المسلة

المسلة الحدث كما حدث

الوعود تتبخر.. نازحو سنجار بلا منح مالية رغم طول الانتظار

الوعود تتبخر.. نازحو سنجار بلا منح مالية رغم طول الانتظار

19 يناير، 2025

بغداد/المسلة: تتزايد شكاوى النازحين العائدين إلى مدينة سنجار غربيّ نينوى بشأن عدم استلام المنح المالية التي وعدت بها الحكومة العراقية كجزء من خطة إعادة إعمار المناطق المتضررة وتحفيز العودة الطوعية. ورغم مرور فترة طويلة على قرارات الحكومة ووعودها، لا تزال هذه الأموال حبراً على ورق بالنسبة للكثيرين، ما أثار استياء العائدين وأعاد أزمة النازحين إلى واجهة الأحداث.

فيما يشير مسؤولون محليون وبرلمانيون إلى تقصير واضح في هذا الملف، يؤكد قائممقام قضاء سنجار نايف سيدو أن معظم النازحين لم يتسلموا المنحة المالية البالغة أربعة ملايين دينار عراقي، بل إن بعضهم لم يتلقَّ حتى المنحة السابقة التي بلغت مليوناً ونصف مليون دينار. هذا القصور أدى إلى توقف عودة النازحين وتعميق معاناتهم المعيشية.

المنح المالية.. حبر على ورق؟

منذ إعلان الحكومة العراقية عن زيادة المنحة المالية للعائدين إلى 4 ملايين دينار كحافز للعودة، لم تشهد سنجار تقدماً ملموساً في صرف هذه المبالغ. وزارة الهجرة والمهجرين كانت قد أعلنت إعادة أكثر من 10 آلاف عائلة نازحة خلال عام 2024، منها 5600 عائلة إلى سنجار، إلا أن غياب الدعم المالي اللازم زاد من تعقيد المشهد.

عضو لجنة الهجرة والمهجرين في البرلمان العراقي شريف سلمان انتقد الوضع، مشيراً إلى أن “تأخير صرف هذه المبالغ سيعيق عودة باقي النازحين، خاصةً أن هذه المنح رمزية مقارنة بما تعرض له النازحون من دمار لمنازلهم وفقدان ممتلكاتهم”. سلمان أكد أن اللجنة ستستضيف المسؤولين المعنيين لمعرفة أسباب التقصير رغم وجود تخصيصات مثبتة في جداول الموازنة العامة.

تحليل الأوضاع الراهنة

سنجار، التي تعد موطناً لخليط إثني متنوع من الإيزيديين والعرب والأكراد، واجهت دماراً شاملاً جراء اجتياح تنظيم “داعش” لها في 2014 وما تبعه من انتهاكات مروعة بحق الإيزيديين، فضلاً عن نزوح جماعي للسكان. ورغم استعادة السيطرة على المنطقة منذ أكثر من ثماني سنوات، فإن الظروف الأمنية والسياسية لا تزال تشكل عائقاً كبيراً أمام عودة النازحين.

تُظهر الإحصائيات أن نحو 75% من سكان سنجار ما زالوا في حالة نزوح، إما داخل العراق أو خارجه، ويعود السبب الرئيسي لذلك إلى غياب الثقة في الوضع الأمني. سيطرة المليشيات على بعض مناطق القضاء واستهدافها الممنهج لبعض المكونات، وخاصة الأسر العربية، جعل العودة محفوفة بالمخاطر.

انعكاسات وتأثيرات

عدم الالتزام بصرف المنح المالية وتوفير الخدمات الأساسية للعائدين ينذر بتفاقم الأزمات الإنسانية والاجتماعية في سنجار. عودة النازحين تُعتبر ركناً أساسياً في تحقيق الاستقرار وإعادة الإعمار، إلا أن تعثر الحكومة في تنفيذ وعودها قد يؤدي إلى إحباط عام يعمّق الهوة بين النازحين والدولة.

علاوة على ذلك، فإن التحديات المالية الحالية تهدد بتراجع مستويات الثقة بالمؤسسات الحكومية، خاصة إذا لم يتم اتخاذ إجراءات حاسمة لمعالجة هذه الإخفاقات. تأخير صرف المنح المالية قد يؤدي إلى تعطيل مساعي الحكومة لتحقيق أهدافها في إنهاء ملف النزوح بحلول عام 2025، كما أُعلن في خطط سابقة.

مطالب وحلول

على الحكومة العراقية الإسراع بتنفيذ وعودها تجاه العائدين، بما في ذلك صرف المنح المالية المقررة وتوفير الخدمات الأساسية. وينبغي أن يترافق ذلك مع وضع خطة أمنية فعّالة لتأمين عودة النازحين وضمان سلامتهم.

كما يتطلب الأمر تنسيقاً أكبر بين البرلمان ووزارة الهجرة والجهات المانحة لضمان وصول الأموال إلى مستحقيها، إلى جانب إشراك المنظمات الدولية في مراقبة التنفيذ ودعم عمليات إعادة الإعمار.

إن سنجار، بما تحمله من رمزية إنسانية وأبعاد سياسية، تمثل اختباراً حقيقياً لالتزام الحكومة العراقية تجاه مواطنيها ونجاحها في طي صفحة النزوح بشكل نهائي.

 

 


المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author