المسلة

المسلة الحدث كما حدث

مسودة مشروع قانون المحكمة الاتحادية

مسودة مشروع قانون المحكمة الاتحادية

1 يناير، 2024

بغداد/المسلة الحدث: المسلة تنشر المبادئ الأساسية الجديدة التي تضمنتها المسودة الجديدة لمشروع قانون المحكمة الاتحادية العليا المعدَّة من اللجنة الحكومية .

وقال مستشار رئيس مجلس الوزراء للشؤون الدستورية حسن الياسري إن ” اللجنة التي كلفها رئيس الوزراء لوضع مسودة جديدة لمشروع قانون المحكمة الاتحادية العليا برئاسته وعضوية ممثلين عن رئاسة الجمهورية ومجلس الدولة والأمانة العامة لمجلس الوزراء قد أنهت أعمالها ورفعت مسودة مشروع القانون إلى رئيس الوزراء بغية عرضها على مجلس الوزراء للتصويت عليها ثم الدخول في مفاوضاتٍ مع القوى السياسية بشأنها قبل إحالتها إلى البرلمان”.

وبيّن “أنه أجرى سلسلةً من المباحثات والتداولات بوصفه رئيس اللجنة المكلفة بوضع مسودة المشروع مع السلطات ذات الاختصاص، المتمثلة بكلٍّ من رئيس الجمهورية ورئيس مجلس القضاء الأعلى ورئيس المحكمة الاتحادية العليا، وقد تناولت تلك المباحثات المبادئ الرئيسة والجديدة الواردة في مسودة المشروع”، واصفاً إياها بالمباحثات الإيجابية والمثمرة إذ تم عرض تلك المبادئ على السلطات المذكورة والأخذ بمقترحاتها بصددها.

وأشار إلى أن “الحكومة سعت من خلال مسوّدة مشروع القانون الجديد لإعادة النظر في بعض المسائل والنصوص التي كانت محلّ اعتراض على مشروع القانون في الدورات البرلمانية السابقة، إذ تم تحسين مشروع القانون من النواحي الشكلية والموضوعية والصياغية، وصولاً لإزالة أسباب الخلاف السابقة، وتأكيداً على دعم الحكومة لاستقلالية السلطة القضائية، والتزاماً بالدستور الذي منح المزيد من الاختصاصات للمحكمة الاتحادية العليا أكثر مما تتمتع به الآن بمقتضى قانونها الحالي رقم 30 لسنة 2005 المعدل”.

ونوّه الياسري بأن ” الحكومة عازمة على التداول مع جميع القوى السياسية الوطنية بشأن المسوّدة الجديدة لمشروع القانون بما يضمن استكمال بناء المؤسسات الدستورية”.

وأوضح أن “التعديلات التي طالت مسودة مشروع القانون تتضمن الالتزام بالدستور الذي أوجب تأليف المحكمة من قضاةٍ وفقهاء القانون وخبراء الفقه الإسلامي”، مبيناً أن “المسودة الجديدة اشترطت أن يكون رئيس المحكمة ونائبه من القضاة حصراً”.

وتابع الياسري أن “المبادئ الجديدة في مسودة مشروع قانون المحكمة الاتحادية العليا حصرت ترشيح قضاة المحكمة بيد السلطة القضائية”، موضحاً أن “ذلك لا يؤثر في استقلالية المحكمة التي كفلها الدستور وأكدتها مسودة مشروع القانون الجديد القائمة على أنها هيئةٌ مستقلةٌ غير مرتبطةٍ وغير خاضعةٍ إلى أية سلطةٍ – سواءً أكانت تنفيذيةً أم تشريعيةً أم قضائيةً، لأن خضوعها لا يكون إلا للدستور والقانون فحسب، وإن القول بغير ذلك يعدُّ خرقاً فاضحاً للدستور وهتكاً له وضرباً للشرعية الدستورية لا يمكن تصوُّره فضلاً عن تبنِّيه”.

وأكد أن “ترشيحات أعضاء المحكمة الاتحادية العليا على وفق مسودة المشروع الجديد ستتأتى من جهاتٍ مختصةٍ هي التي تتولى عملية الترشيح، وتتمثل بمجلس القضاء الأعلى الذي سيأخذ على عاتقه مهمة ترشيح أعضاء المحكمة من فئة القضاة، فيما تقوم لجنة مختصة في وزارة التعليم العالي تتألف من الوزير رئيساً وعضوية كلٍّ من رئيس مجلس الدولة ووزير التعليم العالي في الأقاليم ورئيس لجنة عمداء كليات القانون في العراق تقوم بمهمة ترشيح أعضاء المحكمة من فئة فقهاء القانون – فيما كان مشروع القانون الموجود في البرلمان حالياً يحصر صلاحية ترشيح هؤلاء الفقهاء بيد وزارة التعليم العالي فقط وهو ما قد يفقد الشفافية في الترشيح، فيما دواوين الأوقاف مهمة ترشيح أعضاء المحكمة من فئة خبراء الفقه الإسلامي، ثم تذهب هذه الترشيحات إلى لجنةٍ مركزيةٍ عليا تتألف من رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء ورئيس مجلس النواب ورئيس مجلس القضاء الأعلى ورئيس المحكمة الاتحادية العليا، وتقوم بالاختيار من بين هذه الأسماء المرشحة لا من خارجها”.

