرار ممارسة الاعتداء على قدسيّة القرآن الكريم ،كي تصبح هذه الممارسة أداء مُبتذل و موضة جديدة ، والهدف هو اسقاط وتدمير حرمة ومكانة وتأثير الكتاب المقدس على الوعي الجمعي للعرب وللمسلمين . مَنْ مِنّا كان يتوقع ان يتم حرق القرآن الكريم وبحماية دولية ؟ مِنْ مِنّا كان يتوقع أن يُحرق كتاب الله عزّ و جلْ ، وتحت شعار حقوق الانسان و حرية التعبير ؟

لنعود بذاكرتنا الى الماضي القريب في احداثهِ و وقائعه ، سنجدُ جواباً لتساؤلاتنا ،لماذا القرآن و العراق ؟ ونأخذُ الحيطة والحذر ازاء اجراءاتنا كدولة و ازاء ردود افعالنا كشعب.

كان توريط العراق في حربهِ مع ايران وفي احتلاله الكويت ، ثّمَ احتلال العراق و حصاره ونهب ثرواته وتدمير بنيتّه التحتيّه مدخلاً للتعامل مع العرب ،والمنطقة وفق الظواهر السلبية التالية : الارهاب ، الشرق الاوسط الكبير ، تصفية القضيّة الفلسطينية ؛ حصار ، احتلال . و انقسمَ العرب وكذلك دول اقليمية اسلامية ، ازاء هذه الظواهر المُبرمجة و المفتعلة ، بين ممول و داعم وبذرائع مختلفة وبين ضحيّة و مقاوم ، وفي مقدمتهم كان ايضاً العراق !

حتى تروم قوى الشّر والدمار بأنْ يدّبُ الداء و السّراء في جسم العرب والمنطقة ، تبدأ قوى الشّر و الدمار بالعراق ، مثلما بدأَ الارهاب في العراق و انتشر.

فشلوا في سلاح الارهاب ، و استبدلوه بالقوى الناعمة ، والتي تنشط و تؤدي اثرها باستخدام حقوق الانسان و حرية التعبير و الديمقراطية ،للمرور من خلالها و بواسطتها نحو اسقاط المقدسّات و المُحرّمات ،وها نحنُ الآن في بداية المحطات في طريق طويل ( محطة نشر الديمقراطية ،محطة فرض المثلية ، محطة حرق القرآن و المقدسات ).

انتصرنا على سلاح الارهاب بسلاح المقاومة ، ودعونا ننتصر على قوى الشّر و الدمار وسلاحهم الناعم بسلاح المقاومة الناعم ايضاً ، بالتنديد و بالاستنكار ، وبوسائل دبلوماسية وفقاً للقوانين و الاتفاقيات الدبلوماسية المعمول بها.

دعونا نبرهّن للعالم ديمقراطية نظامنا السياسي و أخلاقنا الاسلامية وسلوكنا الحضاري وجذور هذا السلوك .لطالما افتخرنا بحضارتنا و بتاريخنا الحضاري و بأخلاقنا الاسلامية ،لنبرّهن للعالم اليوم ذلك ،ونصمد ونصبر امام استدراجات قوى الشّر و الدمار ،والتي تستهدف سيادتنا ونهضتنا وتنميّة العراق وعلاقاته الدولية و الدبلوماسية.

قوى الشّر والدمار تريد استدراج العراق ،مرّة اخرى ،نحو الفوضى ،ولهم في ذلك مصالح و غايات سياسيّة ، وفي مقدمة قوى الشّر و الدمار اسرائيل ، ولا تستبعدوا علاقة بين جريمة ” سلوان موميكا ” و أختفاء ” أليزابيث تسوروكوف “في العراق ،و مطالبة اسرائيل السلطات العراقية بالمسؤولية للحفاظ على حياتها.

ليكنْ ردّنا على مَنْ يحاول فكْ ارتباطنا بالقرآن بمزيداً من التمسك في آياته الكريمة ، والتمسك بتعاليمه السمحاء ، والامر بالمعروف والنهي عن المُنكر ، ومن اقبح المُنكرات النفاق و الفساد وسرقة المال العام و قتل النفس ،التي حرّم الله قتلها الاّ بالحق ، وخيانة الوطن !

وفي حفرة خيانة الوطن ، أبعدنا و اياكم الله عنها ،تجدون ديدان الرشوة ، وعدم الاخلاص في العمل ، والكذب و الافتراء . ويحضرني قول الشاعر المرحوم عبد الرزاق عبد الواحد وهو يربط صيرورة العراق والكون حين يقول:

… فالتقى الفجر بالليل والنار بالسيل

كُلٌّ بإمرٍ يُساق وأتى الصوتُ كوني .. فكان العراق .


المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.