بغداد/المسلة: قال كبير مستشاري قائد الثورة الاسلامية وعضو مجمع تشخيص مصلحة النظام علي لاريجاني في مقابله خاصة مع وكالة تسنيم الدولية للانباء: ” إن القادة العسكريين وكبار المسؤولين في البلاد يستعدون للرد على الكيان الصهيوني، وإن مبدأ معالجة حسابات إسرائيل لا يزال قائما”.
وفيما يتعلق بزيارته الهامة الاخيرة التي قام بها علي لاريجاني الى كل من سوريا ولبنان واصدائها الكبيرة وتسليمه رسالة سماحة قائد الثورة الاسلامية الى الرئيس السوري بشار الاسد ورئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري قال: لاريجاني لقد تضمنت هذه الرسالة الموجهة من سماحة قائد الثورة الاسلامية نقاطا مهمة لسوريا ولبنان خلال الفترة الراهنة. لقد رأى سماحته انه في هذه المرحلة، يعد من الضروري توجيه هذه الرسالة.. ويقتضي الأدب السياسي ألا أقول شيئاً حاليا عن فحوى هذه الرسالة ، لأن الرسالة مرتبطة بأشخاص آخرين، وإذا رأوا مصلحة للاعلان عن قسم منها فالأمر متروك لهم.. ما يهمنا هوأننا يجب أن نكون أمناء.
بشكل عام، فان الفحوى في هاتين الرسالتين مرتبط بالظروف الراهنة، ويتم التأكيد على ضرورة الاهتمام اليوم بنفس العوامل التي أدت إلى النجاح في الفترات السابقة.
كما نأمل أن تترك هذه الرسالة تأثيرها بشكل كامل؛ نظرا للترحيب الذي أبدته الأطراف في البلدين أتصور أنه سيحدث ذلك ؛ وفي هاتين الرسالتين تم طرح أفكار لحل القضايا والصمود على هذا الطريق.
وفي رده على هذا السؤال ” يبدو أن الرسالة كانت خطية ونحن سمعنا أنكم تلقيتم ردود أفعال إيجابية من السيد بشار الأسد والسيد نبيه بري بشان هذه الرسالة خلال اللقاءات التي أجريتموها، هل كان كذلك؟” قال لاريجاني: نعم؛ كان الأمر كذلك وقد رحب شقيقينا السيد بشار الأسد والسيد نبيه بري بهذه الرسالة بكل احترام، وكان من المهم بالنسبة لهما أن يريا بان إيران تدعم حركة المقاومة في هذه الظروف وانها مازالت تواصل متابعة القضايا الإقليمية بحساسية.
وفي رده على هذا السؤال ” احدى الأحداث التي وقعت في سوريا، وكان لكم رد فعل مختصر ازائها ، هي قصف الصهاينة لشارع المزة في دمشق خلال لقائكم واجتماعكم في أحدى بنايات هذا الشارع. وقيل لاحقاً إن الكيان الصهيوني يريد إما أن يقوم بخطوة لاغتيالكم، أو أن يرسل رسالة إلى إيران أو حتى بشار الأسد. ما هو وجهة نظرتكم وتحليلكم لهذا الحادث؟
قال علي لاريجاني : انهم كانوا يريدون إرسال رسالة أو اتخاذ إجراء، بالطبع لم أسمع أي شيء من الجهات الرسمية، لكن نفس التحليل الذي أشرتم اليه ان يكون ممكنا.. وفي لبنان تكررت هذه القضية (من خلال تواجد الطائرات المسيرة).
لنفترض الآن أنهم يريدون إرسال رسالة، ما هي الرسالة؟! يريدون مثلاً أن يقولوا أننا أقوياء لدرجة أننا نستطيع قصف مكان يتزامن مع وقت لقاءكم وبالقرب من محل اجتماعكم ! انه كان معلوم مسبقاً أن لديهم القدرة الجوية على القيام بهذه الأمور في سوريا، ولم تعد هناك حاجة لمثل هذا الشيء بعد الآن.. ان مثل هذه الإجراءات تضر بهم، لأننا نقول لهم أيضًا أنه في أسوأ الظروف التي تخلقونها، إننا سنقوم بتنفيذ ارادتنا؛ ما هي نتيجة ذلك بالنسبة لكم؟!..
