المسلة

المسلة الحدث كما حدث

ما هي قواعد المركزية الغربية ؟

ما هي قواعد المركزية الغربية ؟

5 نوفمبر، 2024

بغداد/المسلة:

رياض الفرطوسي

تتمسك المركزية الغربية برؤية استعلائية وعنصرية ‘ وحتى تكون مقبولا بالنسبة لهم لابد ان ترى العالم من خلال معاييرهم فقط . يوجد جدل واسع في الاوساط الفكرية الغربية وانقسامات بين مؤيد ومعارض لهذه المعايير حيث اخذت مجالا نقديا واسعا من قبل العلماء والمفكرين الذين ينتمون لثقافات اخرى ممن يعتقدون ان هذه الرؤية تقوم على تهميش اسهامات حضاراتهم وتعيد صياغة التاريخ بشكل غير عادل ومنصف . يمكن فهم تمسك الغرب الاوربي بفكرة التفوق الحضاري والعلمي من خلال عدة ابعاد تاريخية وثقافية ‘ نشأت عبر فترات مختلفة من الزمن ‘ خلال العصور الوسطى ‘ ظلت اوربا متأثرة بالحضارات الاخرى ‘ مثل الحضارة الاسلامية في الاندلس والشرق ‘ وكان التواصل بين الحضارات يسهم في التطور المعرفي والعلمي . لكن مع ظهور عصر النهضة في اوربا ثم التوسع الاستعماري في القرون اللاحقة ‘ تبنى الغربيون فكرة انهم يتمتعون بميزة حضارية وعلمية ‘ ساهمت في تأسيس مفهوم المركزية الغربية.

تقوم المركزية الغربية على مجموعة من القواعد :
التفوق الحضاري : التركيز على ان الحضارة الغربية هي الاكثر تقدما ‘ وانها مهد الديمقراطية ‘ والعلم ‘ والفنون ‘ وان الحضارات الاخرى اما اقل تطورا ‘ او تعتمد على اوربا كمصدر للتقدم . خلال عصر التنوير ‘ طور الفلاسفة الغربيون نظريات جديدة في العلوم والفلسفة . هذا التقدم العلمي والنظري ساهم في بناء شعور بالتميز الثقافي . وقد رأى الغرب في عصر الاكتشافات والاستعمار ‘ ان حضارتهم ( ارقى ) من الحضارات الاخرى ‘ مما عزز فكرة الاستعمار بهدف ( تمدين ) الشعوب الاخرى ‘ وغالبا ما تضمن هذا التوجه تبريرا اخلاقيا للاستغلال والاستعباد.

التهميش الثقافي : تجاهل او تهميش الانجازات الحضارية للثقافات غير الغربية ‘ سواء كانت من افريقيا ‘ او اسيا ‘ او امريكا اللاتينية ‘ وتصور هذه الثقافات بأنها تابعة او متخلفة.

الاحكام المسبقة : وضع معايير غربية كقواعد عالمية يحكم من خلالها على الثقافات الاخرى ‘ كالتقدم العلمي والتكنلوجي ‘ والنظام السياسي.

تأطير التاريخ العالمي : عرض التاريخ من منظور اوربي فقط كتصوير الاستكشافات الاوربية على انها السبب في اكتشاف اجزاء كبيرة من العالم ‘ مع تجاهل تاريخ تلك المناطق او الانجازات التي سبقت الغربيين فيها.

الاستعمار والهيمنة : تبرير الاستعمار والسيطرة الغربية على الدول غير الغربية من منطلق التفوق الحضاري ‘ وكأن هذه الدول بحاجة الى التحديث الغربي.

التقليل من الانجازات العلمية والفنية لغير الغربيين : التقليل من الاسهامات العلمية والفنية للحضارات الاخرى ‘ مثل الحضارة الاسلامية ‘ والصينية ‘ والهندية ‘ وتقديم الغربيين كرواد في كل المجالات.

الترويج للحداثة الغربية : التعامل مع النموذج الغربي للحداثة بأعتباره الوحيد القابل للتطبيق والمطلوب عالميا ‘ واهمال النماذج الاخرى للحداثة والتنمية التي نشأت في حضارات اخرى.

البعد المعرفي والعلمي : مع تقدم العلوم في الغرب خلال القرنين السابع عشر والثامن عشر انتشر الاعتقاد بأن النهج العلمي الغربي هو الافضل ‘ مما ادى الى تهميش العلوم والمعارف التي كانت متقدمة في اماكن اخرى . مثل العلوم الاسلامية والصينية . وقد تم استبعاد هذه العلوم من الاطار المعرفي الغربي او اعيدت صياغتها لتتماشى مع رؤية ( المركزية الغربية ).

الجانب الاقتصادي والسياسي : مع التطور الاقتصادي الذي رافق الثورة الصناعية ‘ اصبحت الدول الغربية اكثر قوة واستطاعت فرض هيمنتها على دول اخرى . نشأت الطبقات الصناعية والتجارية الكبرى التي استفادت من الموارد الطبيعية والبشرية للشعوب المستعمرة مما عزز من الشعور بالتفوق والاستحقاق . فكان من السهل تبني ايديولوجيات تبرر هذا الاستغلال على اساس ( التفوق الحضاري ).

الرؤية الثقافية والاعلامية : ساهم الادب والفنون ووسائل الاعلام في الغرب في تصوير الشعوب الاخرى بأنها ( بدائية ) او ( متخلفة ) ادت هذه الصور النمطية الى تعزيز التصورات العنصرية ‘ حيث اصبح ينظر الى الغرب على انه منبع الحضارة مقابل ( تأخر ) الثقافات الاخرى . مثلا استعانت امريكا بهوليود من خلال الافلام عبر مخرجين محترفين لصناعة رؤية ترويجية على ان الغربي كائن خارق وغير عادي.

العنصرية الغربية : بعض النظريات العلمية الزائفة مثل علم الاعراق الذي انتشر في القرن التاسع عشر حاولت تبرير التفوق الغربي على اسس عنصرية . فتم تصنيف الشعوب الاخرى في مراتب دنيا . مما دعم فكرة ان الغرب يمتلك حق الهيمنة والاستغلال . لقد تجاوز العالم هذه الرؤى عبر تعزيز التعددية الثقافية والاعتراف باسهامات الحضارات الاخرى ‘ لكن يبدو ان اثار الماضي لا زالت تؤثر على مواقف وسياسات كثير من دول الغرب.


المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author