بغداد/المسلة الحدث: صمت عراقي وعناد أمريكي توضح خلاصة هذا التقرير بان كلا من الإدارة الأمريكية وحكومة العراق يخالفان قرار الأمم المتحدة 1956 الصادر في العام 2010، بشأن الوضع الحالي لصندوق تنمية العراق، ما يعني انه يمكن تقديم شكوى ضد الحكومة العراقية من قبل مواطنين أو اعضاء برلمان عراقيين حول ذلك، وأيضا تقديم شكوى ضد حكومة الولايات المتحدة لاستيلائها على صندوق تنمية العراق وواردات صادرات العراق من النفط خلافا لقرارات الأمم المتحدة.
الحقيقة
الحقيقة المهمة التي يجب توضيحها هي أنه بخلاف ما يتم ترويجه من قبل بعض السياسيين ووسائل الإعلام في العراق، لا يوجد قرار من مجلس الأمن الدولي يلزم العراق بوضع إيراداته من صادرات النفط في “صندوق تنمية العراق” في البنك الفدرالي الأمريكي، كما تم القيام به منذ عام 2003. هذا الفعل يمثل مخالفة لقرار مجلس الأمن رقم 1956 الصادر في عام 2010، الذي يفرض إغلاق “صندوق تنمية العراق” وتحويل الودائع الموجودة فيه إلى البنك المركزي العراقي.
قرار وضع إيرادات صادرات العراق من النفط في حساب بنك الاحتياط الفدرالي جاء بواسطة الحاكم الأمريكي للعراق بول بريمر بعد الغزو في عام 2003، وتم تدعيمه بمرسوم رئاسي من الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش في نفس العام. ويعتبر هذا القرار قرارًا أمريكيًا فقط، وليس له علاقة بالقرارات الدولية، ولا يتعلق بالبند السابع الذي يتم استخدامه كوسيلة لتخويف الشعب العراقي من عواقب عدم الامتثال لرغبات الولايات المتحدة كقوة محتلة.
قضية البند السابع
لنشرح اولا من أي جاءت مسألة وضع العراق تحت البند السابع (الذي يعني استخدام القوة أو التهديد باستخدام القوة لإجبار العراق على تنفيذ قرارات الأمم المتحدة) وكيف أن العراق قد خرج من ربقة هذا البند في عام 2013.
عندما قام نظام صدام باجتياح واحتلال الكويت في يوم 2 آب / أغسطس 1990 اجتمع مجلس الأمن في ذات اليوم في نيويورك وأصدر القرار رقم 660 الذي طالب العراق بالانسحاب من الكويت ودعا الطرفين (أي العراق والكويت) الى تسوية خلافاتهما سلميا وعبر الحوار، أي لم يتضمن القرار البند السابع ولم يهدد باستخدام القوة.
ولكن بسبب عدم تنفيذ العراق للمادة الثانية من القرار 660 التي تنص على الانسحاب الفوري لكافة القوات العراقية من الكويت، أتبع مجلس الأمن ذلك بالقرار رقم 661 في يوم 6 آب / أغسطس 1990 الذي فرض على العراق تنفيذ ذلك تحت البند السابع. كما طالب القرار بوقف جميع الصادرات والواردات من والى العراق والكويت بشكل تام (أي حصار اقتصادي). وهنا دخل العراق تحت طائلة البند السابع.
خروج العراق من أسر البند السابع عام 2013 قبل إكمال دفع التعويضات للكويت ما يعني ان اكمال دفع التعويضات لم يعد مرتبطا بالبند السابع منذ إصدار قرار مجلس الأمن رقم 2107 الذي قد اخرج العراق من ربقة البند السابع في 27 حزيران 2013، أي قبل تسع سنين من اكمال دفع التعويضات للكويت.
وقد خرج العراق من البند بسبب تعاونه التام في كل الملفات المتعلقة وتم الغاء كل المقررات في القرارات السابقة وأهمها 661 و 687 و 692 وكلها كانت تندرج تحت البند السابع.
وصدر القرار 2621 في 22 شباط / فبراير عام 2022 من مجلس الأمن الذي أكد فيه اكمال العراق لدفع جميع التعويضات للكويت وبقية المتضررين من غزو العراق للكويت، وتقرر اغلاق لجنة التعويضات وصندوق التعويضات.
السيطرة الأمريكية على واردات النفط العراقية
٠ وبعد أن اصبحت قضية الغزو الامريكي البريطاني غير الشرعي للعراق والمخالف لميثاق الأمم المتحدة الخاص بحماية سيادة واستقلال الأمم (المادة الثانية الفقرة الرابعة من ميثاق الأمم المتحدة) أمرا واقعا وبعد انهيار نظام صدام كان على مجلس الأمن القبول بالوضعية الجديدة والتأسيس لمرحلة ما بعد الغزو، لأن الولايات المتحدة وبريطانيا اصبحا مسؤولين عن الوضع في العراق باعتبارهما قوة احتلال.
