المسلة

المسلة الحدث كما حدث

مليارات الدولارات تهرّب من العراق والإقليم .. مهربون و شراء جنسيات وعقارات بالخارج

مليارات الدولارات تهرّب من العراق والإقليم .. مهربون و شراء جنسيات وعقارات بالخارج

16 سبتمبر، 2022

بغداد/المسلة: أفاد تقرير اشرفت عليه شبكة “نيريج”، المختصة بالتحقيقات الاستقصائية الميدانية، ان آلافا من أبناء طبقة التجار والأثرياء والمسؤولين الحزبيين والحكوميين، يسعون للحصول على جنسية وجواز ثان يكلفهم أكثر من 100 الف دولار، ويتيح لهم السفر بحرية، ونقل أموالهم وثرواتهم إلى دول أخرى، وتتمركز تلك العمليات في كردستان العراق.

وافاد التحقيق انه سنويا يحاول عشرات آلاف المواطنين الكرد، أغلبهم شبان، الوصول الى الدول الأوروبية عبر مسارات تهريب البشر التي يذهب ضحيتها العشرات سنويًا غرقًا في البحر أو اختناقًا داخل الشاحنات. محددو ومتوسطو الدخل يدفعون في المتوسط 10 آلاف دولار في رحلتهم تلك، في حين يسلك الأثرياء طرقًا أخرى تكلف أضعاف ذلك الرقم.

يقول مهربون وشركات شراء جنسيات ومستثمرون، إن مليارات الدولارات خرجت من الاقليم في السنوات الأخيرة، وان كردستان خسرت فرص استثمار وتنمية كبيرة نتيجة “الفساد وغياب العدالة والخوف من المستقبل”.

مصادر متعددة بمكاتب شركات تأمين “الجنسية الثانية” التي نشطت بكردستان وباتت تستخدم وسائل متعددة للإعلان عن أعمالها، تؤكد أن آلافا من مواطني العراق والاقليم خاصّة من الطبقة حديثة الثراء، يسعون للحصول على جواز دومينيكا وجوازات دول أخرى عبر الاستثمار المالي أو شراء عقار.

وحظيت فكرة شراء جواز سفر دومينيكا، وهي جزيرة صغيرة يبلغ عدد سكانها 72 الف نسمة، رواجاً واسعاً خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة لدى من يبحثون عن طريقة آمنة وسهلة لبلوغ بلدان الاتحاد الأوروبي، لاسيما في العام الأخير بعد تراجع مسار الهجرة عبر بيلاروسيا وتعقده عبر تركيا لبلوغ دول الاتحاد الأوروبي، رغم التكلفة العالية لتأمين جواز دول الكاريبي التي تبلغ في حدّها الأدنى 110 آلاف دولار.

وتروج تلك الشركات لسهولة الحصول على الجنسية عبر اعلانات على مواقع التواصل الإجتماعي “فيسبوك وإنستغرام” بالإضافة إلى الكروبات السياحية التي تحوّلت إلى سوق نشطة لترويج تلك الإعلانات.

وأمّا الخيار الآخر، فيكون عن طريق الاستثمار العقاري، إذ يجب على مقدم الطلب الاستثمار في مشروع عقاري معتمد من قبل الحكومة داخل دومينيكا بقيمة لا تقل عن 200 ألف دولار أمريكي. ويجب على المستثمر الاحتفاظ بملكية العقار لمدة 3 سنوات على الأقل من تاريخ حصوله على الجنسية، ويمكن للمستثمر إعادة بيع العقار بموجب برنامج جنسية دومينيكا عن طريق الاستثمار بعد مرور 5 سنوات، دون أن تُسحب منه الجنسية أو يخسر أيّا من امتيازاتها.

هذه المزايا الرئيسية شجّعت الكثير من رجال الأعمال وأصحاب رؤوس الأموال كما السياسيين الجُدد ممن لم تعيش عوائلهم في أوروبا، على التقديم للحصول على جنسية تلك الدولة، ليتمتعوا بالسفر بسهولة، ولكي يضمنوا الخروج من العراق والإقامة في دولةِ مستقرّة عند اضطراب الأوضاع أو حصول انهيار في نظامه السياسي الذي يُعاني من أزماتٍ مستفحلة.

تؤكد مصادر عديدة تم التواصل معها، أن طلبات التقديم على جنسية دومينيكا تصاعدت في كردستان، بدءاً من العام 2019، ووصلت الى الذروة في العام 2021، حتّى أصبحت أعداد الحاصلين عليها ومن قاربت ملفاتهم على الاكتمال أكثر من 15 ألف شخص. الرقم الأخير ذكره مصدر أمني مُطلع لـ”العالم الجديد”، أشار الى أن آلافا آخرين يجهزون أوراقهم للحصول على جنسية ثانية.

يقول عضو في برلمان إقليم كردستان -طلب عدم ذكر اسمه لأسبابٍ خاصّة- إن أكثر من 1500 شخص من الفئة الأخيرة باتوا يحملون جواز سفر دومينيكا، من ضمنهم نحو 600 مسؤول يعملون في الدوائر الأمنية الحكومية والحزبية في كردستان.

