بغداد/المسلة: يسلط الكشف عن الامتيازات الممنوحة للسفراء العراقيين الضوء على معضلة بنيوية في إدارة المال العام، حيث تتقاطع الدبلوماسية مع معادلة الإنفاق في سياق دولة ما زالت تبحث عن مخرج من أزماتها الاقتصادية المتراكمة.
ويكشف حجم الرواتب والمخصصات عن فجوة صارخة بين خطاب التقشف والواقع العملي للإنفاق الحكومي، فبينما تعاني المحافظات من عجز في الخدمات الأساسية، تتوسع دوائر الصرف على امتيازات النخبة الدبلوماسية بما يتجاوز الضرورات الوظيفية إلى نمط من الرفاه المؤسسي.
ويثير العدد المتزايد من السفراء تساؤلات حول فلسفة التمثيل الدبلوماسي العراقي، إذ لم يعد الأمر مقتصراً على الضرورات الاستراتيجية للعلاقات الخارجية، بل تحول إلى آلية محاصصة وتوزيع نفوذ سياسي، انعكس مباشرة على الموازنة العامة المثقلة بالالتزامات.
وتؤشر هذه المعطيات إلى خلل في أولويات السياسة المالية، حيث تُستهلك الموارد في تغطية رواتب بالدولار وإيجارات بمستويات عالية، فيما تفتقر قطاعات التعليم والصحة والإعمار إلى تخصيصات تكفي لتلبية الحاجات الأساسية للمواطنين.
وتفتح هذه القضية باب النقاش حول مفهوم العدالة المالية، إذ بات الرأي العام العراقي يرى في مثل هذه الامتيازات صورة أخرى من أشكال التفاوت الطبقي الرسمي، الأمر الذي يضع الحكومة أمام اختبار أخلاقي وسياسي لا يقل خطورة عن التحديات الأمنية والاقتصادية.
وتكشف ردود الفعل في منصات التواصل الاجتماعي عن غضب متصاعد، حيث تساءل مغردون عن جدوى “جيش السفراء” في وقت تتراجع فيه فعالية العراق الدبلوماسية في الملفات الإقليمية والدولية، معتبرين أن المشهد يعكس انفصالاً بين الدولة ومجتمعها.
وتدل هذه الأزمة على عمق معركة الشرعية في النظام السياسي العراقي، إذ يرتبط الاستمرار في هذه السياسات بمستقبل ثقة المواطن، ويعيد طرح السؤال المؤجل عن ضرورة إصلاح هيكلي يوازن بين متطلبات التمثيل الخارجي واستحقاقات الداخل الملحة.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

أخبار ذات علاقة
رئاسة الجمهورية: لم نصادق على تصنيف حزب الله والحوثيين كمنظمات إرهابية
أسباب توجه لبنان للتفاوض مع إسرائيل
ما هي استراتيجية ترامب للشرق الأوسط 2026