المسلة

المسلة الحدث كما حدث

شخصيات عرفتها : الشيخ باقر القرشي.. باحث ومؤرخ ومفكر وكاتب موسوعي

شخصيات عرفتها : الشيخ باقر القرشي.. باحث ومؤرخ ومفكر وكاتب موسوعي

7 فبراير، 2023

بغداد/المسلة:

د. صلاح عبد الرزاق

علم من أعلام الفكر والتاريخ والسير، وفقيه من أفاضل الحوزة العلمية في النجف الأشرف. عرف بالتواضع ورعاية طلابه وإرشادهم ونصحهم. وباحث سبر غور السيرة والتاريخ ويحقق في الروايات والمصنفات التاريخية ليقدم إنجازاً فريداً ، إضافة إلى أفكاره ونقاشاته في شتى الميادين المعرفية.

الولادة والأسرة

ولد باقر القرشي عام ١٩٢٦ في النجف الاشرف. وكان والده مرشدا دينيا في ناحية القاسم احدى اقضية محافظة بابل . توفيت والدته عندما كان طفلا فقام والده بتربيته وتوجيهه لطلب العلم وكان عمره أقل من عشر سنين، فدخل مدرسة اهل البيت الدينية. نشأ الشيخ باقر مع أخيه الشيخ هادي القرشي في بيت علم وأدب وتقوى ، وكان والده مرشداً دينياً في ناحية القاسم، التابعة للحلة.

دراسته

لم يدرس في المدارس الرسمية آنذاك، بل درس في الكتاتيب التقليدية حيث تعلم الكتابة والقراءة وحفظ القرآن الكريم عن المعلم باقر قفطان. ثم التحق بالحوزة العلمية ودرس علم النحو دراسة وافية ، وبقي يدرس النحو في جامع الهندي لمدة ثماني سنوات حتى صار من النحات ، ثم درس المقدمات والسطوح والبحث الخارج وبقية دروس الحوزة على يد أساتذة مثل حسين الأحسائي وبشير العاملي وعلي شبر ومحمد طه آل راضي.

حضر البحث الخارج عند السيد محسن الحكيم لفترة قصيرة ثم لازم السيد الخوئي لمدة عشرين عاماً. وكتب معظم بحوث الخوئي في الفقه والأصول ، وما تزال محفوظة في مكتبة الامام الحسن (ع) وقد اطلعت عليها.

مؤلفاته

كانت للشيخ القرشي رغبة كبيرة في التأليف والكتابة والتاريخ. وكان يصبو لتأليف موسوعة عن أئمة أهل البيت (ع). وقد وفقه الله في إنجاز هذا العمل الجبار الذي بلغ أربعون مجلداً. تناول القرشي في (موسوعة أهل البيت) سيرتهم ومواجهاتهم مع السلطات الحاكمة وطغاة عهودهم وعلاقاتهم بأتباعهم وأصحابهم، ومواقفهم تجاه الأحداث وردودهم على مختلف القضايا. كما نقل مقتطفات من تراث أئمة (ع) في مختلف شؤون الحياة كالتربية والسياسة والاقتصاد والاجتماع. وقد ترجمت الموسوعة كلها إلى اللغة الإنكليزية والفرنسية ، وبعضها إلى الفارسية. وضمت الموسوعة من القريبين على الأئمة (ع) مثل العباس (ع) وزينب ومسلم بن عقيل (ع).

كان القرشي نشيطاً دؤوباً في التأليف والكتابة حتى آخر أيام عمره الذي ناهر التسعين عاماً. وكان مطالعاً مثابراً لما كتب عن أهل البيت والقضايا التي هو بصدد الكتابة عنها. فقد قرأ كتاب (الفتنة الكبرى) لطه حسين، وكتاب (الصحيح من السيرة) للسيد مرتضى جعفر العاملي المؤلف من ٣٥ مجلداً.

أما بقية مؤلفاته فهي:

١-العمل والعامل في الإسلام ، وفيه عرض شامل إلى وضع العامل في الماركسية والرأسمالية.

