بغداد/المسلة:
محمد البدر
كل الدول التي فيها تعددية سياسية وحزبية وتداول سلمي للسلطة تشهد حالة شد وجذب في خطاب الرأي العام والخطاب السياسي، هذا طبيعي جداً.
لكن ان نرى من يقدم نفسه بصفة محلل سياسي، أو خبير استراتيجي، أو باحث أو غيره من الصفات التي جوهرها الإستقراء وتفحص أبعاد الحدث والتحليل ومع ذلك نراه يتكلم بطريقة الجزم والقطع وبطريقة لغة المغالبة واستخدام كلمات مثل “لا” و”لن” بدل كلمات “ممكن” و”محتمل” و”قد” وهي الكلمات الأنسب في الاستقراء والتحليل فهي كلمات إحتمالية لا قطعية، وعالم السياسة هو عالم التغيرات والتبدلات والاحتمالات لا عالم القطيعة والقطعيات، فهنا نحن أمام حالة غير طبيعية.
في الفترة الماضية ما بين انتخابات 2021 وحتى وقت تشكيل الحكومة الحالية، طالما رأينا وسمعنا كلام من يقدمون أنفسه “محللين واستراتيجيين وخبراء” وهم يحللون وينطقون حرفياً “لا تتشكل الحكومة” و “لن تتشكل الحكومة” وإن الإطار التنسيقي لا ولن يُشكل الحكومة.
والواقع إن الحكومة تشكلت، والإطار هو من شكلها، والآن نحن أمام إحتمالين في بيان حقيقة محللي وخبراء “لا ولن”.
فأما أن يكونوا عفويين في خطابهم، بمعنى إن خطابهم وطرحهم هذا نابع من قناعة وموقف ذاتي وعفوي لا من دوافع سياسية أو توجيه وطلب مسبق بأن يتكلموا بهذا التوجه وهذه الصيغة.
وهذا يعني إنهم أبعد مايكون عن التحليل السياسي والإستراتيجي، ولاتنطبق عليهم هذه الصفة، وهذا من المفترض أن يجعلهم غير جديرين بالإستضافة والتحليل، وغير جديرين بثقة المشاهد والمتابع.
وأما أن يكونوا غير عفويين وكلامهم وتحليلهم ليس عن قناعة، بل بدفع ودوافع سياسية مع إدخال المواقف الشخصية بطبيعة تحليلاتهم -إن اعتبرناها تحليلات- وكلامهم كان” إرتزاق” وتحليل حسب الطلب، وهذا ايضاً يجعلهم غير جديرين بالثقة والمتابعة.
وفي الحالتين عليهم الإعتذار من المتابعين والمشاهدين واحترام عقول الناس.
التحليل السياسي ليس مجرد صفة تُكتب تحت الإسم أو مجرد إمتلاك الشخص الثقة والجرأة للتكلم أمام الكاميرا وهو مرتدٍ بدلة وربطة عنق، التحليل السياسي يتطلب متابعة مواقف القوى السياسية، ومعرفة موازين قوى الداخل والخارج، والإطلاع على تاريخ الجهات والشخصيات المؤثرة في المشهد، ومواقف القوى الخارجية المؤثرة، ومعرفة مجال الحدث وطبيعته، والتأكد من المعلومة سواء كانت حصرية أو عامة، والتثبت من التسريبات فليس كل معلومة وتسريب حقيقة، وعدم الانفعال والانزعاج والتحكم بالحديث وعناية اختيار المصطلحات، وإستخدام لغة الأرقام والتواريخ والاسماء والشواهد، واختيار الموضوعية وتغليبها على الميول السياسية والرأي الشخصي، وسعة الإطلاع والقراءة ومتابعة وجهات نظر مختلف الاطراف وإطروحاتهم، وعدم الإكثار من الظهور الإعلامي فهذا ملل.
والأهم هو التكلم بلغة تتقبل الاحتمال والنسبية وعدم احتكار الحقيقة، وترك القطعية والطرح الشمولي.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لا يعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
أخبار ذات علاقة
الجولاني عقد “لقاء إيجابيا” مع وفد دبلوماسي أميركي
أحشاء مُلَغَّمة بالمخدرات .. صراع أمني مع شياطين الصحراء
البيئة السنية على طرفي الحدود العراقية السورية.. تواصل أم تهديد ؟