بغداد/المسلة: يبدو أن تشكيل اللجان المشتركة بين البنك المركزي والمصارف العراقية يعكس انتقال ملف الإصلاح المصرفي من حيز التصريحات السياسية إلى ساحة التفاوض الفني، حيث تتقاطع الحسابات الاقتصادية مع اعتبارات السيادة المالية، وتتداخل المصالح المحلية مع معايير الحوكمة الدولية.
ويسعى رئيس الوزراء محمد شياع السوداني من خلال هذه الخطوة إلى إظهار أن الإصلاح ليس مجرد امتثال لإملاءات خارجية، بل هو عملية سيادية تتطلب مواءمة بين متطلبات المؤسسات الدولية وخصوصية البيئة العراقية التي لا تزال تتأرجح بين إرث الاقتصاد الريعي وضغوط الانفتاح على الأسواق.
وتكشف الدعوة إلى حوار موسع بين البنك المركزي والمصارف عن إدراك رسمي بأن الوثائق الفنية وحدها لا تكفي لضمان النجاح، وأن إشراك القطاع المصرفي في صياغة آليات التنفيذ يمكن أن يخفف من حدة التوجس ويعزز الثقة، خاصة في ظل مخاوف تتعلق بزيادة رأس المال، وجلب شركاء استراتيجيين، وكلفة التعاقد مع شركات أجنبية، وهي بنود تحمل أبعاداً سياسية بقدر ما تحمل طابعاً اقتصادياً.
وتأتي هذه التطورات في سياق أوسع من محاولات إعادة ترتيب المشهد المالي في العراق، حيث يشكل القطاع المصرفي خط الدفاع الأول أمام تحديات الاستقرار النقدي ومكافحة غسل الأموال، لكنه في الوقت ذاته ميدان صراع بين قوى تدعو إلى تحرير السوق وتعزيز المنافسة، وأخرى تحذر من فقدان السيطرة على شريان التمويل الوطني.
ويشير إصرار الحكومة على “التمكين لا الإقصاء” إلى محاولة رسم معادلة دقيقة تجمع بين تعزيز الكفاءة المصرفية وحماية المصالح الوطنية، وهي معادلة تتطلب وقتاً وتدرجاً وتوافقاً سياسياً، لا سيما في بلد اعتاد أن تتحول الإصلاحات الاقتصادية إلى ملفات جدلية تفتح الباب أمام التجاذبات الحزبية والضغوط الخارجية.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

أخبار ذات علاقة
ملفات ما بعد التصويت تعيد اختبار العلاقة بين الناشطين والقوى التقليدية
قرار تصنيف “حزب الله والحوثيين” بالإرهاب… وارتداده السياسي
طقس العراق.. أمطار رعدية وتباين في درجات الحرارة