وفيما يتعلق بالمساعي الاسرائيلية عبر امريكا لإعادة تنشيط الجماعات الإرهابية في جنوب سوريا ضد حكومة السيد بشار الأسد، من أجل توجيه ضرباتهم والهاء محور المقاومة في سوريا ولبنان، وفسح المجال لاسرائيل لتوجيه ضرباتها في لبنان وراحة بالهم قال لاريجاني: من المحتمل أن يفعلوا شيئاً كهذا، والسبب هو أن قوات حزب الله قامت عملياً بصد القوات الإسرائيلية بالمقاومة التي أبدتها. لذلك لا بد من القيام بعمل شرير في مكان آخر والهروب إلى الأمام.
ولذلك فإن هذا الموضوع لا يخفى على أعين المسؤولين السوريين، فقد تمت مناقشته أيضاً، لكن أريد أن أقول إن هذه الإجراءات ليس لها تأثير كبير، لأنها مشكلتهم تكمن في مكان آخر وإذا خلقوا فتنة في مكان ما فانها ستواجه الفشل ( كما انهم في الماضي قاموا بالفتنة أيضًا). الامر الرئيسي هو هل نجح نتنياهو بشان نظرية ايجاد شرق أوسط جديد أم لا؟! يجب أن نرى جواب ذلك في الميدان.
وفيما يتعلق بمواقف بعض الدول التي تختلف مع اسرائيل حول فلسطين الا ان بشان سوريا من الممكن قد تصل إلى تقارب في المصالح مع إسرائيل، على سبيل المثال تركيا بسبب علاقاتها مع بعض الجماعات في سوريا أو حتى السعودية، وهل ايران أجرت محادثات مع تركيا أو السعودية في هذا الصدد للحيلولة دون وقوع مثل هذا الامر؟
قال لاريجاني : أريد أن أنظر إلى جانبه الإيجابي في الوضع الراهن.. علي أية حال تركيا والسعودية هما بلدين اسلاميين، وربما ارتكبتا مثل هذا الخطئ في الماضي، لكن موقفهما اليوم هو مساعدة سوريا لأي سبب من الأسباب.
فيما يتعلق بتركيا لديهم بعض الخلافات، وأعتقد أنه مع الإشارات التي أرسلها السيد أردوغان، فإنهم يرغبون أن تهدأ هذه القضية قليلاً وان يتوصلوا إلى حلول. هذا أمر معقول جداً، كما أننا نساعد على حل خلافاتهم مع سوريا دبلوماسياً، لأن حشد القوات ليست في مصلحة أي من البلدين.
كلامكم صحيح ايضا ويجب أن نخطو خطوات في طريق الوقاية، الاجواء والظروف حاليا تتطلب أن ان تقترب الدول الإسلامية من بعضها البعض؛ على الرغم من أنه قد يكون لديهم خلافات.
كما أننا نعلم بعض التحركات التي أشرتم اليها والتي قد تكون غير صحيحة في بعض الأحيان، ولكن يجب أن نأخذ الجانب الإيجابي منها ونساعد دول المنطقة على المزيد من التقارب فيما بينها.
وفيما يتعلق باللقائين الهامين الذي أجراه كبير مستشاري قائد الثورة الاسلامية مع رئيس مجلس النواب اللبناني السيد نبيه بري، والسيد رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي في بيروت قال علي لاريجاني: بشكل عام استنتجت من المفاوضات معه معه( نجيب ميقاني ) أنه سياسي وطني ويقوم بتحليل الامور جيدا ، وما طرحه هو أيضا يواكب وجهة نظرتنا .. ان حكومة مثل حكومة السيد ميقاتي من الطبيعي ان تسعى وراء مصالح لبنان، والقضية الأهم بالنسبة لنا الآن هي مصالح الشعب اللبناني.
