بغداد/المسلة: في قلب منطقة الشرق الأوسط النفطية، يبرز العراق كعملاق إنتاجي ضمن أوبك، لكنه يعاني من تناقض صارخ: يصدر الخام بكميات هائلة، بينما يلجأ إلى استيراد مشتقات أساسية مثل البنزين وزيت الغاز لسد فجوات الطلب الداخلي المتزايد. هذا الاعتماد المزمن يعكس فشلًا هيكليًا في صناعة التكرير، رغم وجود شبكة مصافٍ منتشرة عبر المحافظات، مثل البصرة بطاقتها النظرية 210 آلاف برميل يوميًا، والدورة 180 ألفًا، وكركوك 150 ألفًا، إلى جانب وحدات فرعية في بيجي والنجف والسماوة.
الأرقام تتحدث بلغة قاسية: في 2025، قفز استيراد زيت الغاز من 120 ألف طن إلى 260 ألف طن بين الربعين الثاني والثالث، مدفوعًا بحاجة توليد الكهرباء الملحة، بينما ارتفع البنزين من 350 ألف إلى 396 ألف طن.
الطاقة الفعلية لا تتعدى 60% من الاسمية، بسبب قدم الآلات، الأعطال المتكررة، وغياب وحدات متقدمة مثل FCC لإنتاج بنزين عالي الجودة.
نتيجة لذلك، يبلغ الإنتاج اليومي الحقيقي 609 آلاف برميل فقط، مقابل حاجة تفوق المليون، مما يجبر ثلثي السوق على الاستيراد أو خلط منتجات رديئة محليًا.
هذا النزيف المالي يصل إلى مليار دولار سنويًا، وفق مركز البيان، بينما تتراجع الواردات قليلاً إلى 2-3 آلاف متر مكعب يوميًا من البنزين حسب S&P، لكنها تبقى بعيدة عن الاكتفاء الموعود. مجلة MEES تكشف استيراد 32-37 ألف برميل يوميًا، رغم مشاريع مثل FCC في البصرة بكلفة 3 مليارات دولار يابانية، التي لن تعمل قبل 2026.
إعلان الوزير حيان عبد الغني بوقف الاستيراد بنهاية 2025 يبدو وهميًا أمام التأخيرات.
الاستهلاك اليومي للكهرباء يتجاوز 750 ألف برميل مكافئ، معظمها كاز، مما يجعل العجز فوريًا في الصيف.
الحكومة تتحدث عن تنويع الطاقة، لكن الواقع يربطها بالوقود السائل. المشكلة جذرية: إهمال، فساد، وصراعات إدارية تحول الثروة إلى تبعية.
اقتصاديون يشيرون إلى دوائر فساد تستفيد من عقود الاستيراد غير الشفافة، حيث يُؤخر تشغيل المصافي لأسباب غير فنية، مما يغذي أرباحًا سرية.
وترى تحليلات ان الاكتفاء يتطلب إرادة حقيقية لكسر هذه الشبكات، لا مجرد مشاريع على الورق.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

أخبار ذات علاقة
قرار تصنيف “حزب الله والحوثيين” بالإرهاب… وارتداده السياسي
طقس العراق.. أمطار رعدية وتباين في درجات الحرارة
المفوضية تحدّد آلية منح مقعد المرشح المستبعد