المسلة

المسلة الحدث كما حدث

تأكل الوجود السياسي الشيعي

11 أكتوبر، 2022

بغداد/المسلة:

حيدر الموسوي

كان هم الأنظمة والحكومات الخليجية وبعض الدول العربية التي تعتاش على الخليج هو إزاحة صدام من الحكم خاصة بعد احداث حرب الخليج الأولى واحتلال الكويت فتعاونت تلك الدول مع الأنظمة الغربية من اجل انهاء واسقاط هذا النظام لكن لم يكن بحساباتها ان إدارة الحكم القادم بعد ذلك ستكون لرئيس وزراء من الشيعة
لذا جمعت كل قواها وعملت على استراتيجية تدمير هذا التحول الجديد خشية من ان يكون الحديقة الخلفية لأيران على غرار لبنان، وهنا استخدمت السلاح الأخطر في المعركة وهو الاعلام.

القوى المعترضة واغلبها الإسلامية ليس لديها تجربة في إدارة دولة تعتمد على خبرات بسيطة مع التقييد الأمريكي من قبل المستشارين في بداية سلطة التحالف المدني استمرارا حتى نهاية دورة المالكي الثانية وهذه الاستشارات جزء منها كان لاسقاط منظومة أحزاب الإسلام السياسي.

وكانت اهم تحدي واجهته منظومة الحكم هي الملف الأمني الذي انشغلت به كل الحكومات المتعاقبة لسنوات طويل وسياسة الالهاء مع شراهة السلطة أدت بدورها الى اهمال اهم ملف وهو الاقتصاد والخدمات مع سيل لعاب الكثير من الحواشي والقيادات الى الاستمرار بالفساد والسرقات بعد حرمان وتعطش للسلطة والأموال.

الضعف الذي أصاب تلك الحركات على المستوى الجماهيري بدا يتصاعد شيئا فشيئا وفقدان واضح وخسارات في اعداد الجماهير التي جزء كبير منها اصابته خيبات خاصة بعد وصول المؤسسة الدينية الأعلى في البلاد (المرجعية الى هذه النتيجة) والتي اوصدت الأبواب منذ عام 2013 ونأت بنفسها عن ما يحدث لكي تبقى الحصن الأخير للمكون الشيعي ..

الانشقاقات بين حركات الإسلام السياسي كانت هي الأخطر على مستقبلها مع التفكير السائد لدى الأغلبية الشيعية بالبديل وبين القبول بتلك الأطراف خشية عودة شبح البعث او مشتقاته والهيمنة على الحكم وبالتالي العودة الى العهود السابقة وهنا كان التفكير السائد هو التوقف عند هذه المسالة !
السمة الأبرز لدى عوام الشيعة هي جلد الذات والتأثر الكبير بالاعلام بل حتى المستفيدين والذين تغير حالهم الى وضع افضل بكثير يجلدون بقسوة لأنها جزء من عقدة الماضي وهشاشة المجتمع الشيعي والشعور بالمظلومية المستمرة.

انتجت تلك التحولات الى استراتيجية تأكل الشيعة من الداخل تمثلت بخروج ابناءها من الجيل الجديد ضد قيادتها والذهاب الى اقصى اليمين والتطرف بشكل ملفت للنظير وعدم مراعاة حتى العقيدة هنا نحو رفض كل وجود سياسي لديه ايدلوجية دينية ويجب ازالته واثاره حتى لو كان بالقوة والانقلاب وبمساعدة أي طرف عربي او اجنبي.

هنا تغيرت بعض المفاهيم لدى نخب مثقفة استشعارا بان الهدف هنا ليس مجرد إزاحة وجودات سياسية إسلامية تقليدية بقدر ما ان الامر يتعلق بقلب المعادلة وهو الاستراتيجية التي عملت عليها الأنظمة الخارجية منذ سنوات طويلة مع استثمار هذه النقمة.

المبكي ان هذه الأحزاب لم تفكر حتى بالعمل على خطوط ثانوية وبديلة لها حال أضحت عدم مقبوليتها او انحسار مؤيديها في جغرافية الوسط والجنوب بل استمرت بالمكابرة والعناد السياسي حتى وصل الامر بها الى ان تنشب اكبر خصومة مع اهم تيار شعبي وهو التيار الصدري الذي بدا يتحرك فعليا في اخر دورتين من اجل الهيمنة على القرار الشيعي لأنه يعتقد صار لزاما التصدي كي لا يؤخذ بجريرة الأحزاب الإسلامية الأخرى وهي فرصة يمكن العمل عليها معولا على الرمزية التي يمتلكها والجمهور الحركي وهي اهم ورقة تعطيه استمرارية العمل باريحية داخل المكون الشيعي.

استراتيجية التاكل الشيعي والشتات الذي يعيشه المكون جراء أزمات داخلية وعمل منظم واخطاء كبيرة ووهن اعلامي لن يقف عند هذا الحد و لن تنتهي هذه الازمة بمجرد تشكيل حكومة على عمل استثمار السلطة وتصحيح الأخطاء السابقة لإعادة الثقة مع الجماهير.

والمؤسف ان الأغلبية الكبيرة صار مصيرها بيد اخرين اقل واضعف عددا منها بكثير فرجل الجبل وصاحب ال 31 مقعدا انموذجا عدا ذلك والاهم من كل شيء ان موقع رئيس الوزراء صار الأضعف بين كل المواقع.


المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.