أي أننا إذا وقفنا اليوم الى جانب الحكومة والشعب اللبناني والمقاومة اللبنانية، لكي يكون أفضل إنجاز للبنان حكومة وشعبا. ان نقاشنا ليس نقاشاً دينياً؛ صحيح أننا ندعم حزب الله، لكن السبب هو أن حزب الله اليوم يشكل سداً منيعا امام الكيان الصهيوني. لكننا نحترم أيضاً الطوائف والفصائل الأخرى في لبنان. نحن نوافق على فكرة السيد ميقاتي بأنه يجب نسعى وراء المصالح العامة للشعب اللبناني. وقد ناقشناه أيضاً خلال لقاءنا بهذا الشان وقلنا بصراحة نعتبر هذا الموقف و هذا المسار صحيحين.
وجرى في هذا اللقاء ايضا الحديث عن المساعدات التي يقدمها الشعب الإيراني وكيف وبأي طريقة يجب توصيلها إلى الشعب اللبناني.
وفي ما يلي ما تبقى من نص الجزء الأول:
تسنيم: الأمريكيون، بالتعاون مع بعض المجموعات في لبنان مثل المجموعات المرتبطة بسمير جعجع والكتائب وغيرها، يعتقدون أن حزب الله قد أصبح ضعيفًا جدًا بعد هجمات الكيان الصهيوني، وخاصة بعد استشهاد السيد حسن نصر الله والسيد هاشم صفي الدين. بناءً على هذا التحليل، يسعون لتغيير الحسابات والمعادلات السياسية في لبنان، وربما لإقصاء حزب الله من الساحة.
يبدو أن أمريكا وإسرائيل، أو دول مثل فرنسا، تدعم أو توجه الكيان الصهيوني في هذا الإطار. كيف تقيمون هذه التحركات؟ وهل تعتقدون أن حساباتهم صحيحة؟ وهل سينجحون؟
علي لاريجاني: هذه الأقوال والأهداف تخص فترة سابقة. نظرًا لأن الأحداث في المنطقة تتغير بسرعة، فمن الضروري متابعة التطورات بشكل محدث. إذا قمنا بمراجعة وفهم هذه المرحلة التي نشطت فيها التصدعات الأمنية، خاصة في لبنان، يجب تقسيم الأحداث إلى قسمين.
الموضوعات التي ذكرتموها تتعلق بشكل أكبر بالفترة الأولى من التطورات الأمنية في لبنان. حينها كان الاعتقاد السائد أن حزب الله تعرض لضربة كبيرة لن يتمكن من التعافي منها. بناءً على ذلك، تصرف الإسرائيليون باندفاع، وظنوا أنهم قريبون من تحقيق أهداف مثل الوصول إلى نهر الليطاني. لذلك، جلبوا 5 أو 6 فرق عسكرية إلى الحدود وبدأوا العمليات.
نقلوا هذا التصور إلى الدول الأوروبية وبعض الدول العربية، مما عزز الاعتقاد بأن الوضع الأمني قد انتهى، وأن حزب الله قد انتهى عسكريًا. بناءً عليه، يجب إنهاء وجوده السياسي أيضًا. هذا كان الهدف الأساسي للكيان الصهيوني والدول الغربية.
لكن منذ النصف الثاني من هذه المرحلة، تغيرت الظروف. وأعتقد أن هذا التحليل الذي لديهم يعود للماضي. الآن، إذا نظر أحد بتمعن إلى الوضع الميداني، فسيرى أن نتنياهو في حالة ارتباك سياسي وأمني. فمنذ حوالي 40 يومًا وهو يهدد بالموجة الثانية والعمليات، ولكن عندما ننظر إلى الميدان، نجد أنهم غير قادرين على التقدم. حتى أن الإسرائيليين قلقون من استخدام دباباتهم وتدميرها. وفي الأماكن التي يقال إنهم اخترقوها، سرعان ما يتعرضون لضربات ويضطرون إلى التراجع.
