المسلة

المسلة الحدث كما حدث

الأجندة الحقيقية للفيسبوك

4 يناير، 2023

بغداد/المسلة:

علي مارد الأسدي

هنالك سؤال كثيرًا ما يثار حول ماهية المعايير الإنسانية العادلة وغير المنحازة للفيس بوك كما يُزعم التي يستهدف تطبيقها على العالم؟!

الواقع يقول إن الفيس بوك قد تحول بعد انتشاره كتطبيق تفاعلي في مواقع التواصل الاجتماعي إلى أداة سياسية خطيرة بيد المخابرات الأمريكية للسيطرة على العالم وفرض القيم والتوجهات التي تتناسب مع المصالح والأهداف الأمريكية بالدرجة الأولى.

ان العالم الواقعي الصلب الذي نعيش فيه قد أصبح من دون شك مجرد ظل لما يحاك ويخطط له في العالم الرقمي الافتراضي على الإنترنت، ولهذا سعت السياسة الأمريكية لأحكام سيطرتها عليه بعد أن صنعته وطورته هي بنفسها.

الاصابع السوداء صارت تتدخل في كل شيء، وصرنا ننصاع لها دون أن نشعر، تخيلوا.. لا أحد منا (وخصوصا المؤثرين في صناعة الرأي العام) يستطيع اليوم أن يشيد أو حتى مجرد ان يذكر موقف فيه أسم أو صورة للشهداء الابرار من قادة النصر على داعش، أو لسيد المقاومة اللبنانية أو لزعيم قيادي في الحشد خشية تعرض حسابه للحذف أو الحظر.

انها سياسة مدروسة بدقة لقتل الوجود الافتراضي لهذه النماذج والرموز الشيعية وضرب شعبيتها ومحوها من الأذهان سواء تمكنوا من تصفيتها جسديا أم لا.

هناك من يقول ان الفرع الإقليمي لشركة الفيس بوك في دبي يدار من قبل شخصيات مخابراتية تابعة للسعودية والإمارات، وأن الخوارزميات التي وضعوها للحذف والحظر منحازة ومسيسة طائفيًا.. لكن هل يحدث ذلك دون علم ورضا وموافقة إدارة الشركة في الولايات المتحدةالأمريكية؟ مؤكد القضية ليست بهذا التبسيط.
إشارة أخرى ينبغي ان تلاحظوها وتتعلق بالمعايير الأخلاقية والتربوية الهدامة التي صار يشيعها الفيس بوك. فمنذ إقرار القوانين في الولايات المتحدة الأمريكية لصالح من صار يطلق عليهم مجتمع الميم، صرنا نجد توجها تثقيفيا ممنهجا متصاعدا لإشاعة ونشر الشذوذ في مجتمعاتنا مقابل قمع فكري لحرية الرأي والتعبير تجاه كل من ينتقد هذا الميل غير السوي أو على الأقل يرفض منحه الشرعية عبر سن القوانين والترويج له من خلال وسائل الإعلام.. وبالتالي في غضون عقد من السنوات سيفعل الواقع الافتراضي فعلته في عقول الأجيال، وينتهي من صياغة مفاهيم وثقافات وأخلاقيات مشوهة لا تمت بصلة لمفاهيمنا وثقافتنا واخلاقياتنا السائدة.

لذلك يمكن القول إننا أمام معضلة حقيقية ليست سياسية أو قيمية فقط، بل وجودية بإمتياز، وقد إستفحلت لمديات خطيرة تستهدفنا جميعا، ويفترض في المقابل أن توحدنا إستراتيجيا لمقاومتها وبلورتها والتخفيف من أضرارها في الحد الادنى على الأقل.

 


المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.