بغداد/المسلة: في ظل التصريحات الحادة التي أطلقها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان خلال المؤتمر الثامن لحزب العدالة والتنمية، حيث دافع عن التواجد التركي في سوريا وأعاد التذكير بادعاءات تاريخية حول حقه في ضم أراضيها، بدأت التحركات التركية تلفت الأنظار، خصوصًا بعد تقارير عن زيارة مرتقبة لأردوغان إلى سوريا. وأفاد الصحفي يلماظ بيلغن، المقرب من الحكومة التركية، بأن هذه الزيارة ستكون غير متوقعة في توقيتها وسياقها، مما يزيد من غموض الخطط التركية تجاه سوريا ما بعد بشار الأسد.
تأتي هذه التطورات في أعقاب زيارة كل من وزير الخارجية التركي هاكان فيدان ورئيس جهاز المخابرات إبراهيم كالين إلى سوريا، حيث التقيا أحمد الشرع (الجولاني) وناقشا، وفق المصادر، مستقبل سوريا الإقليمي والدولي. في مقابلة مع قناة “العربية”، أشار فيدان إلى رغبة تركيا في لعب دور الوسيط بين واشنطن والحكومة السورية الجديدة، مؤكدًا التنسيق الوثيق مع السعودية بشأن هذه الملفات.
ورغم الاعتقاد السائد بأن تركيا تتقدم لتأخذ مكان إيران كلاعب إقليمي في سوريا، إلا أن سفير إيران في سوريا حسين أكبري صرح مؤخرًا بوجود ترتيبات لإعادة فتح السفارة الإيرانية في دمشق، في خطوة تعكس تمسك طهران بموقعها في الملف السوري. بيد أن تحركات أنقرة المتسارعة تشير إلى أن دمشق في عهد ما بعد الأسد قد تشهد تراجعًا للدور الإيراني لصالح النفوذ التركي.
وفي تحليل لهذه المستجدات، أوضح إحسان موحديان، المحلل الإيراني المتخصص في الشؤون الدولية، أن أردوغان يسعى لتحقيق عدة أهداف استراتيجية في سوريا. على رأسها، السيطرة على مناطق غنية بالطاقة ومواقع حيوية لتعزيز الاقتصاد التركي. كما أشار إلى أن أردوغان يهدف إلى كبح أي تطلعات كردية من شأنها تهديد الأمن التركي، بالإضافة إلى بناء هيكل سياسي–إداري جديد يضع دمشق عمليًا تحت وصاية أنقرة.
يعتقد موحديان أن الخطة التركية هي جزء من سيناريو ثلاثي الأبعاد بريطاني-إسرائيلي-تركي، يهدف إلى تقليص نفوذ إيران في سوريا وقطع الطريق أمام طهران لتعزيز علاقاتها الإقليمية. لكنه حذر من أن سوريا قد تتحول في المستقبل إلى ساحة صراع جديد بين فصائل وجماعات متنافسة، مما قد يشكل تهديدًا خطيرًا للأمن التركي.
بدوره، يرى فرشيد باقريان، الخبير في الشؤون التركية، أن زيارة أردوغان المحتملة إلى دمشق تهدف إلى تعزيز النفوذ التركي وإزاحة إيران من الساحة السورية. وفي مقابلة مع صحيفة “شرق”، أكد باقريان أن المخاطر تتجاوز الجانب السياسي إلى مشاريع اقتصادية كبرى، وعلى رأسها مشروع “ممر داود”، الذي يهدف إلى استبدال مشروع طريق التنمية الممتد من الخليج العربي عبر العراق إلى تركيا وأوروبا.
وأوضح باقريان أن المشروع الجديد سيمنح تركيا نفوذًا استراتيجيًا يمتد من البحر المتوسط إلى أوروبا وآسيا الوسطى، مع احتمال ربطه بممر زنغزور. وأشار إلى أن تركيا قد تسعى لتوسيع نفوذها عبر هذا الممر ليشمل نخجوان وأذربيجان وصولًا إلى بحر قزوين.
بجانب هذا، أكد باقريان على الأهمية الأمنية للمشروع، حيث تسعى تركيا لتشكيل حزام أمني يقلل من نفوذ الأكراد في المناطق الحدودية مع سوريا وإيران، مما يعزز وضع أنقرة في معادلات الأمن الإقليمي. لكنه حذر من أن هذه الخطط الطموحة قد تزيد من تعقيد الوضع السوري وتفتح الباب لصراعات جديدة تهدد الاستقرار في المنطقة.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
أخبار ذات علاقة
الأنواء الجوية: ترقبوا ما بعد موجة البرد في العراق
ملثمون في الليل ووعود في النهار.. الشيعة في حمص تحت التهديد
برلين تخلع عباءة الصمت: موقف جديد يغيّر معادلة الجزر الثلاث في الخليج