بغداد/المسلة: العلاقة بين العراق والولايات المتحدة تحمل تحديات كبيرة في ظل التطورات الإقليمية والتغيرات السياسية الداخلية في كلا البلدين.
وهناك توجه عراقي لطرح علاقته مع واشنطن بشكل مختلف عما كان عليه سابقاً، حيث يسعى العراق إلى تنويع هذه العلاقة بعيداً عن البُعد العسكري والأمني الذي طالما طغى على التعاون الثنائي. و قدم العراق مؤخرًا مذكرة احتجاج رسمية إلى مجلس الأمن الدولي ضد إسرائيل، مؤكدًا على ضرورة توضيح المواقف وإبراز المظالم العراقية أمام المحافل الدولية، وهي خطوة تستهدف إعادة صياغة سياسات العراق الخارجية بما يعزز سيادته واستقلاليته.
في هذا السياق، شكّلت الحكومة العراقية لجنة خاصة لمراجعة العلاقة مع واشنطن، معتمدة على اتفاقية الإطار الاستراتيجي الموقعة عام 2008، والتي كانت تسعى إلى إرساء شراكة قائمة على التعاون في مختلف المجالات، وليس فقط الشؤون الأمنية.
وتقول مصادر لـ المسلة، أن العراق يسعى إلى تحقيق شراكة متوازنة تتيح له بناء اقتصاد قوي ومستدام، عبر الاستفادة من خبرات واشنطن في المجالات الاقتصادية، والتعليمية، والصحية، بدلاً من الاعتماد المفرط على الجانب العسكري”، و هذا التوجه يعكس رغبة قوية في تحقيق تطلعات الشعب العراقي بعيدًا عن تأثيرات الصراعات الإقليمية.
علاوة على ذلك، أعلن العراق في وقت سابق من هذا العام إنهاء التحالف الدولي الذي تشكل عام 2014 لمحاربة تنظيم داعش، وهي خطوة تهدف إلى الحد من التواجد العسكري الأجنبي، واستعادة السيطرة الوطنية على القرارات السيادية.
ويأتي هذا الإعلان كجزء من خطة تهدف إلى تغيير نمط العلاقة مع الولايات المتحدة، مع السعي لتطوير آليات جديدة للتعاون عبر لجنة عسكرية ثلاثية تضم ممثلين من الطرفين.
وتفيد تحليلات انه “على هذه اللجنة أن تؤسس أسسًا قوية لشراكة حقيقية تبتعد عن الهيمنة وتستند إلى المصلحة المتبادلة، بحيث يشعر العراقيون بأثر هذه الشراكة في حياتهم اليومية”.
والتحول نحو الشراكة الاقتصادية بات مطلباً متزايداً، حيث تؤكد بعض الأصوات داخل الحكومة العراقية على ضرورة الانتقال من الاعتماد على الدعم العسكري إلى تعزيز التعاون في مجالات البنية التحتية والتكنولوجيا والطاقة، مما يساهم في تطوير قدرات العراق الاقتصادية وتوفير فرص عمل للشباب.
والعلاقة العراقية-الأمريكية تُعدّ من أكثر القضايا تعقيداً في المشهد السياسي العراقي، وتشكل مصدر خلاف بين القوى السياسية، حيث تتباين الرؤى حول كيفية التعامل مع هذه العلاقة وتوجيهها نحو مسار يخدم مصالح البلاد بعيداً عن التدخلات الخارجية.
تيارات سياسية ترى في واشنطن شريكاً أساسياً يجب الحفاظ على تعاونه، خصوصاً في المجالات الاقتصادية والصحية والتعليمية التي يفتقر فيها العراق إلى دعم مؤسسي طويل الأمد.
هذه القوى تدعو إلى توسيع مجالات التعاون خارج الإطار الأمني، مشيرة إلى أن الولايات المتحدة يمكنها أن تكون حليفاً استراتيجياً لتنمية العراق من خلال استثمارات ضخمة، خاصة في مجالات البنية التحتية والطاقة.
ولعل هذا التوجه يُعبّر عنه ممثلون في البرلمان ومسؤولون يعتقدون أن بناء شراكة اقتصادية شاملة مع واشنطن يمكن أن يحقق استقراراً اقتصادياً بعيداً عن عائدات النفط.
على الجانب الآخر، هناك قوى تعتبر أن العلاقة مع الولايات المتحدة محفوفة بمخاطر السيادة. هذه الأطراف، التي تميل غالباً إلى خطاب وطني رافض للتواجد العسكري الأمريكي، و ترى أن السياسة الأمريكية في المنطقة تتعارض مع مصالح العراق وتوجهاته الإقليمية.
وبالنظر إلى النفوذ الإقليمي الواسع لهذه القوى، فقد شهدت الساحة السياسية مطالبات بإعادة تقييم العلاقة، وتحديد مدى الحاجة إليها.
وهذا الانقسام يظهر بشكل جليّ في قرارات الحكومة العراقية، التي تسعى من جهة إلى تهدئة المخاوف الداخلية عبر تشكيل لجان لمراجعة اتفاقية الإطار الاستراتيجي مع الولايات المتحدة، ومن جهة أخرى تواجه ضغوطات من أجل تأكيد التوجه نحو شراكات جديدة لا تخضع للضغوطات الخارجية.
وكانت اللجنة المشتركة عقدت 3 اجتماعات في واشنطن وبغداد، توصلت خلالها إلى آلية جديدة لتنظيم العلاقة بين الطرفين، وتقضي بانسحاب ما تبقّى من قوات قتالية أميركية في العراق، والإبقاء على عدد من المستشارين لأغراض المشورة والدعم اللوجيستي، بحسب اتفاقية الإطار الإستراتيجي الموقَّعة عام 2008 التي صادَق عليها البرلمان العراقي.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
أخبار ذات علاقة
زعماء الوسطية.. هل قادرون على توجيه السكة على مفترق طرق إقليمي؟
اشنطن “ترفض بشكل قاطع” مذكرتي التوقيف بحق نتانياهو وغالانت
القسام: أجهزنا على 15 جنديا إسرائيليا من المسافة صفر