بغداد/المسلة: في تصاعد للأزمة المرتبطة بتوظيف الخريجين في العراق، خرج مئات من خريجي المهن الطبية في العاصمة بغداد، اليوم الاثنين (19 آب 2024)، في تظاهرة أمام مقر وزارة المالية. جاء هذا الاحتجاج نتيجة تراكم الإحباط والغضب بين هؤلاء الخريجين الذين يعانون من بطء وتيرة التعيينات الحكومية في قطاع حيوي مثل القطاع الصحي، خاصة في ظل التحديات الصحية الكبيرة التي تواجه العراق.
على الرغم من إعلان وزير الصحة عن رفع أسماء 29 ألف خريج للتعيين، إلا أن هذا العدد يعتبر غير كافٍ لتلبية احتياجات القطاع الطبي، ولا يلبي طموحات آلاف الخريجين الآخرين الذين ينتظرون دورهم في التوظيف. هذه الأرقام تكشف عن فجوة كبيرة بين عدد الخريجين وفرص العمل المتاحة، وهي أزمة تعكس مشكلة أعمق تتعلق بتخريج أعداد كبيرة من الجامعات دون توفير البنية التحتية الاقتصادية التي تستوعبهم.
وتعد مشكلة تفريخ الخريجين من الجامعات، وخاصة الجامعات الأهلية، أحد العوامل الرئيسية وراء هذه الأزمة.
وعلى مدى العقدين الماضيين، شهد العراق طفرة في عدد الجامعات والمدارس الأهلية التي تخرج أعداداً كبيرة من الطلاب سنوياً. ورغم أن هذه الظاهرة قد تبدو إيجابية من ناحية زيادة فرص التعليم، إلا أنها أدت إلى تضخم في عدد الخريجين، خاصة في تخصصات لا تتناسب مع احتياجات السوق العراقي.
المشكلة لا تتوقف عند العدد فقط، بل تتعداها إلى جودة التعليم. العديد من هذه المؤسسات التعليمية لا تلتزم بالمعايير الأكاديمية المطلوبة، مما يؤدي إلى تخرج طلاب يحملون شهادات، ولكن بمستوى علمي غير رصين. هذا التدهور في المستوى الأكاديمي يجعل الخريجين أقل قدرة على المنافسة في سوق العمل، سواء على الصعيد المحلي أو الدولي.
من جهة أخرى، يعاني العراق من نقص حاد في المشاريع الاقتصادية والصناعية القادرة على استيعاب هذه الأعداد الكبيرة من الخريجين. الاقتصاد العراقي ما زال يعتمد بشكل كبير على القطاع النفطي، بينما يعاني قطاعا الصناعة والزراعة من تراجع كبير. هذا الأمر يزيد من تعقيد الوضع، حيث يتخرج آلاف الطلاب سنوياً ليجدوا أنفسهم أمام سوق عمل محدود لا يوفر لهم فرص عمل تتناسب مع مؤهلاتهم.
و استمرار هذه الأزمة دون حلول جذرية قد يؤدي إلى المزيد من الاحتجاجات والتظاهرات، مما يهدد الاستقرار الاجتماعي في البلاد. على المدى البعيد، قد يؤدي هذا الوضع إلى تفاقم مشكلة البطالة بين الشباب، وزيادة نسب الهجرة، وإضعاف الثقة في النظام التعليمي والحكومي.
الحكومة العراقية بحاجة إلى اتخاذ خطوات عاجلة، ليس فقط في مجال التعيينات الحكومية، بل أيضاً في تطوير السياسات التعليمية والاقتصادية. يجب عليها تنظيم قطاع التعليم العالي، ووضع معايير صارمة لترخيص الجامعات والمدارس الأهلية، وتوجيه التعليم نحو تخصصات تتماشى مع احتياجات السوق.، كما أن هناك حاجة ملحة لإطلاق مشاريع اقتصادية جديدة قادرة على توفير فرص عمل حقيقية للخريجين، لتجنب تفاقم هذه الأزمة مستقبلاً.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
أخبار ذات علاقة
التغيرات في أدوار الرجل والمرأة تساهم في ارتفاع حالات الطلاق بالعراق
رونالدو لجمهوره العراقي: أتمنى أن أراكم قريبًا
ترامب ينسب محاولة اغتياله المفترضة إلى “خطاب” بايدن وهاريس