بغداد/المسلة: تتعمق الحكومة العراقية في سياستها التي تهدف إلى تأكيد أن قرار الحرب والسلم يقع ضمن الصلاحيات الحصرية للدولة ومؤسساتها الدستورية، محاولةً تجنيب العراق التهديدات المتوقعة من اسرائيل.
ويأتي هذا في ظل التصعيد الإقليمي المتزايد، حيث أعلنت «المقاومة الإسلامية في العراق» عن شن هجمات استهدفت مواقع إسرائيلية، مما أثار قلق بغداد بشأن التداعيات المحتملة على أمنها القومي وعلاقاتها الدولية.
وفي محاولة لتقديم رؤية عراقية معتدلة، أكد رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، ضرورة الالتزام بالسياقات الدستورية، قائلاً إن “قرار الحرب والسلم تقرره الدولة بمؤسساتها الدستورية”، وحذر من أي تصرفات قد تضع العراق في دائرة استهداف محتملة، لاسيما من قِبَل إسرائيل التي لطالما استخدمت هذه الذرائع لتوسيع نطاق ضرباتها.
يؤكد هذا التوجه أيضًا أن الحكومة العراقية تسعى لتجنب الانجرار في صراع إقليمي جديد قد يعصف بجهود إعادة الاستقرار التي تعمل عليها منذ سنوات.
وفي ظل هذه التهديدات، تبدو الحكومة العراقية عازمة على تهدئة المواقف؛ فقد دعا وزير الخارجية فؤاد حسين من باريس إلى وقف النار، مشددًا على ضرورة “الاحتكام لمنطق العقل لا العدوان” ومشددًا على دعم العراق لموقف يحترم سيادة الدول ويحفظ السلم الإقليمي.
موقف أميركي وتدخل دبلوماسي
ما أضافته الحكومة العراقية على لسان فادي الشمري، المستشار الحكومي، يبرز دلالات واضحة على مدى تأثير الولايات المتحدة والتحالف الدولي على قرار العراق، حيث أشار إلى مساهمتهما في تجنيب العراق ضربات إسرائيلية محتملة.
وهذا التصريح يعكس حقيقة أخرى قد تثير تساؤلات، وهي هل يمكن للعراق، الذي لا يزال يعتمد على الدعم الأميركي في عدة مجالات، أن يتخذ قراره المستقل بعيدًا عن التأثيرات الخارجية؟ أم أن الوضع الحالي يعكس ضغوطًا أميركية تحاول الحكومة العراقية الالتزام بها ضمن توازنات لا تخل بالاستقرار الداخلي؟
وفي تناقض واضح مع توجهات الحكومة، أعلنت فصائل مسلحة على لسان قياداتها، مثل علي الأسدي رئيس المجلس السياسي لحركة «النجباء»، أنها ترى أن “قرار الحرب في الدول المحتلة مثل العراق ولبنان وفلسطين بيد المقاومة وليس الدولة”.
وجاء هذا التصريح ليكشف عن حالة التوتر التي تسيطر على المشهد السياسي العراقي، إذ إن هذه الفصائل تعتبر نفسها صاحبة القرار النهائي في توجيه السلاح وتحديد الأهداف خارج سلطة الحكومة. هنا، يبدو أن هذه القوى المسلحة تؤسس لنوع من «السيادة الموازية»، مما يضع الحكومة العراقية في مواجهة مباشرة مع تحديات صعبة تتعلق بحفظ وحدة القرار السياسي والأمني، دون الانجراف نحو صراعات داخلية قد تُستغل لصالح جهات خارجية.
ويبرز هذا الصراع عندما يتوعد زعيم النجباء أكرم الكعبي، برد انتقامي لما وصفه بـ«الثأر لقادة المقاومة في لبنان وغزة»، مما يثير مخاوف حول إمكانية تحول العراق إلى ساحة جديدة لتصفية حسابات إقليمية قد تدفع البلاد نحو دائرة عنف جديدة قد لا يكون هناك رجعة منها بسهولة.
في سياق هذه الأحداث، يبدو أن الحكومة العراقية تحاول تحقيق توازن دقيق بين سيادتها الوطنية والتزاماتها تجاه التحالفات الدولية، في ظل تهديدات متزايدة قد تدفعها لاتخاذ قرارات لا تتماشى بالضرورة مع رغبات الأطراف الداخلية كافة.
ويمكن افتراض أن الحكومة قد تلجأ، في حال تصاعد الصراع، إلى تكثيف الحوار مع هذه الفصائل من خلال “الإطار التنسيقي” الذي يضم ممثلين من الأحزاب والفصائل المسلحة، سعيًا لإقناعها بضرورة احترام التزامات الدولة مع التحالفات الدولية، خصوصًا إذا كان هناك خشية من أن يستغل الطرف الآخر هذه التصرفات كذريعة لشن هجمات تستهدف الداخل العراقي.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
أخبار ذات علاقة
زعماء الوسطية.. هل قادرون على توجيه السكة على مفترق طرق إقليمي؟
اشنطن “ترفض بشكل قاطع” مذكرتي التوقيف بحق نتانياهو وغالانت
القسام: أجهزنا على 15 جنديا إسرائيليا من المسافة صفر