صدر قرار 1483 عن مجلس الأمن الدولي في 22 أيار/ مايو، 2003 بعد أن اصبح احتلال العراق امرا واقعا، ولأن الولايات المتحدة وبريطانيا اصبحا مسؤولين عن الوضع في العراق باعتبارهما قوة احتلال.
القرار ثبت مسؤولية دول الاحتلال تحت “سلطة الإئتلاف” عن جميع نواحي الحياة في العراق باعتبارها سلطة احتلال مسؤولة عن ادارة شؤون العراق البلد المحتل. هذا يعني أنها أيضا مخولة بالتصرف بموارد العراق
ومن ضمنها إستلام إيرادات النفط جميعها فيه .
الفقرات (12 و 13 و 14) التي أسست “لصندوق تنمية العراق” لم تذكر الاحتياطي الفدرالي الأمريكي ولا أين يكون مقره ورقم حسابه، بل يؤكد أنه “يوضع في عهدة البنك المركزي للعراق. لكن موارده يتم التصرف بها من قبل سلطة الائتلاف الحاكمة بالتشاور مع الادارة العراقية المؤقتة.
نص المادة 12 من القرار 1483: يشير إلـى إنشاء صندوق تنمية للعـراق، يوضـع في عهــدة المصـرف المركـزي للعراق، ويقوم بمراجعة حساباته محاسبون عموميون مستقلون يقرهم المجلس الـدولي للمشـورة والمراقبة لصندوق التنمية للعـراق.
الرئيس الأمريكي يستولي على صندوق تنمية العراق مباشرة
في ذات اليوم الذي تم فيه إصدار قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1483، أي في يوم 22 ايار / مايو 2003، وقع الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش على المرسوم الرئاسي أو الأمر التنفيذي رقم 13303 وهو بعنوان “حماية صندوق تنمية العراق وممتلكات أخرى للعراق مصلحة فيها”
على هذا أصبح الرئيس الأمريكي وصيا بشكل رسمي على صندوق تنمية العراق واموال صادرات النفط.
من الذي قرّر؟
سلطة الائتلاف المؤقتة بقيادة بول بريمر التي اقترحت تأسيس الصندوق على الأمم المتحدة هي التي قررت وضع رقم حساب صندوق تنمية العراق في الإحتياطي الفيدرالي الأمريكي وليس الأمم المتحدة.
لم تقم أي من الحكومات العراقية المتعاقبة بالمطالبة بتغيير مقر صندوق تنمية العراق الى البنك المركزي العراقي في بغداد.
لكن في يوم 15 كانون الأول / ديسمبر 2010 أصدر مجلس الأمن الدولي بالاجماع (أي بموافقة الولايات المتحدة أيضا) القرار رقم 1956، وذلك بعد الرسالة التي وجهها رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي إلى مجلس الأمن “التي أكد فيها التزام الحكومة العراقية بعدم طلب مزيد من التمديدات لترتيبات صندوق تنمية العراق، وأن عائدات النفط ستستخدم بشكل عادل. وأشار إلى الدور الهام لصندوق التنمية والمجلس الدولي للمشورة والمراقبة.”
وينص القرار على ان الصندوق سوف يتم الغاؤه وانهاء اشراف الأمم المتحدة عليه في مدة اقصاها 30 حزيران / يونيو 2011.
نص قرار مجلس الأمن 1956: المادة الخامسة، اشارة الى نقـــل جميـــع العائـــدات مـــن صـــندوق تنميـــة العـــراق إلى حـــساب أو حسابات الترتيبـات الخلـف الـتي تنـشئها حكومـة العـراق وإقفـال صـندوق تنميـة العـراق في موعـد لا يتجـاوز ٣٠ / حزيـران يونيـه ٢٠١١ ،ويطلـب موافـاة المجلس بإثبـات خطـي بمجـرد الانتهاء من نقل العائدات وإقفال الصندوق.
ويعني ذلك إلغاء القرار رقم 1483 الصادر في عام 2003.
ومنذ تلك اللحظة، أصبحت الأمم المتحدة غير مشرفة على الصندوق ولا تستطيع التدقيق في أموره، وأصبح فقط تحت السيطرة الكاملة للولايات المتحدة. فهل كان ذلك هدف رئيس الوزراء العراقي من طلبه من مجلس الأمن ان لا يتم التجديد للصندوق؟
على هذا تكون الإدارة الأمريكية وأيضا حكومة العراق مخالفان لقرار الأمم المتحدة 1956 الصادر في عام 2010، مما يعني انه يمكن من ناحية تقديم شكوى ضد الحكومة العراقية من قبل مواطنين أو اعضاء برلمان عراقيين حول ذلك، وأيضا تقديم شكوى ضد حكومة الولايات المتحدة لاستيلائها على صندوق تنمية العراق وواردات صادرات العراق من النفط خلافا لقرارات الأمم المتحدة.
تلخيص عدنان ابوزيد
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
أخبار ذات علاقة
من نظام الأسد إلى علم الاستقلال.. الإعلام السوري يغيّر جلده في ليلة وضحاها
العرب بين حداثة الزيف وأزمة الوعي
الازدواجية بين الأسد وصدام