بغداد/المسلة: حالة من القلق المتصاعد تسود أجواء إقليم كردستان مع اقتراب موعد التعداد السكاني في العراق، المقرر في العشرين من نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، وهو التعداد الذي طال انتظاره رغم ما يحمله من جدل ومخاوف متبادلة بين الأحزاب السياسية الكردية.
بينما يقف الحزب الديمقراطي الكردستاني موقفاً متحفظاً، محذراً من إجراء التعداد في الوقت الراهن، يتبنى حزب الاتحاد الوطني الكردستاني، الذي يتمتع بنفوذ قوي في السليمانية وكركوك، موقفاً مؤيداً لإتمامه في موعده. ويبدو أن التباين في المواقف بين الطرفين ينبع من اختلافات عميقة بشأن التأثيرات المحتملة للتعداد على الخريطة الديموغرافية للمناطق المتنازع عليها، التي تتأرجح بين نفوذ القوى العربية والكردية.
وفي تعليق سياسي، أشار مصدر مطلع إلى أن “الحزب الديمقراطي الكردستاني يخشى من أن يُسهم التعداد في تغيير تركيبة السكان في المناطق المتنازع عليها لصالح مكونات أخرى، مما سيضعف موقف الإقليم أمام الحكومة المركزية في بغداد”.
ووفق تحليلات سياسية أُجريت مؤخراً، يبدو أن التعداد بالنسبة للحزب الديمقراطي لا يُعد سوى خطوة نحو إعادة رسم خريطة التوازنات في تلك المناطق، في ظل محاولات بغداد تعزيز سيطرتها عبر وسائل تُرى في الإقليم بأنها ذات طابع سياسي.
ويتقاطع هذا التخوف مع تصريحات لرئيس هيئة المناطق الكردستانية، الذي طالب بتأجيل التعداد إلى موعد آخر حتى تُحسم مسألة المناطق المتنازع عليها بين أربيل وبغداد.
ويبدو أن هذا التأجيل بات مطلباً أساسياً للديمقراطي، الذي يرى أن إجراء التعداد قبل تطبيق المادة 140 من الدستور العراقي سيفتح الباب للتلاعب في نتائج التعداد لصالح تقليص نفوذ الإقليم، وهو ما عبّرت عنه تقارير حزبية على شكل تنبيهات وتوصيات خلال اجتماعات مغلقة عقدت مؤخرًا.
تغريدة لأحد الناشطين تعكس هذا الموقف بوضوح؛ إذ كتب الناشط: “التعداد في المناطق المتنازع عليها يُجرى لأهداف سياسية واضحة، وهدفه الوحيد تقليص إقليم كردستان جغرافياً وديموغرافياً… إنها محاولات مكشوفة!” وقد أثارت هذه التغريدة ردود فعل واسعة من مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي في الإقليم، معبرين عن دعمهم للتوجهات الاحترازية للحزب الديمقراطي، بينما اعتبر آخرون من مؤيدي الاتحاد الوطني أن هذا التأخير سيفاقم من تعقيد الوضع.
في المقابل، تحدثت مصادر سياسية قريبة من حزب الاتحاد الوطني الكردستاني عن أن “التعداد خطوة نحو بناء قاعدة بيانات ديموغرافية شفافة تُسهّل استحقاقات المادة 140 في المستقبل”. ويرى الاتحاد أن الاحتكام للتعداد سيكون بمثابة إثبات حاسم لمطالب الإقليم، بدلًا من الاكتفاء بالخطابات والدعاوى السياسية.
ومن ناحية أخرى، عبّر مواطن كردي عن رأيه بالقول: “لا بد من إجراء التعداد، فهو حق شرعي وسيادي، ويعكس واقعية التوزيع السكاني الحالي”. ويعتبر أن تأجيله يعني إرجاء مسألة المناطق المتنازع عليها إلى أجل غير معلوم، مما يزيد من تعقيد الملف الكردي العراقي.
في الوقت الذي تتزايد فيه هذه المواقف، أشارت تقارير تحليلية إلى احتمالية أن يفتح هذا الخلاف بين الأحزاب الكردية الطريق لمزيد من التدخلات من الحكومة المركزية، التي قد تستغل هذا الانقسام في تعزيز سلطتها على المناطق المتنازع عليها. وتفيد تحليلات بأن المواقف المتباينة قد تؤدي إلى صدامات داخلية بين الكتل السياسية الكردية في ظل الرغبة الجامحة لدى الطرفين في إثبات نفوذهما، مما قد يقود إلى مشهد سياسي معقد يدفع بكردستان نحو مزيد من الاستقطاب السياسي.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
أخبار ذات علاقة
العراقيون يبحثون عن ضوء في نهاية النفق: الى متى الخيبات الكهربائية؟
السوداني والرئيس الإيراني يؤكدان العمل على منع تداعي أوضاع سوريا
القائد العام: أمن العراق من أولويات الحكومة