المسلة

المسلة الحدث كما حدث

حل قانوني مقترح لحل مجلس النواب

18 أغسطس، 2022

بغداد/المسلة:

وليد الزيدي

تكاد أغلب الآراء تتفق على أنه لا يمكن حل مجلس النواب إلا باتباع نص المادة (64) من الدستور العراقي لسنة 2005 ، إذ تجري إجراءات الحل بطريقتين ، أولهما حل ذاتي يختص به مجلس النواب بناءًا على طلب من ثلث أعضائه ، وثانيهما تستند الى تقديم طلب من رئيس مجلس الوزراء الى رئيس الجمهورية للحصول على موافقته بشأن الحل ومن ثم يجري التصويت بموافقة الأغلبية المطلقة لعدد أعضائه.

ولابد من الاشارة هنا الى أن رئيس مجلس الوزراء لا يستطيع تقديم طلب حل مجلس النواب لأن الحكومة الحالية هي حكومة تصريف أعمال بحسب الرأي التفسيري للمحكمة الاتحادية العليا ، في حين تتمثل المعضلة الأخرى ، بكون مجلس النواب لا يستطيع اليوم أن يصّوت بعدد 166 نائبا على الحل بعد إنسحاب 73 نائبا من بين أعضائه من التيار الصدري ( هذا إذا ما أُمكن تنفيذ الخطوات أعلاه المنصوص عليها في المادة الدستورية 64).

وللخلاص من الأزمة السياسية الخانقة التي تمر بها البلاد ، سيما وأن المحكمة الاتحادية كانت قد صرحت بأن ليس من اختصاصها حل مجلس النواب وإنما يجب الرجوع الى المادة الدستورية أعلاه ، فإن الحل القانوني الأمثل من وجهة نظرنا تتمثل بتقديم طعن الى المحكمة الاتحادية للحصول على قرار بشأن الخروقات الدستورية التي شابت عمل مجلس النواب وآلية استمراريته وتجاوزه الصارخ على التوقيتات الدستورية التي أشار اليها السيد رئيس مجلس القضاء الأعلى في الأول من شهر نيسان من العام الجاري، عندما أشار الى أنّ المحكمة الاتحادية قد خالفت بشكل صريح الدستور، عبر بقاء رئيس الجمهورية في منصبه لحين انتخاب رئيس جديد ، وهي تعد مخالفة صريحة لقاعدة دستورية منصوص عليها في المادة (72/ثانيًا/ب) من الدستور بتحديد مدة استمرار رئيس الجمهورية بممارسة مهماته والتي تتطلب – بحسب السيد زيدان – جزاء غير منظم يتمثل في الضغط الشعبي لحماية القواعد الدستورية ذلك أن السلطة التي تخالف الدستور لا تعترف بتلك المخالفة وإنما تضع تفسيرات لتصرفها تحاول بها الظهور أمام الراي العام بمظهر عدم إرتكاب ما يخالف الدستور.

وفي 23 حزيران ، قال رئيس مجلس القضاء في تصريح جديد ، “… إنه بسبب الخلافات السياسية بين التحالفات والأحزاب الفائزة في الانتخابات حصلت خروقات دستورية عديدة وما زالت مستمرة وأهمها مضي المدة القانونية لتسمية رئيس جمهورية جديد وتبعاً له تسمية حكومة جديدة. مضيفاً :”… بمعنى أن تُحّدد مدة معينة لاستثمار تشكيل المناصب والاستحقاقات الدستورية فاذا انقضت تلك المدة يجب وضع جزاء لذلك كأن يكون حل البرلمان تلقائياً أو بقرار من جهة ما يتفق عليها سياسياً لأن بدون وجود جزاء لمخالفة نص معين دستوري أو قانوني تصبح تلك المخالفة وكأنها إجراء أو تصرف مشروع وقابل للتكرار انطلاقاً من قاعدة (من أمن العقاب خالف القانون)”.

وهناك عدد كبير من القانونيين والسياسيين والإعلاميين قد تحدثوا عن إمكانية حل المجلس من خلال تقديم دعوى الى محكمة البداءة تستند الى نص المادة (59/ج) من القانون المدني العراقي : ” الحكم بإلغاء المؤسسة إذا اصبحت في حالة لا تستطیییر ممكن التحقیق أو صار مخالفاً للقانون أو للآداب أو النظام العام”. إلا أن مجلس القضاء الأعلى قد أغلق هذا الباب في جلسته التاسعة المنعقدة يوم 14 آب الجاري عندما أكّدَ رئيسه على أن مجلس القضاء الاعلى لا يملك الصلاحية لحل ‏مجلس النواب ، ذلك ان مهام مجلس القضاء محددة بموجب المادة ‏‏(3) من قانون مجلس القضاء الاعلى رقم (45) لسنة 2017 ‏والتي بمجملها تتعلق بادارة القضاء فقط وليس من بينها اي صلاحية ‏تجيز للقضاء التدخل بامور السلطتين التشريعية أو التنفيذية تطبيقاً  ‏لمبدأ الفصل بين السلطات الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية ‏المنصوص عليه في المادة (47) من الدستور.

بناءاً على ما تقدم فان تقديم طعون بأعداد كبيرة الى المحكمة الاتحادية لن يحقق هدف الحل ، إذ ستقوم المحكمة بّردها بقرار مُسّببْ يستند الى كلمتين فقط، هما:(عدم الاختصاص) لأنه لا يقع ضمن إختصاصاتها المنصوص عليه في الدستور في المادتين 93 و 52 منه ، ولكن تكفي عريضة واحدة يُطلب فيها من المحكمة إعتبار عمل مجلس النواب باطلًا لكونه خرق التوقيتات الدستورية بعد إستنفاذ المدد الدستورية لانتخاب الرئيس وعدم إستكمال الاستحقاقات الدستورية لتكليف رئيس الوزراء ، فضلاً عن الاجراءت غير الدستورية التي شابت عمله ومن ثم توقفه وتعطله عن العمل. ولعل هذه الاسباب يمكن أن تأخذ بها المحكمة لكي تُلزم مجلس النواب بحل نفسه دون أن تنص في قرارها الى عبارة (حل مجلس النواب) ، وإنما ما سيصدر عنها من قرار ينص على عدم دستورية قرراته السابقة وإستمرار عمله مستقبلًا وبذلك يُعتبر مجلس النواب فاقدًا للشرعية الدستورية، وسيُلزم المجلس حينها بحل نفسه إضطراريًا نظرًا لإنتهاء شخصيته المعنوية.

ومن بين نماذج حل البرلمانات في عددٍ من دول العالم نجد أن دستور استونيا لعام ١٩٩٢ وإستنادًا الى المواد (٨٩،٦٠،٩٧ ،١٠٥،١١٩ ( منه ، يسمح بحل البرلمان وإجراء انتخابات استثنائية من خلال إعلان رئيس الجمهورية ذلك لدى توفر عدة حالات ، منها ( الفشل في تشكيل حكومة جديدة ، حجب الثقة عن الحكومة ، عدم حصول الاستفتاء العام على الاغلبية في أي موضوع يعرض لاستفتاء الشعب ، عدم اقرار موازنة الدولة بعد مضي شهرين على بدء السنة المالية). ولعل أكثر من حالة نجدها متوفرة في الوضع العراقي الحالي. وبعد حل مجلس النواب ينبغي أن تكون هنالك خطوات وإجراءات جديدة من أجل إعادة الأمور الى نصابها ربما سنتطرق اليها في مقالٍ لاحق.

 


المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.