وبين أن “مهمة اللجنة المركزية ستكون في حفظ نوع من التوازن وتمثيل الكفاءات المتعددة من ألوان الطيف العراقي وطمأنة الجميع، إذ ربما تقوم بعض الجهات المعنية بالترشيح بترشيح مجموعةٍ ممن تنطبق عليهم الشروط لكنهم من لونٍ سياسيٍ أو مكوناتي معين، الأمر الذي قد يشعِر بقية المكونات بعدم الطمأنينة، لذا فإن وجود اللجنة المركزية هو للطمأنة دون أن يخل ذلك بمبدأ الاستقلالية ؛ لأنَّ اللجنة ستتقيد بالمحصلة بما يتم ترشيحه من قبل القضاء وسائر الجهات المختصة المعنية، وليست هي التي تقوم بالتعيين من عندها، بمعنى أنها ستقوم باختيار سبعة قضاةٍ -مثلاً- من بين الاثني عشرة قاضياً الذين رشَّحهم مجلس القضاء الأعلى، وستختار عدداً محدداً من ترشيحات اللجنة المختصة في وزارة التعليم العالي، وهكذا لترشيحات دواوين الأوقاف، إذاً فهي جهةٌ لا تُعيِّن أعضاء المحكمة من عندها ابتداءً بل تختار مما ترشِّحه الجهات التي كلَّفها مشروع القانون بالترشيح، وهذا ما يحفظ استقلالية القضاء واستقلالية المحكمة، وفوق ذلك كله فإنَّ المسودة الجديدة حرصت على إدخال كل من رئيس مجلس القضاء الأعلى ورئيس المحكمة الاتحادية العليا في اللجنة، وذلك لتدعيم الاستقلالية وتخفيف الوطأة السياسية”.

وتابع الياسري أن “من المبادئ الجديدة في مسودة مشروع القانون التفريق بين حق الطعن أمام المحكمة وطلب تفسير النصوص الدستورية، حيث إن حق الطعن مكفولٌ للجميع ، فيما طلب تفسير النصوص الدستورية يكون للسلطات الدستورية، وكذا تصحيح نص المشروع السابق الذي كان يذهب إلى أنَّ حكم المحكمة بعدم دستورية نصٍ ينفذ من تأريخ نشر الحكم، فهذا خطأٌ بيِّن يتسبب في مشكلاتٍ دستوريةٍ، وإنَّ الصحيح الذي أخذت به مسودة المشروع الجديد يذهب إلى أنَّ حكم المحكمة ذلك ينفذ من تأريخ صدور الحكم لا من تأريخ نشره”.

وكشف مستشار رئيس الوزراء عن “وضع آليةٍ منضبطةٍ لاختيار الأعضاء الاحتياط في المحكمة، إضافةً إلى إزالة الإبهام والغموض في نصوص مشروع القانون السابق، ومعالجة تناثر النصوص وعدم وحدة الموضوع بينها، وكذلك معالجة ضعف الصياغة وركتها الواضحة التي ألقت بظلالها على ضعف المشروع السابق برمته”.

وأوضح أن ” من المبادئ الجديدة في المسودة أيضاً حظر -منع- عضو المحكمة الاتحادية الذي تنتهي ولايته البالغة تسع سنوات أو عند بلوغه سن التقاعد الذي حُدد بـ72 عاماً، من الترشيح في انتخابات مجلس النواب ومجالس المحافظات والمجلس التشريعي في كردستان، لمدة ثلاث سنوات منعاً لتضارب المصالح، وكذلك منعه من الترافع -تلك المدة- أمام المحكمة الاتحادية بصفته وكيلاً عن الخصوم”.

ونوَّه بأن “المسودة الجديدة نظمت نصوصاً جديدةً تتعلق بآلية إحالة أعضاء المحكمة على التقاعد في الدورات المقبلة، وكيفية تقديم الاستقالة وشروطها”.

وأكد الياسري أن “قانون المحكمة الاتحادية العليا حيويٌ ومهمٌ للغاية، لأن المحكمة الاتحادية العليا تمثل القضاء الدستوري في العراق، لذا فهي تعد واحدةً من أهم المؤسسات الدستورية المستقلة بمقتضى دستورنا لعام 2005، وهي تختص بالرقابة على دستورية القوانين وتفسير نصوص الدستور”.