٢-النظام التربوي في الإسلام

٣- نظام الحكم والإدارة في الإسلام

٤- النظام الاجتماعي في الإسلام

٥- نظام الأسرة في الإسلام

٦- حقوق المرأة في الإسلام

٧- الإسلام وحقوق الانسان

٨- الامامة في مدرسة أهل البيت

٩- التوحيد في مدرسة أهل البيت

١٠-هذه هي الشيعة

١١- أهل البيت في رحاب أهل القرآن

١٢- أهل البيت في رحاب أهل السنة

١٣- السجود على التربة الحسينية

١٤- حياة زيد بن علي

١٥- قاعدة الفراغ والتجاوز

١٦- الشيعة والصحابة

١٧- نغمات في مسيرة أهل البيت

١٨- النظام السياسي في الإسلام

١٩- الفقه الإسلامي ، تأسيسه ، أصالته ومداركه

٢٠- أبو طالب حامي الإسلام

٢١- قاعدة لا ضرر ولا ضرار في الإسلام

٢٢- الإسلام أم الديمقراطية

٢٣- في رحاب العقيدة

٢٤- نزاهة القرآن من التحريف

٢٥- مؤتمر السقيفة

٢٦- مؤتمر الشورى

٢٧- شرح الرسالة الذهبية في طب الامام الرضا (ع)

٢٨- نصائح وتجارب للحوزة العلمية

٢٩- تقرير أبحاث السيد الخوئي في الفقه (١٢ مجلداً)

٣٠- تقرير أبحاث الشيخ محمد طاهر آل راضي في أصول (٣ مجلدات)

مكتبة الامام الحسن (ع)

في عام ١٩٩٣ أسس الشيخ القرشي مكتبة عامة سماها (مكتبة الامام الحسن ع). وقد وضع فيها مكتبته الشخصية التي ضمت الكتب التاريخية والأدبية والفقهية وغيرها. وصارت تضم كتباً ومؤلفات وإصدارات إعلامية ترد من جهات علمية ودينية وشخصيات إسلامية ومكتبات في داخل العراق وخارجه.

وكان الهدف منها توفير المصادر والكتب للباحثين والكتاب وطلاب الحوزة وطلاب الجامعات والاكاديميين.

تقع المكتبة في شارع الرسول بالنجف الأشرف ، وتبلغ مساحتها (٤٠٠) متر مربع ، مع ملحق بمساحة (٢٠٠) متر مربع. تأخر البناء بسبب ظروف ما قبل ٢٠٠٣ ، وتم بعد سقوط النظام.

تقع المكتبة في شارع الرسول بالنجف الأشرف ، وتبلغ مساحتها (٤٠٠) متر مربع ، مع ملحق بمساحة (٢٠٠) متر مربع. تأخر البناء بسبب ظروف ما قبل ٢٠٠٣ ، وتم بعد سقوط النظام.

المكتبة مؤلفة من أربعة طوابق ، في السرداب يوجد قبر الشيخ القرشي و قاعة للدراسات الحوزوية. والطابق الأول يضم خزانات مصادر علوم القرآن والفقه والأصول.

والطابق الثاني يحوي خزانات مصادر التراجم والسير وعلم النفس وعلم الاجتماع والتربية.

ويضم الطابق الثالث مصادر اللغة العربية والنحو والبلاغة والقانون.

أما الطابق الرابع فيضم نوادر الكتب والمخطوطات الثمينة. إذ توجد فيها أقدم مخطوطة للصحيفة السجادية تعود لعام (القرن الثالث الهجري / القرن التاسع الميلادي).

وأهديت مخطوطة لكتاب نهج البلاغة تعود لسنه (٥٢٠ ه) بخط أحد الخطاطين البحرانيين كما تضم مخطوطات لكتب تعود للقرن الرابع والخامس الهجري. وقد طلب السيد السيستاني مشاهداتها فنقلت إلى النجف الأشرف.

وكل طابق توجد قاعتان للمطالعة والقراءة واحدة للرجال والثانية للنساء. وهي مكيفة وتتوفر فيها السبل لذلك.

وقد خصص جانب من المكتبة للمقتنيات الشخصية للشيخ القرشي كالرسائل ومسودات الكتب بخط يده ، وعباءته وأقلامه وعمامته والجنسية العراقية لعام ١٩٥٧. كما اصطفت كتب القرشي ومؤلفاته في مدخل المكتبة ، إضافة إلى نماذج من الترجمات باللغات الأجنبية. وللمكتبة موقع في شبكة الانترنت ، تنشر أخباراً عن محتوياتها والكتب الرقمية.

وقد زرت المكتبة واطلعت على محتوياتها ، وقرأت الفاتحة قرب قبر الشيخ القرشي. كما شاهدت مقتنياته الشخصية.

البناء جميل وخاصة في أعمال الخشب البديعة في السلم والشبابيك والأبواب صنعها نجارون عراقيون فكانت قطعة معمارية وفنية جميلة.

