بغداد/المسلة:
محمد زكي ابراهيم
ليس هناك أكثر غرابة من أن ينعقد في منطقة البحر الميت في الأردن (20 – 21 كانون أول 2022) مؤتمر باسم “بغداد 2 للشراكة والتعاون”. وأرى أنه خطأ فادح لا ينبغي الاستمرار فيه. وهو جانب مما وقعت فيه الحكومة السابقة من أخطاء. إذ أن من الواضح أنه مؤتمر رعوي يضع بغداد تحت الوصاية. وإذا كان المؤتمر قد أنشئ على غرار تلك الاجتماعات التي عقدت حول سوريا في الأعوام السابقة لغرض إيقاف الحرب المستعرة فيها، فإن بغداد لا تحتاج لمثل هذا المؤتمر الذي يضم 10 دول عربية وأجنبية. وكان على الحكومة الجديدة أن تطلب وقف أعماله، والاكتفاء بلقاءات ثنائية تحت عناوين مختلفة.
وعدا عن إشكالية المكان، فإن اجتماع (جماعة المطبعين) في هذا المؤتمر يبدو صادماً إلى حد كبير. وإصرار أعضائه على رفض التدخل في شؤون العراق يعطي انطباعاً شديد الوضوح. لأن المقصود بهذا التدخل هو الدعم الذي تتلقاه القوى الرافضة للتطبيع من إيران. ففي عرف هذه الجماعة أن محور المقاومة هو سبب كل ارتباك أمني في المنطقة. أما الإرهاب والتكفير، وتمزيق الدول، وتقويض البنية التحتية، فهي حلال زلال، مادامت لا تعرض أمن الدولة العبرية للخطر.
وبالطبع فإن موضوع المقاومة ليس محض شعارات كما يحلو لبعض الطارئين قوله. ولو كان كذلك لما أعاره المؤتمرون حساباً. فالطائرات الإسرائيلية هاجمت أكثر من مرة قوافل نفط متجهة إلى لبنان. ولم تسمح بأمداد الحكومة السورية بأي مشتقات نفطية. أي أن هناك أدلة حقيقية على إسناد دول المحور.
غير أن هناك عاملاً آخر، يخفف من آثار هذا المؤتمر على الذائقة العراقية، بغض النظر عما جرى التداول فيه من مشاريع اقتصادية قليلة الجدوى، وليس لها أي نفع على العراق، كانت الحكومة السابقة قد هللت لها، وهو وجود الطرف الإيراني بين الحاضرين.
أي أن محمد شياع السوداني رئيس الوفد العراقي لم يكن وحيداً في المؤتمر. ولم يكن يفتقد للناصر والمعين وسط وفود لا تتفهم طبيعة العراقيين المعارضة لأي تطبيع مع إسرائيل. كان هناك لديه من يجعله أصلب عوداً، وأفضل أداء، وأقوى شكيمة وهو إيران.
وإذا كان التدخل الإيراني الذي امتعض منه الأردنيون والمصريون والخليجيون والفرنسيون .. يعني الوقوف مع إرادة العراقيين الحقيقية، فمرحباً به من تدخل، وحبذا هو من عون. وإذا كان الدعم الإيراني يعني تكتلاً من أجل ديمومة الكفاح الفلسطيني، وبقائه ثابتاً أمام العدوان، فإن هذا الدعم هو المطلوب، ليس من العراق، بل من العرب أجمعين!
ومن الغريب أن هذه الوفود التي امتعضت من الظهير الإيراني القوي، لم تجرؤ على تسميته بالاسم، مع أنه جالس وسطها. كان عليها أن تقول له صراحة، أن تدخلك من أجل وحدة ومتانة الجبهة الداخلية في العراق، هو خطأ فادح عليك أن تتراجع عنه!
ولو فعلت ذلك لكان دليلاً على ما تملكه من شجاعة ووضوح. حتى لو كان مثل هذا التصريح سيوقعها في ما لا طاقة لها به. ويجعلها في موقف لا تحسد عليه أمام جماهيرها والعرب أجمعين.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
أحسنتم ،مؤتمر بغداد سواء كان الأول أو الاخر كان المفروض مكانة في بغداد لان هو يعني العراق لكن الحكومة السابقة كانت تهرول في كل شيء وكان المفروض الدعوة موجهه الى كل الدول الاوربية بمافيها الصين واليابان
تحياتي