إذن، ما السبب وراء هذا التغير؟ الجواب يكمن في حزب الله. بعد الضربة التي تلقاها، استطاع استبدال جميع كوادره وأفراده الذين استشهدوا، مما أظهر أن حزب الله يتمتع بقدرة استثنائية. رأيت في لبنان شبابًا يمتلكون معنويات عالية جدًا، وأيقنت أنهم، بعون الله، سينتصرون. لأن الروح المعنوية هي العامل الأساسي في الحرب. الكيان الصهيوني لم يتوقع هذا ولم يدرك أنه يواجه قوة مؤمنة ومستعدة للتضحية. وهذا مختلف تمامًا عن القوات التي تنهار عند أول مواجهة وتفر من الميدان.
لذلك، أعتقد أن المعادلة في المنطقة تغيرت منذ عدة أسابيع. قد يحاول البعض التظاهر بعدم المعرفة أو تجاهل الواقع، لكن هذا لا يغير الحقائق الميدانية. الأشخاص الأذكياء والواعون في المنطقة قد فهموا جيدًا ما يجري، وأعتقد أن الأمور ستتضح أكثر في المستقبل.
ومع ذلك، بدأت إسرائيل وبعض الدول الغربية عمليات تضليل إعلامية في المنطقة، مدعية أنها تقدم معلومات دقيقة، لكن في الواقع تهدف إلى نقل قرارات خاطئة إلى مسؤولي الدول. هم يحاولون التأثير على المواقف الدبلوماسية كي لا يُظهر أي دعم لقوى المقاومة. إلا أن الإعلام والمسؤولين الدبلوماسيين في الدول المعنية مدركون لهذه المحاولات. أيضًا، الجهود المتعلقة بموضوع وقف إطلاق النار تظهر أن الوضع الميداني ليس لصالح الكيان الصهيوني. لم يعد هناك حديث عن عدم وجود حزب الله؛ بل إن حزب الله اليوم يمثل ركيزة أساسية لحماية أمن لبنان والمنطقة. المسؤولون اللبنانيون يتابعون موضوعات وقف إطلاق النار بناءً على هذا الفهم.
تسنيم: إذن، هل يوجد في الحكومة اللبنانية نقاش حول إقصاء حزب الله من الساحة السياسية؟
علي لاريجاني: لا، لم أسمع شيئًا من هذا القبيل. المقاومة هي واقع مهم وأساسي في لبنان.
بالطبع، اللبنانيون أنفسهم هم من يجب أن يقرروا، ونحن لا نتدخل في شؤونهم. ولكنني هنا أقدم تحليلًا للوضع القائم، وإلا فإن حزب الله يمتلك قدرة فكرية غنية وواضحة الرؤية، وهو قادر على التحليل السليم. كما أن المسؤولين اللبنانيين من مختلف الأحزاب والجماعات يتمتعون برؤية سياسية واضحة وعقلانية جيدة. لذلك، من غير المنطقي أن يحرقوا إمكاناتهم الوطنية. حزب الله اليوم يمثل حقيقةً قوة ومصدر طاقة لحكومة لبنان. ولم أسمع في أي مكان نقاشًا حول إقصاء حزب الله من المعادلات السياسية في لبنان.
تسنيم: سمعنا أنك ذكرت في مكان ما: “كنا نظن أننا نريد أن نمنح حزب الله الروح المعنوية، لكن عندما ذهبنا إلى لبنان ورأينا روحهم المعنوية، كان العكس، فقد استمددنا نحن الروح المعنوية منهم”. هل هذا الاقتباس صحيح؟
علي لاريجاني: نعم، هذا صحيح. عندما زرت لبنان، رأيت شباب حزب الله يتمتعون بحيوية وعزيمة كبيرة، لم أكن أتوقع أبدًا أنهم، بعد الضربات التي تلقوها من الكيان الصهيوني، سيتمكنون من الوقوف مجددًا بهذه السرعة والمقاومة بهذه القوة. على الرغم من أن قائدهم السيد حسن نصر الله والسيد هاشم صفي الدين استشهدا، وهذا ليس بالأمر البسيط. لكن بفضل فكرهم الحسيني، استطاعوا إعادة بناء أنفسهم بسرعة.