باقر القرشي مؤرخاً ومفكراً

هناك ثلاثة أصناف من علماء الدين الذين قادوا التحرك الإسلامي بكل مفاصله: مرجعيات، أحزاب إسلامية، منظمات وجمعيات، وتيارات فكرية وسياسية، إضافة إلى الفكر الإصلاحي.

القسم الأول: فقهاء الصف الأول

وهم المراجع الكبار الذين تصدوا للمرجعية الدينية وتفرغوا للعمل المرجعي المتمثل في تأليف المصنفات الفقهية ذات المستوى العالي، وإلقاء الدروس على طلابهم في المدارس المرتبطة بالحوزة العلمية. فكانت جهودهم الفكرية والعلمية تنصب على علوم الأصول والفقه وما تتضمنه من علوم تتصل باللغة العربية والبلاغة والتفسير والحديث والسيرة والتاريخ وغيرها. فهؤلاء علماء من الطراز الأول متوجهين كلياً للعمل الحوزوي الدراسي وكذلك الإفتاء والإجابة على أسئلة الناس الفقهية وتحديد مواطن الحلال والحرام في العبادات والمعاملات. وعادة ما يصدر هؤلاء الفقهاء رسالة عملية تتضمن فتاواهم واجتهاداتهم بصدد شتى الأبواب الفقهية أو ما تسمى بالمسائل التي يتعرض لها المسلم في عبادته وحياته اليومية. وأغلب هؤلاء منصرفون إلى هذا التوجه لا يلقون محاضرات أو دروساً أو يؤلفون كتباً خارج هذا الإطار كما نرى في سيرة من تصدوا للمرجعية العليا أمثال السيد محسن الحكيم والسيد الخوئي والسيد علي السيستاني (طال بقاؤه).

وهناك حالات استثنائية من هؤلاء المراجع من الذين كتبوا في مجالات أخرى وهم في منصب المرجعية أمثال الإمام الخميني صاحب كتاب (الحكومة الإسلامية) أو السيد محمد صادق الصدر الذي كتب موسوعة الامام المهدي ، والسيد محمد باقر الصدر الذي كتب في الاقتصاد والفلسفة والتفسير والثقافة والإسلامية والدستور الإسلامي. وامتاز السيد محمد صادق الصدر بأنه أول مرجع يلقي خطب الجمعة والمحاضرات على الجماهير مباشرة. وهناك مراجع ألفوا في مجالات كثيرة قبل أن يكونوا مرجعيات عليا واستمروا عليها بعد تصديهم للمرجعية أمثال السيد محمد حسين فضل الله .

القسم الثاني : علماء الإصلاح والثورة

وهم العلماء الذين قادوا الفكر الإصلاحي والتجديد الفقهي والفكري الإسلامي . وكان لهم دور كبير في إحداث تغييرات هامة في التاريخ الحديث للدول الإسلامية . ولا مجال للحديث عن مؤلفاتهم ومواقفهم وقياداتهم التي صنعت أحداً سياسية وتغييرات اجتماعية وثقافية. وكان لبعضهم موقع الريادة في الفكر السياسي والدستوري الحديث. فكان للسيد جمال الدين الأفغاني دوراً واضحاً في مواجهة دكتاتورية الحكام المسلمين ، فكانت له مواقف تجاه الخليفة العثماني وشاه إيران وخديوي مصر، فتعرض للعداء والملاحقة حتى مات غريباً. ومنهم عبد الرحمن الكواكبي صاحب كتاب (طبائع استبداد) ، ومنهم الشيخ محمد حسين النائيني صاحب كتاب (تنبيه الأمة وتنزيه الملة) الذي أسس للفكر الديمقراطي الإسلامي. ومنهم السيد محمد حسن الشيرازي الذي أصدر فتوى التنباك الشهيرة عام ١٨٩١. ولعل أهم حدث في بداية القرن العشرين هو ثورة الدستور أو المشروطة عام 1905 التي بدأت ونمت بدعم المرجعية الدينية في النجف الأشرف. وهي الثورة التي لها دور رئيسي في ترسيخ النظام الديمقراطي حيث تبنت مبدأ تدوين الدستور الملزم للحكومة والحاكم ، وتأسيس برلمان منتخب يراقب عمل الحكومة والحاكم. وهي المبادئ التي تبناها قادة ثورة العشرين عام 1920 ، وقسم منهم كانوا من أنصار ثورة الدستور. ومن المتأخرين نجد أفكار الفقيه المصلح محمد حسين آل كاشف الغطاء والشيخ محمد رضا الشبيبي والشيخ محمد رضا المظفر وغيرهم.

