بغداد/المسلة: تشير تحليلات اقتصادية إلى أن استمرار إغلاق عدد كبير من المصانع الحكومية في العراق، مثل معامل صناعة الألبسة، الجلود، والأثاث المنزلي، يشكل عائقاً خطيراً أمام تحقيق أي نمو اقتصادي مستدام.
وأفادت آراء خبراء بأن اعتماد الدولة على عائدات النفط بشكل شبه كامل، لا سيما في تأمين مرتبات ملايين الموظفين، يؤدي إلى جمود اقتصادي يزيد من هشاشة الوضع في البلاد، ويعيق أي محاولات لإعادة الحياة للقطاع الصناعي. وقد ذكرت تدوينة حديثة تعليقاً على هذا الوضع، قائلة: “لا صناعة، لا اكتفاء ذاتي، وكأننا لا نملك إلا النفط ليُبقي العراق واقفاً على قدميه”.
وبحسب المختص في الشأن الاقتصادي، نبيل المرسومي، فإن أكثر من 50% من المصانع المسجلة في العراق متوقفة عن العمل، رغم أن البلاد تمتلك نحو 67 ألف مصنع مسجل في اتحاد الصناعات.
ويتساءل بعض المواطنين عن السبب وراء هذا الجمود، حيث قال أحدهم في تغريدة على تويتر: “كيف لبلد بهذا العدد من المصانع أن يكون غير قادر على توفير حتى المنتجات الأساسية لمواطنيه؟ من المسؤول؟”. ويبدو أن غياب الحملات التي تشجع على شراء المنتجات المحلية والوطنية يمثل جزءاً من هذه الأزمة، إذ تحدثت مصادر عن أن الشركات العاملة في الاستيراد تستفيد منها شريحة من التجار المتنفذين الذين لا يرغبون في عودة المصانع العراقية إلى العمل، لما قد تسببه من ضرر لمصالحهم التجارية.
في السياق ذاته، شهدت البلاد في الأشهر الأخيرة حراكاً من بعض المستثمرين العراقيين الذين يسعون لإعادة إحياء الصناعة المحلية. ووفق معلومات متداولة بين أوساط هؤلاء المستثمرين، فإن هناك رغبة قوية في النهوض بقطاع الصناعة، ولكن تعيقها تحديات عدة، أهمها غياب الدعم الحكومي الكافي والمنافسة الشرسة مع المنتجات المستوردة التي تتدفق بسهولة إلى السوق العراقية. وقد أشار تحليل اقتصادي إلى أن تعزيز الصناعة المحلية سيسهم في تحقيق اكتفاء ذاتي نسبي على الأقل، خاصةً في القطاعات الأساسية، وسيقلل من الاعتماد على الواردات الأجنبية.
وفي خطوة قد توحي بتوجه جديد، أكد رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، في سبتمبر الماضي، أن حكومته ليست لديها نية لخصخصة الشركات الحكومية، مشيراً إلى توجيه جهود الحكومة نحو القطاع الصناعي لتغطية احتياجات السوق المحلية وتصدير الفائض، وهي خطوة قد تكون البداية لنهضة اقتصادية في العراق إذا ما تم تحقيقها فعلاً.
ومع ذلك، يقول المهندس كاظم عباس أن “الخطوات اللفظية لم تعد تكفي، والاقتصاد العراقي لا يحتاج للوعود بل للإجراءات الواقعية”.
وفي سياق متصل، قال المهندس عارف حسن، في تعليق على وسائل التواصل الاجتماعي: “استمرار إهمال المصانع والمعامل المحلية لن يؤدي إلا إلى تفاقم معدلات الفقر والبطالة، وسيخلق بيئة اجتماعية غير مستقرة، فلا نمو دون صناعة”.
ومع تزايد الضغوط الاجتماعية والاقتصادية، تشير توقعات إلى أنه إذا استمر العراق في إهمال الصناعة المحلية، فقد يؤدي ذلك إلى عواقب سياسية خطيرة، حيث سيفقد المواطنون ثقتهم في قدرة الحكومة على تحسين ظروفهم المعيشية.
ووفقاً لتقديرات استباقية، فإن عودة الحياة إلى المصانع والمعامل العراقية تتطلب إرادة سياسية حقيقية ودعماً حكومياً مكثفاً لخلق بيئة مناسبة للاستثمار في الداخل.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
أخبار ذات علاقة
تحديات داخلية تضغط على الاقتصاد: تقلبات أسعار النفط وارتفاع تكاليف الإنتاج
قائد الإدارة الجديدة في سوريا التقى فاروق الشرع ودعاه لحوار وطني
هل ستبقى سوريا موحدة؟