المسلة

المسلة الحدث كما حدث

الفاسد في العراق “فلْتان” من العقاب.. منغمس بقوة في نسق الدولة ومتحالف معها

الفاسد في العراق “فلْتان” من العقاب.. منغمس بقوة في نسق الدولة ومتحالف معها

11 يناير، 2023

بغداد/المسلة: يرصد عراقيون ظاهرة افلات المتهمين بقضايا فساد، من العقاب رغم سرقاتهم المليارية.

وسلط محافظ البصرة السابق والمتهم بقضايا فساد كبيرة، إضافة الى نور زهير المتهم بسرقة مليارات امانات هيئة الضرائب، الضوء على ضعف الاجراءات الحاسمة امام الشخصيات المتهمة بإهدار وسرقة المال العام.

وقال النائب باسم خشان: في العراق دون سواه من الدول، إذا سرقت مليار دولار أو أكثر وشغلتها بالسوق وربحت 4 مليارات من صفقات فاسدة تمت بالأموال المسروقة، فلا تخش شيئا إذا تم كشف الجريمة.

وتابع في تغريدة: أنت ملزم برد المليار الذي سرقته فقط دون أية تبعات جزائية أو عقوبات، لأن هذا قرض بدون فوائد، مو جريمة يعاقب عليها القانون!.

وعلى الرغم من اهدار 23 مليار دينار من المال العام، الا ان ماجد النصراوي المحافظ السابق للبصرة، ظل هارباً من القضاء قبل ان يُسلم نفسه.

الآراء تفيد بان النصراوي حصل على الضمانات قبل ان يُسلم نفسه، اذ ان الملفات المتورط بها كفيلة بان تُقبعه في السجن للعديد من السنوات، لكن الغريب انه ورغم تورطه بالفساد الا ان السلطات العراقية عجزت عن الحاق القصاص المناسب الذ يستحقه، في دلالة على عدم الجدية والامبالاة لما تورط به المحافظ.

و الجدل حول مصير نور زهير، بطل سرقة القرن، لا يزال حاضراً حتى اللحظة، وذلك بعد انتهاء المدة المحددة اليه لإرجاع الأموال المسروقة والعودة الى خلف القضبان.

ورغم اختفاءه والقفز على المدة التي حددتها حكومة محمد السوداني، الا ان الجهات المعنية لم تتحرك لإلقاء القبض عليه بقضيتين بدلاً من الواحدة.. الإفلات والسرقة.

والكثير من المتهمين بالفساد وحتى الذي تبتت عليهم التهم يتواجدون بكل حرية في كردستان او في دول الجوار.

بشكل عام، على الرغم من ادانة المسؤولين قضائياً، وصدور بحقهم مذكرات قبض واستدعاء وحجز الأموال، الا ان العقوبة غالبا ما تكون غيابية رغم التورط بقضايا فساد هائلة، وقضايا تُهدد السلم الأهلي عبر دعم الإرهاب.

وتشير الإحصائيات الرسمية، إلى إصدار السلطات القضائية 731 أمر قبض، خلال النصف الأول من العام الحالي، نُفذ منها 396 فقط، من بينهم 8 وزراء ومن بدرجته، و53 من أصحاب الدرجات الخاصة والمديرين العامين ومن بدرجتهم.

لكن العراقيين، لم يلحظوا معاقبة أي منهم، او الإعلان عن زجهم في السجن، والملف ينطوي وكأنه شيئاً لم يكن.

وعلى الهواء مباشرة دون الخشية من القانون، اعترف سياسيون بتورطهم بقضايا فساد، الا ان ثقتهم بعدم محاسبتهم كانت في محلها.

النائب السابق مشعان الجبوري اعترف بصراحة أنه جزء من الفساد الموجود في العراق، مؤكداً أن جميع السياسيين وأصحاب المناصب الرفيعة في العراق (فاسدون ومرتشون). كما اعترفت النائبة حنان الفتلاوي بتلقي الكومشنات والعمولات في صلافة منقطعة النظير، عبر الشاشات.

وعلى الرغم من الاعترافات الخطيرة من من قبل المتورطين بالفساد، فانهم يفوزون بمقاعد برلمانية من جديد، او يعينون مستشارين، او يحصلون على مناصب جديدة.

ويتحدث الاكاديمي في القانون د.اسامة شهاب الجعفري حول مكانة الفاسدين في العراق بان هناك مجتمع رافض لمرتكبي جرائم الفساد و هناك مجتمع متهاون و متساهل مع مرتكبي جرائم الفساد، معتبرا أن نظرة المجتمع لمرتكبي الفساد لها الدور الفاعل في انتشار الفساد

كما يحذر  الاكاديمي د. خالد المعيني تغول الفاسدين وسياسة”الإفلات من العقاب” قد نتحول إلى “قانون الغاب” يهدد فيه المارق الخارج على القانون،المحترم الذي يخشى القانون.

ويتحدث الباحث العراقي المقيم في لندن عدنان أبوزيد عن صعوبة قهر الفساد في العراق لانه متحالف مع الكثير من الجهات والشخصيات المتنفذة، وهي تمارسه عبر وكلاء وشخصيات ومقاولين وسماسرة.

وقال ان  الفاسدُ الانغماسي، على صنو الارهابيّ الانغماسي، يخترقُ الطبقةَ السياسيةَ ويمرقُ كالريح، بين أصحابِ القرارِ كي يكونَ بعضا منهم، ويورّط ضعيفَهم وهزيلَهم، في صفقاتهِ الشاذةِ، حتى اذا انكشف أمرُه، فجّر قنبلةَ الفضيحةِ بوجوهِهم، زاعما انهم شرِبوا الكأسَ، معَهُ.

لقد أتاح هذا التخطيطُ للفاسد الانغماسيِ، أنْ يشُنّ غاراتِ النهبِ عبر شبكةِ خيوطِ باطنية بالتشاركِ والتخادمِ مع الرموزِ الكبيرةِ واصحابِ المناصبِ، الذين يستطيعون تمريرَ اتفاقاتِ النهبِ بطريقةِ رسميةِ ، شرعيةِ، لا يكتشفها أحدُ.

اعداد سجاد الخفاجي


المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لا يعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.