سمعت أن ليلة استشهاد السيد حسن نصر الله، عندما علم شباب حزب الله بالخبر، تأثروا وبكوا كثيرًا في البداية. ولكن في نفس الليلة، تعاهدوا معًا على الثبات والوقوف حتى آخر رمق ضد الكيان الصهيوني، وهذا كان نقطة تحول كبيرة. هذه رسالة يجب أن يدركها نتنياهو: إنه يواجه قوة معنوية جبارة. عليه أن يعلم أن كل ضربة يوجهها لا تؤدي إلى تآكل الروح المعنوية، بل تزيد من علوها، سواء لدى حزب الله أو الشعب اللبناني. هذا الجيل يتمتع بروح معنوية مذهلة، وهو شيء جدير بالملاحظة.
أعتقد أنكم، كإعلاميين، يمكنكم عكس هذه الصورة بشكل أفضل: شباب شجعان، مليئون بالدوافع، مؤمنون، ومضحّون من أجل حماية لبنان وأمنهم الوطني. هؤلاء يحاربون بعقيدة، وهذا ذو قيمة كبيرة.
تسنيم: بعيدًا عن الجانب البشري، كان نتنياهو وحتى الأمريكيون قد ادعوا أن معدات حزب الله دُمرت، بل ذكروا أن أكثر من 80% من مخزون حزب الله قد تم تدميره.
علي لاريجاني: إذن هل حزب الله يجلب هذه المعدات من المريخ؟ (قالها ضاحكًا).
تسنيم: يبدو أنه مع مرور الأيام، نشهد وضعًا مشابهًا لحرب تموز عام 2006، حيث كان حزب الله يفاجئ إسرائيل يوميًا بمفاجآت جديدة. هذه المرة أيضًا يبدو أن الأمور تسير بنفس الطريقة، حيث يواجه الإسرائيليون ابتكارات وإجراءات جديدة يوميًا من حزب الله. على سبيل المثال، بالأمس فقط، تم استهداف تل أبيب بصاروخ باليستي بطريقة مدهشة، في وقت كان فيه نتنياهو يدّعي أنه دمر مستودعات صواريخ حزب الله.
علي لاريجاني: {ردا على تصريحات نتنياهو}: إذن، إذا كانوا قد دمروا مستودعات صواريخ حزب الله بالكامل، فمن يرسل هذه الصواريخ إلى إسرائيل؟ الجن؟ (قالها مازحًا وضاحكًا).
حزب الله يمتلك متخصصين متميزين، وهم يقومون بإنتاج هذه الصواريخ بأنفسهم. يعتقد البعض أن هذه المعدات تأتي من إيران، لكن الحقيقة أن حزب الله أصبح منتجًا للمعدات، وهو قوي للغاية.
حزب الله لديه مهندسون بارعون وأفراد ذوو خبرة عالية. ورغم أن الإسرائيليين اغتالوا عددًا منهم، إلا أن حزب الله لديه القدرة على تعويض هذه الخسائر بسرعة. أعتقد أن حزب الله يملك إمكانات كبيرة جدًا، ولم يستخدم جزءًا كبيرًا منها بعد، مما يعني أنه يستطيع تحقيق نجاحات أكبر في المستقبل.
تسنيم: في زيارتك الأخيرة، تحدثت عن خطة المبعوث الأمريكي الخاص للبنان، السيد هوكشتاين، المتعلقة بوقف إطلاق النار. قلت إن هناك جوانب إيجابية وأخرى سلبية في الخطة التي يجب تعديلها بما يتوافق مع مطالب الحكومة والمقاومة اللبنانية. ما هي الجوانب الأكثر منطقية في الخطة؟ وما هي الجوانب التي تراها غير مقبولة؟
علي لاريجاني: بالطبع، لا أريد الإدلاء برأي حول خطة وقف إطلاق النار، لأن هذا الموضوع يعود للشعب اللبناني والمسؤولين اللبنانيين. يجب أن نقبل وندعم القرار الذي يتخذونه بشكل شامل.
