بغداد/المسلة: تعاني الصناعة العراقية من تراجع كبير جعلها تبدو بعيدة عن أمجادها السابقة، حينما كان العراق يمتع بصناعات ثقيلة تساهم بشكل فعال في الاقتصاد الوطني. واليوم، أصبحت الصناعة العراقية رمزًا للفوضى الإدارية، وتراجع الاستثمار، وتأثرها الشديد بالأحداث السياسية والاقتصادية التي شهدتها البلاد.
وتعكس المصانع الصغيرة، التي تشكل قرابة 90% من إجمالي المعامل، مدى ضعف هذا القطاع وهيمنة الصناعات التحويلية على حساب الاستراتيجية.
وفي ظل الفساد والإهمال الإداري المتواصلين، باتت الصناعة العراقية اليوم في حاجة ملحّة لخطط جدية لإعادة إحيائها والنهوض بها إلى مستوياتها السابقة.
وبحسب الإحصائيات، تشكل المعامل الصغيرة حوالي 90% من إجمالي المصانع والمعامل في العراق، وهي نسبة تعكس مدى ضعف الصناعة العراقية اليوم، إضافة إلى هيمنة الصناعات التحويلية على حساب الصناعات الاستراتيجية والثقيلة.
ويتجلى هذا التراجع بشكل أوضح من خلال البيانات الرسمية لوزارة الصناعة والمعادن للعام 2022، والتي تظهر أن العراق يمتلك نحو 227 مصنعا تابعا لشركات القطاع العام، إلا أن 140 مصنعا فقط هي التي تبقى نشطة.
وتشير الإحصاءات أيضًا إلى أن نحو 18 ألفا و167 مشروعا صناعيا متوقف عن العمل لأسباب متعددة، ما يعكس الفجوة العميقة التي يعاني منها القطاع.
و رغم التدهور المستمر، يرى بعض المراقبين أن هناك بوادر إيجابية تشير إلى إمكانية حدوث تغيير، عبر تبني بعض المشاريع البسيطة التي قد تكون خطوة على الطريق الصحيح لإحياء القطاع الصناعي .
وتوضح التجارب العالمية بأن تطوير القطاع الصناعي في العراق يتطلب تركيزًا على عدة جوانب أساسية تشمل تعزيز البنية التحتية، الاستثمار في التكنولوجيا الحديثة، وتطوير الموارد البشرية.
ويقول مهندس الكهرباء عادل محمود أن الحاجة قائمة لتعزيز الشراكة بين الحكومة والقطاع الخاص لتحفيز الابتكار ورفع الكفاءة ثم التوجه نحو استراتيجيات متكاملة كهذه يمكن أن يساهم بشكل فعال في تحويل الصناعة العراقية إلى قطاع قوي ومربح يسهم في تنمية الاقتصاد الوطني وتحسين مستوى المعيشة.
وتشير التجارب العالمية إلى أن تحويل الصناعة إلى قطاع مربح يتطلب استراتيجيات فعالة وتعاوناً شاملاً بين مختلف الفاعلين في المجتمع.
ويمكن للعراق الاستفادة من العديد من التجارب الناجحة في هذا المجال لتحقيق نهضة صناعية شاملة.
وتُعد التجربة الألمانية في الصناعة موذجاً يحتذى به، حيث قامت ألمانيا بتطوير التصنيع الذكي واستخدام التقنيات المتقدمة مثل الروبوتات وإنترنت الأشياء لتحسين الإنتاجية والكفاءة.
وارتكز نجاح هذه التجربة على الشراكة الفعالة بين القطاعين العام والخاص والبحث العلمي، و إذا ما اعتمد العراق على نهج مماثل، فبإمكانه أن يعزز من قدراته الصناعية ويوفر بيئة تحفّز الابتكار وتعزز الإنتاجية.
تجربة كوريا الجنوبية هي مثال آخر على النجاح في تطوير الصناعات الثقيلة. في الستينيات، ركزت كوريا على الاستثمار في صناعات مثل الصلب وبناء السفن بدعم قوي من الحكومة من خلال توفير الحوافز الضريبية والبنية التحتية الملائمة. بالإضافة إلى ذلك، أعطت كوريا اهتماماً كبيراً لتطوير الموارد البشرية من خلال برامج تدريبية متخصصة تهدف إلى توفير القوى العاملة المؤهلة، وهو ما يمكن للعراق أن يستفيد منه لرفع كفاءة العاملين في القطاع الصناعي.
والتجربة الصينية تعتبر درسًا في كيفية تعزيز الصناعات التحويلية من خلال إنشاء مناطق اقتصادية خاصة، تهدف إلى جذب الاستثمارات وتقديم التسهيلات اللازمة للشركات. مثل هذه المناطق قد تساعد العراق في جذب المستثمرين وإنشاء صناعة قوية. كما أن الصين ركزت على تطوير بنيتها التحتية بشكل كبير، مما ساعد على تحسين الكفاءة وتقليل التكاليف، وهذا أيضاً مجال يمكن أن يحظى باهتمام العراق لتحقيق تأثير مشابه.
وفي الهند، كانت الاستثمارات في قطاع تكنولوجيا المعلومات محفزاً كبيراً للنمو الصناعي، حيث ساعدت في رفع مستوى الكفاءة والجودة.
ويمكن للعراق أن يركز على تطوير تكنولوجيا المعلومات وتوفير التدريب اللازم للعمال، ما سيساهم في تحويل قطاعه الصناعي ليصبح أكثر كفاءة وقدرة على المنافسة.
أما اليابان، فقد طورت نهج الإنتاج الرشيق الذي يركز على تقليل الهدر وتعزيز الكفاءة. كما أنها تبنت ثقافة الابتكار المستمر أو “كايزن”، التي تسعى إلى تحسين كل جزء من عملية الإنتاج باستمرار. مثل هذا النهج يمكن أن يساهم في تطوير الصناعة العراقية من خلال تحسين العمليات الإنتاجية وزيادة قدرتها التنافسية.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
أخبار ذات علاقة
التكامل العشائري الكردي-العربي: تعزيز روابط الشمال بالجنوب
ترهات خضير الخزاعي
العراق أمام تحدي تفنيد تبريرات العدوان.. وتحييد الصراعات