القسم الثالث : علماء الصف الثاني

وهم العلماء من خريجي وفضلاء الحوزة العلمية الذين ألفوا في مجالات عديدة خاصة في قضايا الثقافة والفكر الإسلامي والأسرة والمجتمع والتاريخ والسيرة والحديث والأنظمة السياسية وغيرها. وكان لهم تأثير كبير في قيادة تيار الصحوة الإسلامية منذ خمسينيات القرن العشرين إلى الوقت الحاضر . كما أنهم هم الذي بلورا الفكر السياسي الإسلامي وأسسوا أحزاباً ومنظمات إسلامية . كما تصدوا للدفاع عن الإسلام وتفنيد الشبهات التي يثيرها أعداء الإسلام من مستشرقين وعلمانيين . فكان لهم دور رئيسي في تحصين المسلمين من التيارات السياسية والفكرية الإلحادية أو المنحرفة. فأنتجوا لنا مؤلفات رصينة وعميقة بقيت تحافظ على موقعها الفكري منذ نصف قرن وأكثر، وأعيدت طباعتها عشرات الطبعات، كما ترجمت إلى لغات عديدة. ونذكر من هؤلاء السيد مرتضى العسكري الذي وصفه أحد العلماء بأن التاريخ ابتدأ بالطبري وانتهى بالعسكري، ومنهم الشيخ محمد مهدي الآصفي والشيخ عبد الهادي الفضلي والشيخ محمد أمين زين الدين والشيخ والسيد هادي المدرسي والسيد محمد تقي المدرسي والسيد محمد باقر الحكيم وآخرين كثيرين لا يسع المقام لذكرهم.

باقر القرشي المؤرخ والباحث

ينتمي باقر القرشي إلى الصنف الثالث من العلماء والباحثين الذين أغنوا المكتبة الإسلامية بمؤلفات رصينة ما زالت مرجعاً هاماً لمن يريد دراسة التاريخ الإسلامي . فقد ألف القرشي موسوعة أهل البيت (ع) التي تتألف من 4٠ مجلداً ، وتضم جميع ما كتبه القرشي في سيرة الرسول الأعظم (ص) والزهراء (ع) والأئمة الإثنا عشر . كما كتب عن شخصيات كبيرة من خط أهل البيت (ع) أمثال العباس بن علي ومسلم بن عقيل وأبو طالب .

وكتب القرشي مؤلفات أخرى تناولت مذهب أهل البيت ورد الشبهات والافتراءات ضده، وحول التربة الحسينية ، وأحداث السقيفة ، وقصة والشورى والصحابة . كما كتب في القرآن الكريم والفقه والقواعد الفقهية (لا ضرر ولا ضرار، قاعدة الفراغ والتجاوز)، إضافة إلى محاضرات أساتذته الفقهية والأصولية مثل (أبحاث السيد الخوئي في الفقه) و (أبحاث الشيخ محمد طاهر آل راضي في الأصول).

وكان للقرشي مؤلفات في الثقافة الإسلامي وشؤون المجتمع والمرأة ، إضافة حقوق الإنسان والديمقراطية ، والنظام السياسي في الإسلام ، والنظام التربوي ، ونظام الحكم والإدارة ، وفي العمل وحقوق العامل . وهذه المجموعة تضمنت آراء جديدة سلط فيها الأضواء على شمولية الشريعة الإسلامية للقضايا المعاصرة ، فكان القرشي فيها مجدداً ومصلحاً ومفكراً وباحثاً يعتمد المنهج العلمي . إن القضايا التي أثارها القرشي في مؤلفاته بحاجة إلى مناقشة ونقد علمي يوضح ريادتها وقوتها وأصالتها.

منهجه في السيرة والتاريخ

جمع الشيخ القرشي بين المنهج التقليدي في كتابة السيرة النبي (ص) وأهل البيت (ع) من خلال السرد التاريخي لتسلسل الأحداث في حياة الشخصية كي يتمكن القارئ من مواكبة تطور الأحداث مع مرافقة الشخصية في مختلف المراحل التاريخية محافظاً على عنصر محورية الشخصية في الحدث أثناء التحليل والوصف. ومع ذلك عقد فصولاً في أمور أخلاقية ومناقبية سلط في الضوء على جوانب هامة من عناصر الشخصية قد تتماهي مع الحدث لذلك أراد إبرازها وتوضيحها كي نتعرف على الشخصية عن قرب ونتتبع سموها وأخلاقها العالية ، إضافة إلى اللمحات الفكرية والعلمية والاجتماعية في الحدث التاريخي أو ما جاء على لسان الشخصية. فكان بذلك أقرب إلى ابن أبي الحديد المعتزلي في شرحه لنهج البلاغة.