وتابع أن “المحكمة تعمل الآن بمقتضى القانون رقم 30 لسنة 2005 المعدل، وهذا القانون قد أُسِّس على قانون إدارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية لعام 2004 إذ لم يكن دستور عام 2005 قد أُقرَّ في ذلك الحين، وبعد أن أُقرَّ الدستور أعاد تنظيم المحكمة الاتحادية العليا ووسَّع من اختصاصاتها، وجعل آلية تأليفها مختلفةً عما كانت عليه في قانون إدارة الدولة، لذا فإنَّ المسار الدستوري يوجب سنَّ قانون المحكمة الذي أوجبه الدستور في المادة (92/ثانياً) منه، بيد أنَّ الخلافات الحادة بين الفرقاء السياسيين هي التي أجهضت محاولات سنَّ ذلك القانون، أما الآن فيبدو أنَّ الوضع سيكون مبشِّراً بأنَّ قانونها المؤسَّس على أحكام الدستور سيرى النور، ولاسيما بعد إضافة نصوصٍ جديدةٍ تنسجم مع الدستور وتعديل كل جوانب الضعف في مشروع القانون السابق”.

ونوَّه الياسري بأن “هذه المحكمة محكمةٌ دستوريةٌ ، وليست محكمةً عاديةً تابعةً للقضاء العادي، لذا هي تختلف عن محاكم القضاء العادي -في كل دول العالم- من حيث آلية تأليفها واختصاصاتها وتبعيتها، فهي تتألف في الفقه الدستوري المقارن من أعضاء مختلفي التخصُّص من القضاء والقانون والإدارة وسائر الاختصاصات الأخرى، وإنَّ التجربة الدستورية في الفقه الدستوري المقارن تثبت لنا أنَّ القاعدة العامة في تأليف هذه المحكمة هي أنَّ القضاة يمثلون الأقلية فيها، بل إنَّ ثمة محاكم دستورية في العالم ليس فيها قضاةٌ البتة، مثل المحكمة الدستورية التشيلية والبوليفية، وفي البرازيل وإندونيسيا وتونس يمكن أن لا يكون في المحكمة قاضٍ بحسب القانون إلا إذا تم إدخاله بالتعيين أو ما شابه، كما أنها تختلف من حيث الاختصاصات التي تتمتع فيها، فهي اختصاصاتٌ دستوريةٌ واردةٌ في الدستور على سبيل الحصر، وتختلف أيضاً من حيث التبعية، فهي مستقلةٌ بالكلية غير تابعةٍ لأية جهةٍ كانت، بخلاف محاكم القضاء العادي التي تخضع لإشراف ورقابة مجلس القضاء الأعلى، وبخلاف محكمة القضاء الإداري التي تخضع لوزارة العدل في بعض الدول”.

ولفت إلى أن “من ضمن المبادئ الجديدة في المسودة أنها فتحت الباب أمام جميع الكفاءات القانونية في العراق للتقديم مباشرة إلى اللجنة في حين كان المشروع السابق يحصر الترشيح بأساتذة الجامعات”.

وأشار إلى إنَّ “كثيرا من العراقيين لا يميزون بين أنواع القضاء هذه في دول العالم وفي العراق -ناجم من عدم متابعة الفقه المقارن وهو الذي أوقعهم في الاستغراب من كون المحكمة تتألف من قضاةٍ وفقهاء وخبراء”.

وتابع أن “تأكيد لهذا المعنى قد تبنَّاه دستورنا حينما جعل المحكمة توليفةً ثلاثيةً من الأعضاء، فهي ليست قضاءً عادياً لتكون حكراً على القضاة، فهي ليست مثلاً محكمة بداءة أو جنح أو جنايات لتكون حكراً على صفة القاضي. ومثلُ ذلك القضاء الإداري فإنَّ مَن ينهضون به ليسوا قضاةً بل أساتذة جامعات تم منحهم لقب مستشار او مستشار مساعد في مجلس الدولة ، وهم يقومون بوظيفةٍ قضائية . لذا فإنَّه في كل دول العالم هنالك القضاء العادي لا ينهض به سوى القضاة، وهنالك القضاء الإداري والقضاء الدستوري يمكن أن ينهض بهما من هم ليسوا بقضاةٍ”.

وختم بالقول: “لذلك فإنَّ المحاكم الدستورية في دول العالم يدخل في عضويتها المحامون وأساتذة الجامعات وأصحاب الخبرة في مجلس الدولة أو سائر مؤسسات الدولة، كما أنَّ بعض الدول الإسلامية تُدخل فيها خبراء أو فقهاء في الشريعة الإسلامية كالإمارات مثلاً”.


المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.