المسلة

المسلة الحدث كما حدث

مستشار فاقد لشرف الخصومة

مستشار فاقد لشرف الخصومة

21 أغسطس، 2024

بغداد/المسلة: في زمنٍ كثرت فيه الأصوات المتشنجة، نجد أنفسنا أمام مشهدٍ تتحول فيه ساحات الحوار إلى ميادين للسبّ والشتم، وتتبدل الكلمات من أدواتٍ للتفاهم والإقناع إلى سكاكين حادة تجرح الكرامة وتقتل الاحترام.
وما أبعد الفرق بين نقاشٍ عقلانيٍّ يقوم على الحجة والدليل، وآخر ينحدر إلى مستنقعات الشتائم والأوصاف الجوفاء.
٠٠
حين وصف عباس الموسوي، مستشار دولة القانون، أولئك الذين يقفون ضد تعديل قانون الأحوال الشخصية بأنهم “مخابيل”، فإنه لم يُسقط فقط في اختبار الرقي الأخلاقي، بل أهان شرف الخصومة الذي يُفترض أن يظل محفوظًا مهما تباينت المواقف. إن الموقف من التعديل، سواء كان معارضًا أو مؤيدًا، يظل محترمًا ما دام يتسق مع مبدأ الحوار البناء، ويبتعد عن متاهات الاتهامات السطحية والأوصاف الجاهزة.

٠٠
ويا للعجب أن يُمثّل ائتلاف دولة القانون بشخصٍ لا يجيد سوى لغة الوضاعة، فيسقط بمقامه إلى دركٍ بعيد عن رقيّ المواقف التي يجب أن يتسم بها من يحمل راية القانون، كاشفاً عن قبحٍ لا يليق برمزية هذا الائتلاف العريق.

٠٠
إن من يتجرأ على الوقوف أمام عدسات الكاميرات وإطلاق كلمات لا يدرك أبعادها وتداعياتها، هو في الحقيقة يمارس نوعًا من الانتحار السياسي والأخلاقي، حيث يُسقط نفسه من أعين الناس ويخسر ثقتهم.
وما يزيد من فداحة هذا التصرف عندما يصدر من شخص يحمل صفة رسمية، يُفترض به أن يكون نموذجًا في رقيّ التعامل.
٠٠
شرف الخصومة هو ذاك المعيار الذي يجعل من الخلاف في الرأي اختلافًا ناضجًا، يؤسس لحوار يرتقي بالأفكار ولا ينحدر بها إلى مهاوي التهجم والانفعال. فإذا فُقد هذا الشرف، تحولت الخلافات إلى صراعاتٍ بدائية لا تختلف في شيء عن سلوكيات الغابة، حيث تسود قوانين القوة والهمجية، بل حتى في عالم الحيوان، هناك نظام وقواعد تحكم الاختلاف وتحفظ للغابة توازنها.
٠٠
تتوجه الأنظار نحو هيئة الإعلام والاتصالات، من أجل كبح ظهور من لا يجيد سوى لغة الوضاعة والخطاب العدواني، لئلا تتلوث الأجواء بسموم الكلمات.

 

 


المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author