سأوضح الجانب المعقول في هذا الأمر من وجهة نظري. قبولهم بفكرة التوجه نحو وقف إطلاق النار – بغض النظر عن أسباب هذا القبول التي أعتقد أنها واضحة وتعود إلى الإخفاقات الميدانية – هو أمر إيجابي. لأن هذه الحروب العدوانية يجب أن تنتهي في أسرع وقت ممكن، سواء في غزة أو في لبنان. إنهاء الحرب في غزة ولبنان يخدم مصالح المنطقة بشكل كبير.
النقطة الأخرى، على الرغم من أن مسودة الخطة تضمنت أفكارًا جديدة وغير منطقية في البداية، إلا أنهم انتهوا إلى اعتماد القرار 1701 كأساس، وهذا تطور إيجابي. صحيح أنهم أرادوا إضافة تفاصيل وشروط أخرى، ولكن السيد نبيه بري يتولى التفاوض باسم الحكومة والشعب اللبناني. أنا لست على اطلاع كامل بجميع التفاصيل، ولكن هناك بعض النقاط التي رأيت أنها قيد النقد والمراجعة من قبلهم. عمومًا، هذه الجوانب جيدة، ولكن لا تزال هناك قضايا تحتاج إلى حل.
تسنيم: حول موضوع الدعم الأمريكي لإسرائيل في الحرب على غزة ولبنان، يبدو أن الإدارة الأمريكية هي التي تدير المشهد بالكامل، من تقديم المعدات إلى التخطيط الاستراتيجي، وهذا أمر لا شك فيه. كما سمعنا شائعات (لكننا لسنا متأكدين من صحتها) بأن الولايات المتحدة قد تكون وراء عملية اغتيال السيد حسن نصرالله. هل سمعت شيئًا عن هذا الأمر؟
علي لاريجاني: لم أسمع شيئًا عن ذلك، ولكن هناك أدلة كثيرة على أن إدارة الحرب في هذه الفترة – من بداية طوفان الأقصى العام الماضي حتى الآن – هي بيد الأمريكيين، وأنهم موجودون على الأرض.
منذ البداية، وتحديدًا بعد عملية 7 أكتوبر، عندما أصيب الإسرائيليون بالذهول، تدخل الأمريكيون لتوجيههم. ممثل “سنتكوم” جاء وعقد اجتماعات معهم، واستدعى القوات من مناطق أخرى لدعمهم. طوال هذه الفترة، الزيارات المستمرة بين المسؤولين الأمريكيين والإسرائيليين، إلى جانب المعدات والتمويل والدعم الاستخباراتي، تشير بوضوح إلى أن الأمريكيين يديرون المعركة بشكل مباشر.
لو أراد الأمريكيون إيقاف الجرائم الإسرائيلية في غزة ومنع قتل 50 ألف بريء، لكان بإمكانهم فعل ذلك. ولكنهم لم يفعلوا، لماذا؟ لأنهم رأوا أن هناك مهام أخرى أهم ينبغي إنجازها في المنطقة. أهم مساعداتهم كانت على المستوى الاستخباراتي، وحتى العمليات الإسرائيلية المخططة ضد إيران كانت تتم بدعم أمريكي، مع مشاركة طائراتهم وإمكاناتهم في المنطقة.
ما معنى الإدارة؟ الإدارة تعني تقديم المعدات العسكرية والمعلومات الاستخبارية، والتصميم، ودعمهم ماليًا، وعدم منعهم من ارتكاب الجرائم. إذا لم تكن هذه هي الإدارة، فماذا تكون إذن؟!