وتتصدر محافظة السليمانية مناطق الإقليم في أعداد الأشخاص الحاصلين على جواز دومينيكا والساعين للحصول عليه. وتبلغ أعداد المُتقدمين نحو أربعة أشخاص شهريًا على الأقل لدى الشركة الواحدة، من مجموع سبع شركات محلية خاصّة تُروّج هذه المعاملات. وتتلقى بعض الشركات طلبات تقديم أكبر، وتتضاعف الطلبات في فترة اشتداد الأزمات في كردستان.

وتأتي أربيل في المرتبة الثانية بعدد الأشخاص الحاملين لجواز السفر، لكنّها تتصدر محافظات كردستان بأعداد الشركات وعددها عشرة، إحداها تستحوذ على العدد الأكبر من المعاملات، وفقاً لأحد العاملين في هذا المجال. وتلي أربيل محافظة دهوك بالمرتبة الثانية بأعداد الشركات (9 شركات)، وثالثة على مستوى الإقليم في أعداد الحاملين والمقدمين على الجنسية.

ويُتهم مسؤولون في شركة (أ،إ) بتزوير وثائق والقيام بعمليات احتيال على مواطنين قدّموا معاملاتهم لدى الشركة للحصول على الجواز والجنسية، لكن “حلمهم” لم يتحقق أو تعطل بسبب ارتكاب مُخالفات في تجهيز أوراقهم وفي دقة تفاصيلها وصلاحيتها. حدث ذلك نتيجة تقديم وثائق مزورة من بعض المُتقدّمين، أو دمجهم مع عوائل أخرى مقابل أموال.

يقول مصدر مطلع، ان مسؤولا في الشركة (د.س) “كسب ملايين الدولارات عبر عمليات تلاعب بالأوراق”، مبيناً أن العديد من الشكاوى بعمليات احتيال وتزوير وثائق رُفعت ضدّه، وهذا ما جعله مطلوبًا للجهات الأمنية، دون أن يُعرف مكانه عقب اختفائه قبل أشهر وإغلاقه هواتفه.

لا يتوقف كارزان كمال (48 عاماً) عن التردد على مقرّ شركة (أ،إ) أملاً في الحصول على خبر يثلج صدره عن (د. س) الذي وعدهُ بالحصول على جواز سفر دومينيكا له ولعائلته المؤلفة من أربعة أشخاص (زوجته وولدان) مقابل (150 ألف دولار أميركي) دفعه في كانون الثاني يناير الماضي كدفعةٍ أولى.

بحسب مصدر قريب من الشركة، راح العشرات من الساعين للحصول على الجواز الدومينيكي مثل كارزان بهدف الهجرة السهلة، ضحايا عمليات احتيال المُتهم الرئيسي فيها هو (د. س)، لتنتهي أحلامهم بصدمات قاسية خاصة وأن العديد منهم باعوا منازلهم أو محالهم التجارية وممتلكات أخرى من أجل تأمين المبلغ المطلوب، وخسروا أعمالهم وهم يسكنون اليوم في بيوت مؤجرة.

يقول المصدر، إن (د.س) كان يشترط الحصول على أكثر من 100 ألف دولار أمريكي كدفعةٍ أولى لإجراء أية مُعاملة طلب من المواطنين العاديين والشباب العزاب للترويج لمعاملاتهم، وهرب بعد الكشف عن عمليات تزوير وثائق لمواطنين وصلوا إلى أوروبا وآخرين وقعوا في كمين إحتياله عليهم ولم يتم الرد على طلباتهم الى الآن بعد ان قررت حكومة دومينيكا تعليق معاملات حصول المتقدمين من كردستان على جنسيتها عبر الاستثمار.

الخطوة الأولى من إجراءات الحصول على جواز دومينيكا تبدأ بالاتفاق مع احدى الشركات العاملة لتقديم المستمسكات الثبوتية (هوية الأحوال المدنية أو البطاقة الموحدة، البطاقة الخضراء، البطاقة التموينية، الجنسية العراقية) الخاصة برب العائلة وأفراد أسرته، وكذلك الحال مع العازب، لكن الأخير يكون المبلغ أعلى من الشخص المتزوج.

يُؤكد مستثمرون وتجار في إقليم كردستان، أن بحث المواطنين العراقيين عن دول تمنح الإقامة والجنسية لهم تسبب بخروج مليارات الدولارات من البلاد خلال العقدين الماضيين، ما مثل خسارة لفرص اقتصادية كبيرة.

ويقول المُتحدث الرسمي باسم اتحاد مستثمري كردستان ياسين محمود رشيد، إن أعداد المواطنين الكرد الذين قدموا طلبات للحصول على جنسية دول مثل دومينيكا وتركيا وإسبانيا واليونان وغيرها بات يقترب من 100 ألف بمبالغ باهظة تتفاوت بين (110- 400) ألف دولار أمريكي.

 


المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author