المسلة

المسلة الحدث كما حدث

على هامش ما تبقى من الزمن

على هامش ما تبقى من الزمن

19 يناير، 2023

بغداد/المسلة:

عبد الستار الجميلي

لا خلاف بأن العملية السياسية في العراق تمرُّ بمأزق من ناحيتين: الأفق المسدود، وتآكل الشرعية..
فقد وصلت محاولات الحفاظ على ما تبقى من العملية السياسية إلى مرحلة وضعت الجميع أمام حقيقة، أن محاولات الإصلاح هنا وهناك لم تعد تجد نفعا، فمساحة الفساد متغلغلة عمقاً وإتساعاً في الدولة والمجتمع، وغير قابلة للكسر وفق الإجراءات التقليدية الحالية، التي تحرص على عدم التضحية بالعملية السياسية وممثليها، من المسؤولين المباشرين عن نسج منظومة الفساد ودولته العميقة..

ومن ناحية أخرى فإن بناء الشرعية، المجروحة أصلاً بالإحتلال، على مخرجات الصندوق الديمقراطي الإنتخابي الشكلي، أفرز إستبداداً لممثلي الطوائف والأعراق المفترضين، أشد وطأةً وعنفاً، وكسرا لحلم البديل الحقوقي والإنساني للاستبداد الفردي، الذي دفع أكثر من جيل ثمناً باهضاً على طريق الدعوة والعمل من أجل تحقيقه.
وبالتالي فنحن أمام أزمة مركبة وتعقيدات ذات خيارات محدودة، إذا ما بقيت الإجراءات تُراوح في دائرةِ السلطة ومربع الكتل، التي بدأت مؤشرات إختناقها تبرز على السطح في تراكم الصراعات والتشظي عموديا وأفقيا، دون إعطاء مؤشرات على فتح الأبواب لضخ الدماء والآراء والقواعد الجديدة..

ومع أن جميع الكتل القابضة على السلطة ومحاصصتها الطائفية والعرقية المقيتة، تدرك تماما حجم التمزق والخراب الذي أحدثته في البنية الوطنية والسياسية والإقتصادية والإجتماعية والثقافية والقيمية، إلا أنها مازالت مصرة على أنّ عمليتها السياسية البائسة تمثل نموذجاً لإدارة الدولة، يمكن أن يستمر، وأنها قادرة على تلافي الإنهيار الكبير، عبر سرديات الحديث المتكرر لكلّ حكومة عن مكافحة الفساد والإرهاب وحفظ العملية السياسية والطائفة والعرق، وتأمين الحقوق والحريات، التي أصبحت رهينة محبسي الدستور المُعطِل والمُعَطَّل، والسلاح المعمَّم خارج سلطة الدولة، والإمعان في الترهيب والتجويع..

الأمر الذي يضع الجميع أمام خيارات صعبة لا مناص من مواجهة إستحقاقاتها المؤلمة، التي نأمل أن تكون بأقصى الشعور بالمسؤولية الوطنية والأخلاقية، وبأقل الخسائر وأخف المعاناة، خصوصا بالنسبة للشعب العراقي الذي لم يَعد يحتمل العبث بحياته ووطنه وهويته ومستقبله ومصيره، من قبل أفراد وجماعات دأبت على تصوير نفسها بأنها تمتلك حقا إلهياً ودنيوياً، بفرض سلوك القطيع على المواطنين، بالسمع والطاعة، وتكميم العقل والعينين واللسان.


المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لا يعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.