لذا، يمكن القول بثقة إن الأمريكيين هم من يديرون اللعبة. ولكن لماذا يفعلون ذلك؟ لأنهم يفضلون “الحرب في الظل”، حيث لا يظهرون بأنفسهم وإنما يدفعون بالصهاينة إلى الواجهة. هذا الأمر أصبح واضحًا الآن.
صحيح أن المسؤولين الإسرائيليين يدعون أنهم هم من يتخذون القرارات وينفذونها، ولكن من خلال الاتصالات والمحادثات، يتضح أن الدعم الكامل يأتي من الأمريكيين، وهم الذين يقررون.
قد لا يكون هذا الأمر ذا أهمية كبيرة، ولكن يبدو أن الولايات المتحدة ومسؤوليها – الذين تغيّر بعضهم الآن – بحاجة إلى فهم أكثر عمقًا. قادة الكيان الصهيوني غارقون في مستنقع من صنعهم، ويسحبون معهم الأمريكيين، مما يشوّه سمعة الولايات المتحدة في المنطقة.
من من المسلمين في المنطقة يقبل هذا السلوك الأمريكي؟ لا أحد. وبالتالي، فإن الأمريكيين يعرضون سمعتهم للخطر بأيديهم.
تسنيم: كان لديك تصريح طريف ومميز في مقابلة مع “الميادين”، حيث ذكر البعض ممازحًا أن تصريحك كان بمثابة “الوعد الصادق 3”. وإذا ردت إيران على الإجراءات الإسرائيلية الأخيرة، فقد نكون أمام “الوعد الصادق 4”. ما قصة هذا التصريح؟
علي لاريجاني: لم يكن هناك شيء خاص، أعتقد أن سؤال المذيع كان تقريباً في نفس السياق الذي تفضلتم به الآن، حول أن إسرائيل تمتلك إمكانيات وتجهيزات كثيرة ووجهت ضربات عديدة حتى الآن. فأوضحت لهم ما قلته لكم الآن، وهو أن إسرائيل ليست من يقوم بكل هذه الأفعال، بل الولايات المتحدة تقف خلف كل ذلك. فهي تقدم الإمكانيات والمعلومات للكيان الصهيوني وتعتني به بشكل كامل ليتمكن هذا العريس الملكي من اجتياز حفل الزفاف بنجاح. (ضحك).
تسنيم: أشرتم إلى تغيير الرئيس في أمريكا، هناك من يعتقد في إسرائيل أنه مع وصول ترامب إلى السلطة ستصبح أيديهم أكثر حرية. هل هذا الافتراض صحيح؟ وهل يمكن أن تصبح أكثر حرية من الآن؟!
علي لاريجاني: برأيي لا يمكن حتى الآن تقديم تحليل واضح حول هذه المسألة، لأن المسؤولين في الإدارة الأمريكية القادمة قد أدلوا بتصريحات متناقضة. والنقاشات الحالية تستند إلى سير الشخصيات التي اختارها ترامب لحكومته، كأماكن عملهم السابقة، ومواقفهم تجاه إيران، وغيرها.
لكن النقطة المهمة هنا أن ترامب قد أظهر تغيرات في سلوكه في مواقف عديدة. والسؤال الآن هو: هل ترى أمريكا في عهد ترامب أن مصالحها تكمن في مواصلة النهج الذي سلكه الديمقراطيون؟ حيث إن الديمقراطيين دفعوا بأمريكا إلى القاع في المنطقة ودمّروا سمعتها! وفي هذه الحالة، سيزداد تدهورهم؛ أم أنهم سيحاولون أن يتخذوا تحولاً يتماشى مع المصالح الوطنية الأمريكية؟
كلا الاحتمالين وارد، ويبدو أنهم قد يتبنون أيًا من هذين الموقفين. في الواقع، هناك إشارات على أنهم يريدون إنهاء الحروب في المنطقة والتركيز على أولويات أخرى، لأن أولوياتهم في مجال الأمن القومي مختلفة، واستمرار إشعال الحروب في المنطقة يؤدي إلى استنزاف قوتهم.