وكانت لغة كتابته معروفة باليسر في الفهم وسهولة في الشرح ، واستخدام عبارات قريبة لجميع القراء من مختلف المستويات الفكرية والدراسية. لاحظ ما ورد في مقدمته عن موسوعة أهل البيت (ع) حيث يقول:

(( قدم العظماء والمصلحون لشعوبهم وأوطانهم خدمات جبارة في ميادين الإصلاح الاجتماعي ، فأشاعوا العلم، وأسسوا المراكز الثقافية والصحية، وحرروا أوطانهم من الخرافات والأضاليل، وفتحوا أفاقاً مشرقة من الوعي والتطور، وألحقوها بقافلة الحضارة الإنسانية. كما إن لبعض المصلحين الفضل في تحرير أوطانهم من الاحتلال والاستعمار، وإقامة أعلام الحرية فيها.

وقد اعترفت شعوبهم بالفضل الذي أسدوه عليها، فقدمت لهم جميع ألوان التكريم والتعظيم لهم، فنصبت لهم التماثيل التي تحكيهم في الأمكنة العامة ، وطبعت صورهم في الأوراق النقدية ، وألفت الكتب التي تحكي سيرتهم وخدماتهم ومآثرهم وآثارهم، وما أسدوه على أمتهم من الألطاف . كما تقيم لهم المهرجانات الشعبية في أيام ولاداتهم ووفاتهم ومواقفهم الخالدة، وذلك اعترافاً من الشعوب بفضلهم ، وتخليداً لخدماتهم)).

علاقتي بالشيخ القرشي

بدأت علاقتي بالشيخ القرشي إلى عام ٢٠١٠ عندما استلمت رسالة بخط يده الكريمة جاء فيها:

(( سيادة الدكتور صلاح عبد الرزاق

تحية ودعاء وإخلاص إلى سيادة الأستاذ ثروة من ثروات العلم ومثل أعلى للفضيلة بجميع رحابها.

أرفع لكم

من دواعي اعتزازي أن ألتقي برائد من رواد الحضارة والتطور والابداع. سائلين الله تعالى أن يضفي عليك بالطاقة التي يخص بها أوليائه ، ويبقى لنا فكرك. وأشكر الأستاذ حسين علي فقد أتاح لي الفرصة في كتابة هذه الكلمات التي تعبر عن إخلاصي ، راجياً أن تعي ألطافك ، والسلام عليكم.

باقر شريف القرشي

النجف الأشرف في ٢٢ من شوال ١٤٣١ ه ))

واستلمت من سماحته موسوعته الرائعة (موسوعة سيرة أهل البيت عليهم السلام) وعلى الجزء الأول منها إهداءً بخطه الكريم جاء فيه:

(( يرفع باعتزاز إلى سيادة الدكتور صلاح عبد الرزاق مع الدعاء.

باقر شريف القرشي ، في ١٠ جمادى الأولى ١٤٣١ ه ))

وفاته

وتوفي فيها عن عمر 89 عام بتاريخ يوم الاحد المصادف26رجب 1433هــ 17 /6 /2012م في مدينة النجف الاشرف اثر مرض عضال ودفن في مكتبة الامام الحسن (عليه السلام) التي أسسها في النجف الاشرف.

مجلس تأبين القرشي

لم أستطع حضور تشييع الفقيد القرشي في النجف الأشرف ، لكن في ٢٨ تموز ٢٠١٢ بادرت لاقامة مجلس تأبيني وندوة علمية بمرور أربعينية المغفور له القرشي في المركز الثقافي البغدادي في شارع المتنبي. وقد ألقيت فيه كلمة تناولت فيها دوره ونتاجه ومنهجه في الكتابة. كما ألقى الشيخ محمد سعيد النعماني والسيد جواد الموسوي القزاز من النجف الأشرف كلمات ، وسط حضور عدد كبير من المثقفين والموسوعيين.

