بغداد/المسلة: تهزّ قضية مدير فرع المصرف الزراعي في الرمادي أحمد طارق محمد من جديد صورة المنظومة الإدارية، بعدما انكشفت شبهات فساد تتعلق بملف تقييم عقارات متروكة، لتعيد إلى الواجهة سؤالاً مؤرقاً عن جدية مؤسسات الدولة في معالجة الفساد المتجذر.
وتثير عودة أحمد طارق إلى منصبه رغم إدانته وسجنه سابقاً بتهم فساد استغراب المراقبين، إذ يفتح ذلك الباب واسعاً أمام قراءة سياسية عن مدى قدرة الأجهزة الرسمية على فرض المساءلة، ويعكس في الوقت نفسه هشاشة منظومة الحوكمة وضعف الإرادة في تطبيق معايير النزاهة.
ويقود الرجل لجنة ضمّت موظفاً من الفرع ومدير التسجيل العقاري في راوة وخبيراً أهلياً، لتقدير عقارات فارغة على أنها منازل مكتملة، بما يتيح تضخيم أسعارها بأضعاف، خلافاً للتعليمات النافذة.
ويكشف هذا التلاعب الممنهج عن نهج غير عابر بل ممارسة مدروسة لخدمة أطراف نافذة، ما يجعل الملف جزءاً من ديناميات الفساد السياسي ـ الاقتصادي الذي يتغذى على شبكة مصالح معقدة.
ويظهر من خلال المستندات الرسمية أن العقارين المرقمين 1451/38م و1048/38م لم يكونا سوى أراضٍ متروكة، لكن الكشوفات قدمتها على أنها مساكن، وهو ما يعكس انتقال الفساد من مستوى التجاوز الفردي إلى مستوى التنسيق المؤسساتي الذي يشارك فيه أكثر من جهاز. وهنا تكمن خطورة المسألة، فهي لا تتعلق بموظف متهور، بل بخلل بنيوي يسمح بتحويل الإدارة العامة إلى أداة للإثراء غير المشروع.
ويصف مراقبون هذا النمط بأنه “فساد بنيوي”، حيث تتحول المؤسسات إلى أطر شكلية تخدم دوائر ضيقة بدلاً من القيام بدورها في حماية المال العام. ويؤدي ذلك إلى فقدان الثقة الشعبية بالمؤسسات المصرفية والرقابية، وإلى تعزيز قناعة راسخة بأن الدولة غير قادرة على حماية نفسها من الداخل.
وتدعم الوثائق المسربة هذه الرواية، حيث أظهرت مبالغات فاضحة في التقييم لا يمكن تفسيرها كأخطاء إجرائية، بل كممارسات متعمدة تهدف إلى استنزاف المال العام. ويقود هذا إلى قراءة سياسية أشمل ترى في السماح لمسؤول مدان بالعودة إلى موقع حساس، انعكاساً لضعف الإرادة الإصلاحية وغياب رؤية استراتيجية جادة لمحاربة الفساد في العراق.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

أخبار ذات علاقة
ملفات ما بعد التصويت تعيد اختبار العلاقة بين الناشطين والقوى التقليدية
قرار تصنيف “حزب الله والحوثيين” بالإرهاب… وارتداده السياسي
طقس العراق.. أمطار رعدية وتباين في درجات الحرارة