ربما يدركون أن مصالحهم لا تكمن في مواصلة طريق الديمقراطيين، وبالتالي قد يتجهون نحو تغيير معقول، وهو ما يصب في مصلحتهم ومصلحة المنطقة.
تسنيم: في مسيرتكم المهنية هناك نقاط بارزة، على سبيل المثال، كنتم مسؤولين عن الملف النووي من عام 2005 حتى منتصف عام 2007، وقيل إنه من خلال موداليتي التي تم التفاهم بشأنها مع خافيير سولانا، مسؤول السياسة الخارجية الأوروبية آنذاك، كان يتم إحراز تقدم وكانت على وشك الوصول إلى نتائج، ولكن وقعت أحداث داخلية حالت دون استكمال ذلك. وفي فترة أخرى، كنتم مسؤولين عن ملف الصين في إطار الاستراتيجية الكبرى للجمهورية الإسلامية التي تعتمد على “التوجه نحو الشرق”، وتم اتخاذ خطوات في هذا المجال، ربما كان جزء منها هو الاتفاقية الاستراتيجية التي تمتد لـ 25 عامًا بين إيران والصين.
والآن دعونا نعود إلى زيارتكم الأخيرة إلى لبنان، وهي زيارة مهمة حظيت بتغطية إيجابية واسعة. هل تشير هذه الزيارة إلى أنكم ستصبحون أكثر نشاطًا في هذا المجال؟ وهل ستتولون مهام خاصة في القضايا والملفات الحساسة للجمهورية الإسلامية في مجال العلاقات الدولية؟ بمعنى، هل هذه زيارة ضمن سلسلة زيارات، أم أنها حالة استثنائية؟
علي لاريجاني: لا يمكنني الإدلاء بأي تصريح حول هذا الموضوع الآن، لأن هذه المهام (مثل ملف الصين) التي أشرتم إليها كُلّفت بها بناءً على أمر من قائد الثورة الإسلامية. بالطبع، كانت هناك قضايا مشابهة في الماضي قُدمت فيها استشارات له. ولكن بشأن هذه القضية المحددة والسؤال الذي طرحتموه، لا يمكنني الإدلاء برأي حاليًا.
تسنيم: يبدو أن اجتماع الوكالة الدولية للطاقة الذرية اليوم (الأربعاء) سيصدر قرارًا وستتضمن نقاطًا ضد إيران. برأيكم، هل تتبنى أوروبا استراتيجية جديدة تجاه إيران؟ أم أن هذه القضية مرتبطة بالذكرى العاشرة للاتفاق النووي؟ وما هي التطورات التي تحدث في علاقتنا مع أمريكا وأوروبا؟
علي لاريجاني: أعتقد أن خطأً يحدث الآن وهو تكرار للأخطاء السابقة التي ارتكبها الأوروبيون. أتذكر أنه خلال حرب لبنان التي استمرت 33 يومًا، كتب هنري كيسنجر مقالاً قال فيه إنه الآن هو أفضل وقت لإصدار قرار ضد إيران! كانت حرب تموز مستمرة، وكنا نجري محادثات مع خافيير سولانا، ولم يكن هناك أي حديث عن إيران أو قرار ضدها. لكنهم اتخذوا هذا القرار. في ذلك الوقت، اتصل بي سولانا وقال: “أنا آسف جدًا لأن هؤلاء المخرّبين قاموا بعملهم”.
يبدو أنهم كانوا يعتقدون أنه بما أن إيران يُشار إليها كقوة في المنطقة، ومن ناحية أخرى، لم تحقق حرب تموز نتائجها لصالح الغربيين، فعلينا إيذاء إيران في مكان آخر، وبهذا نحقق توازنًا جديدًا!
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
أخبار ذات علاقة
حظر تجول في حمص بعد اعتداءات على طوائف علوية وشيعية
العراق: ثروة ديموغرافية مهملة في زوايا البطالة
“قسد” تعلن إفشالها هجمات الفصائل السورية المدعومة من الجيش التركي