وكان مما قلته : لقد فقدنا مربيا وعلما من اعلام الفكر الاسلامي والثقافة الاسلامية برحيل المؤرخ والمفكر الاسلامي الشيخ باقر شريف القرشي الذي ترك ثغرة في الاسلام بوصفه عالما وفقيها ومؤرخا ومفكرا وباحثا.

ان هذا الحفل التأبيني الذي نقيمه يمثل احتفاءا بهذه الشخصية بغية تسليط الضوء على ما انتجه الشيخ القرشي من كتب ومؤلفات بالتاريخ والفقه والاصول . علماً بأن محافظة النجف تقيم اليوم ايضا احتفالية تابينية بمناسبة اربعينية الشيخ القرشي ، فضلا عن اتصال عائلة الشيخ القرشي بنا وتقديمهم الشكر بمناسبة استذكار رحيل الشيخ القرشي بالندوة المقامة اضافة الى حضور الشيخ جابر الموسوي ممثلا عن عائلة الفقيد بالندوة العلمية.

القى الشيخ محمد سعيد النعماني احد محاضري الندوة العلمية بكلمة موجزة عن مأثر ونتاج المؤرخ الاسلامي الراحل الفقيد الشيخ باقر القرشي مشيدا بدوره الكبير في اغناء الساحة الاسلامية من فكر اسلامي وفقه واصول وسرد للتاريخ وغيرها من الامور التي تمكن الشيخ منها علميا وفق دراسته , مثمنا دور السيد المحافظ الدكتور صلاح عبد الرزاق في تاسيس المركز الثقافي البغدادي المبارك الذي جمع المثقفين تحت مضلة واحدة باتباره احد مسؤولي الدولة المهتمين بالثقافة والبناء العمراني الحديث .

واضاف النعماني ” افتخر باني تتلمذت على يدي الشيخ باقر القرشي في محافظة النجف الاشرف بعد ان درست تحت كنفه لاسيما كتاب جواهر البلاغة الذي اطلعت من خلاله على هذه الشخصية التي تجمع مجموعة من الصفات للعلم الواسع الغزير والبساطة في شخصيته والتواضع العام الذي كان يتصف به بين تلاميذه ومجتمعه والاسلوب البليغ الواضح الذي يعرف بالسهل الممتنع في تدريسه لطلبته في مدرسة العلوم الاسلامية بمحافظة النجف الاشرف فضلا عن دماثة الخلق بشخصيته المنفتحة الواضحة السلسة , مبينا ان اهم مايميز كتابات الشيخ القرشي هو الايمان العميق في سطوته لايصال الفكر الاسلامي للبشرية “.

واكد النعماني ان الشيخ القرشي ومجموعة من العلماء تصدوا لنظام البعث السابق ، مع تاسيس مجلة ناطقة باسمهم تسمى مجلة الاضواء كانت لها دور كبير في نشر الوعي الاسلامي ومواجهة الفكر الراس مالي والاشتراكي مع تاليفه للعديد من الكتابات العظيمة والمهمة التي تحارب هذه الافكار في بث سياسة الاسلام وينابيعه وحول العمل وحقوق العاملين ايضا والفن والمراه والنحت والموسيقى مع قيامه بالتحليل والسرد والموضوعية بعيدا عن التحيز في كتبه ومؤلفاته لاسيما مجموعته (اهل البيت) الموسوعية عبر سرد حياه اهل البيت من الائمة والتي وفرت مصادر كثيرة للباحثين والطلبة عموما من خلال الاستفادة منها في حياتهم وبحوثهم مع وجود قلة في المصادر والمكتبات بالعراق .

من جهته افاد السيد جواد الموسوي القزاز من محافظة النجف الاشرف ” ان الشيخ باقر القرشي عرف بالاخاء عبر ملازمته لاخيه الكبير الشيخ هادي القرشي . اذ كان يبجله ويحترمه اكبر الاحترام , حيث ان الشيخ القرشي اعتلى اصول الفقه والتاريخ والعلم في العراق اضافة الى دخوله لعلم الرجال والانساب. وتمكن من احداث اجمل الصور بهذه العلوم المختلفة التي تسيد بها عن طريق حرصه على المادة العلمية بعد فناء عمره بكتابة سير الاولين والتاريخ الاسلامي , مشيرا الى ان الشيخ القرشي انبرى خلال الفترة الاخيره قبل رحيله الى كتابة وسرد روايات وتاريخ مناوئي واعداء اهل البيت وكان يوصي بالحفاظ على كتبه ومكتبته المعطاء اذا طلبه المولى العزيز.


المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.