بغداد/المسلة:
محمد حسن الساعدي
تمثل حالة الفوضى السمة الابرز على واقع الجمهورية العربية السورية بعد نهاية حقبة الاسد والتي بالتأكيد سيترشح منها الكثير من الاحداث التي ستؤدي الى الفوضى والانقسام بين مجمل القوى التي تصدرت المشهد السياسي والامني بعد 8 ديسمبر من العام الجاري فالأزمة الاقتصادية التي أخذت بالاتساع شيئاً فشيئاً سيكون لها التأثير السلبي على الاوضاع الاجتماعية وسيعمق الانقسام الداخلي بين مكونات البلد،مايعني ان الامور مرشحة للتصعيد اكثر من ذهابها الى الاستقرار،فمن المحتمل أن الازمة الاقتصادية ستتعمق أكثر من 70% من سكان البلاد والذين يعيشون الفقر وان حوالي 12.9 من سكان سوريا يعانون من انعدام الامن الغذائي وعدم توفر الخدمات الرئيسية للعيش البشري.
ومن الناحية الواقعية وحسب ما أعلن المجتمع الدولي فان هيئة تحرير الشام تبقى منظمة إرهابية ذات موارد محدودة، بالإضافة الى ان الحكم في سوريا معاقب دوليا ولذلك سيصعب ملئه خصوصاً بعد حكم دام لأكثر من خمسين عاماً، ومن جهة أخرى فأن إيران أعلنت قطع شحنات النفط التي كانت توردها لسوريا والتي تعد بالغة الأهمية لتوليد الطاقة الكهربائية فيها، بالإضافة الى أن ملف اللاجئين ما زال معلق بالرغم من رحيل النظام السوري،ولن يتمكن اللاجئون السوريون الذين فرحوا بسقوط الأسد من العودة الى منازلهم إذا انهار القانون والنظام أو إذا لم يتمكنوا من إيجاد سبل لدعم عوائلهم الموجودة في سوريا.
الوضع الاقتصادي سيلقي بظلاله على المشهد السياسي والامني في سوريا ، ما قد يشجع سوء العيش على المزيد من الصراع بين الجماعات المسلحة السورية على الغنائم والمكاسب في البلاد وعلى المدن والمناطق الاقتصادية المهمة، ما سيقود التنافس على سوق تجارة المخدرات في سوريا والتي تعد ممراً مهماً للترويج والتهريب بين الجماعات المسلحة من اجل جني الملايين من الدولارات ، ما قد يؤدي التحكم في هذه التجارة إلى تأجيج العنف بين الفصائل المسلحة والتي بدأت بالمواجهة مع بعضها البعض في حلب وادلب وصولا الى دمشق، خصوصاً بعد وصول “أبو محمد الجولاني” الى القصر الرئاسي في دمشق.
الخطر الحقيقي على الوضع السوري يتمثل في أمكانية الدول الإقليمية المحيطة بسوريا من تجنيد فصائل المسلحة من أجل تثبيت موطئ قدم لها وإيجاد نقطة نفوذ وكذلك الاستيلاء على مناطق عازلة على طول الحدود السورية لذلك سيكون من غير المحتمل أن تكون كل هذه الظروف مواتية لانتقال سياسي ناجح في سوريا.
وينبغي على جميع الأطراف المشاركة في سوريا العمل على ضمان عدم تحقق توقعات سقوط الأسد، وأن لا تحل الفوضى والعنف محل حكم الاسد ، إذ من الممكن أن تساعد الدول المجاورة على تشجيع هيئة تحرير الشام بقيادة الجولاني وغيرها من الجماعات السورية على السعي إلى انتقال سياسي سلمي وشامل إلى أقصى حد وعدم جر البلاد الى آتون حرب أهلية قد تؤثر بشكل سلبي على المنطقة عموماً.
وكما ان الحل السياسي في سوريا يتطلب من الدول الغربية أن تعمل على إنهاء العقوبات المفروضة على سوريا بما في ذلك الإعفاءات أو التراخيص لعمل مؤسسات الدولة مثل البنك المركزي السوري وعلى قطاعات اقتصادية بأكملها،كما ان الدور الخارجي ينبغي أن يعمل من أجل منع أي صراع بين الفصائل ومقاومة محاولات تلك الفصائل تعزيز مصالحها الخاصة من خلال دعم مجموعة على أخرى، وان تعمل كل القوى السياسية الفاعلة في سوريا من أجل ترسيخ الديمقراطية والحكم عبر صناديق الاقتراع لا غير، لان تفكك سوريا سيكون اسوا شيء للعالم والمنطقة وإذا دخلت سوريا في الفوضى فلن تكون مجرد كارثة إنسانية في المنقطة بل ستعطي مبرراً واقعياً على دكتاتورية الاسد.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
أخبار ذات علاقة
منتخبنا الوطني يتغلب على نظيره اليمني في خليجي 26
انتحار شاب في كربلاء
أسباب الانهيار وفرار الأسد: هرب الضباط الفاسدون وتركوا الجنود لمصيرهم