المسلة

المسلة الحدث كما حدث

بعد اختلاس المليارات.. السلطات عاجزة عن كشف الحقائق واعتقال المتورطين بالسرعة المطلوبة

بعد اختلاس المليارات.. السلطات عاجزة عن كشف الحقائق واعتقال المتورطين بالسرعة المطلوبة

22 أكتوبر، 2022

بغداد/المسلة: تبخر 2,5 مليار دولار من أموال الشعب في عملية اختلاس تاريخية، ولازالت المتورطون طلقاء، فيما لم يتخذ اي اجراء فعلي تجاه الشركات المتورطة، عدا بيانات استدعاء ووعود بالمحاسبة، ما يعني ان الفساد، محمي من قبل قوى متنفذة.

وفي دول تحترم شعبها ونفسها والقانون، فان سرقة مثل نهب مليارات الامانات، تؤدي الى اسقطا أنظمة.

و تم السطو على حوالي 2,5 مليار دولار من أموال الشعب. وأعلنت السلطات العراقية أنها فتحت تحقيقا في القضية. فكيف تم الاستيلاء على هذا المبلغ الضخم؟ ومن استولى عليه؟ ولماذا تعجز الهيئات الرقابية في وقف نزيف اختلاس المال العام؟ جملة من الأسئلة حاولت فرانس24 إيجاد إجابات عنها.

واستشراء الفساد في مفاصل الدولة العراقية حقيقة، لم يعد بإمكان أي أحد التشكيك فيها، بالنظر لحجم الجرائم المالية وغيرها التي تصل أخبارها إلى الرأي العام المحلي والدولي من حين لآخر. وهذه الحقيقة يجسدها بوضوح أكثر احتلال العراق للمرتبة 157 (من 180) في مؤشر منظمة الشفافية الدولية، وفق تقارير.

وللتحقيق في القضية، فقد “قررت محكمة تحقيق الكرخ الثانية المختصة في قضايا النزاهة استقدام مدير عام الهيئة العامة للضرائب ومعاونه، والمشرف على القسم المالي والرقابي ووكيل القسم المالي ومدير القسم المالي”، بحسب ما جاء في بيان صدر عن مجلس القضاء الأعلى الثلاثاء.

وبخصوص الشركات المشتبه أنها حولت لها هذه الأموال، صدرت كذلك “مذكرات قبض بحق أصحابها ووضع الحجز الاحتياطي على حساباتها”، وفق البيان. ونفى مصرف الرافدين في بيان الأحد مسؤوليته، وقال إن صرف صكوك الهيئة العامة للضرائب تم بعد “التأكد من صحة صدورها بكتب رسمية بين المصرف والهيئة”.

أما الباحث والمحلل العراقي المهتم بالسياسات الاستراتيجية في الشرق الأوسط كاظم ياور، وفق تصريحات رصدتها المسلة، يعتبر ان عملية الاختلاس   “ليست الأولى ولا الأخيرة بل هي جزء من سلسلة الفساد المستشري في مؤسسات الدولة العراقية. باعتراف جهات مختصة على مستويات عليا، منها المحكمة الاتحادية العليا، ثم هناك أوساط سياسية من قوى معارضة خارج البرلمان العراقي تتهم القائمين على العملية السياسية بالفساد منذ ما يقارب عشرين سنة”.

وكشف تقرير رسمي صادر عن هيئة الضرائب العراقية أن مبلغ 2,5 مليار دولار، جرى سحبه بين أيلول/سبتمبر 2021 وآب/أغسطس 2022 من مصرف الرافدين الحكومي، عبر 247 صكا ماليا، حررت لحساب خمس شركات عراقية، قامت بصرفها نقدا مباشرة. و”يتوقع أن يكون أصحابها مجرد أسماء وهمية”، حسب الخبير الاقتصادي العراقي.

وكتب رئيس الوزراء المكلف محمد السوداني في تغريدة على تويتر “وضعنا هذا الملفَ في أول أولويات برنامجنا، ولنْ نسمحَ بأن تُستباح أموال العراقيين، كما حصل مع أموال أمانات الهيئة العامة للضرائب في مصرف الرافدين”، مضيفا: “لن نتوانى أبدا في اتخاذ إجراءات حقيقية لكبح جماح الفساد الذي استشرى بكل وقاحة في مفاصل الدولة ومؤسساتها”.

اتهم النائب باسم خشان، النائب السابق، هيثم الجبوري بالتورط بسرقة الضرائب البالغة 3.7 تيرليونات دينار.

وقال خشان في منشور عبر فيسبوك ان هيثم الجبوري متورط حتى نخاعه في قضية التأمينات الضريبية. نقطة راس سطر.

واضاف: ‏انفرد بكتابة المقترح وارسله الى الجهات ذات العلاقة دون علم اعضاء اللجنة، وما يدعيه عن شكاوى قدمت الى اللجنة المالية كذب محض، لأن أيا من المشتكين المزعومين لم يبادر الى المطالبة بالتأمينات!.

وقال موقف المسلة التحليلي للاحداث أن العراقيين في فاجعة، ليس هناك أخطر منها، حين يرون بأعينهم الدامعة دولتهم، وقد تحولت إلى بؤرة نتنة لفساد عظيم، ليس بآلاف الدولارات، ولا عشرات أو مئات، ولا حتى ملايين، بل مليارات.

وعلى رغم النهب الكارثي، للمال العام، تبدع النزاهة والأمن الوطني والأجهزة الرقابية، في اعتقال مرتشي قبض ألف دولار، أو مواطن سرق سلعة.

المليارات تتسرب، وملفات التحقيق تتراكم، لترمى في القمامة، وكل البيانات والوعود بكشف الحقيقة، هي للضحك على المواطن، المضحكوك عليه مسبقا، فيما أصحاب القرار منشغلون بالمناصب والحصص، وخرائط النفوذ.

لم يعد المسؤول الإداري، والمتنفذ يقتنع بسرقات الربع مليون دولار، ولا نصفه، ولا كله، بل صار يطمع بالمليارات..

و.. انهب، واهرب، مدركا إن لا رقيب ولا حسيب.


المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.