المسلة

المسلة الحدث كما حدث

وكالات عالمية تستذكر حادثة تعليق الامريكيين على جسر الفلوجة.. الانتقام المتدلي

وكالات عالمية تستذكر حادثة تعليق الامريكيين على جسر الفلوجة.. الانتقام المتدلي

17 مارس، 2023

بغداد/المسلة: بعد عام من شن الرئيس الأمريكي السابق جورج دبليو بوش، الغزو الذي قادته الولايات المتحدة للعراق في 2003، واجه أربعة متعاقدين أمنيين مدنيين أمريكيين في سيارات دفع رباعي مصيرا مشؤوما في مدينة الفلوجة العراقية.

وكانت مهمتهم لحماية قافلة من شاحنات التموين المهمة الأخيرة لهم.

كان ما حدث نقطة حاسمة في صراع بدأ للتو، وبدا أبعد ما يكون عن عبارة المهمة اُنجزت التي أعلنها بوش قبل ذلك بأقل من عام.

ونصب مسلحون كمينا للمتعاقدين مستخدمين قذائف صاروخية وبنادق كلاشنيكوف في شارع رئيسي في الفلوجة .

وبعد وصولي إلى المنطقة بعد نحو ساعة من الكمين في 31 مارس آذار 2004، شاهدت حشدا يركل رأس جثة محترقة، فيما جر آخرون جثة متفحمة من رجلها.

كنت أدون الملاحظات في محاولة لاستجلاء الضجة عندما اقترب طفل ربما كان في التاسعة من العمر وعرض مساعدتي.

وقال‭‭ ‬‬وهو يقفز فوق جثتين متفحمتين: علقنا الآخرين على الجسر.. هل تريد رؤيتهما؟ يمكنني أن اصحبك إلى هناك.

ولم ينذر الهجوم في الفلوجة، على بعد 50 كيلومترا إلى الغرب من بغداد، وتلك المشاهد العنيفة بمزيد من الهجمات على القوات الأمريكية فقط، بل بتمرد واسع النطاق أدى إلى تضخم صفوف تنظيم القاعدة ومن بعده تنظيم داعش الإرهابي، مما أغرق العراق في آتون صراع وفوضى لما يتعافى منهما تماما بعد مرور عقدين من الزمن.

وما زالت الفلوجة تحمل ندوب المعارك التي اندلعت في شوارعها، وخارج الطريق الرئيسي المؤدي إلى مدخل المدينة ما زالت الجدران تحمل آثار طلقات الرصاص وبعض المباني مدمرة نتيجة القصف خلال العمليات العسكرية.

وأبلغ رئيس مجلس قضاء الفلوجة طالب الحسناوي أن المدينة تعاني من نقص مزمن في التمويل لإعادة تشييد البنية التحتية التي دمرتها الحرب وستتكلف أكثر من ملياري دولار .

وأضاف: صحيح أن عملية إعادة الإعمار تسير أبطأ من توقعاتنا بسبب محدودية الموارد والميزانية، لكننا لا نتوقف عن إعادة بناء ما دمرته الحروب.

وأشار الحسناوي إلى أنه على الرغم من ذلك فقد تحسن الأمن في المدينة كثيرا، وتأتي العائلات من بغداد لتناول العشاء في مطعم البادية الشهير للكباب بالفلوجة، وازدهرت التجارة والزراعة ومزارع الأسماك.

وقبل 20 عاما، تأججت أعمال العنف في جميع أنحاء العراق بسبب التوترات الطائفية.

وقُتل عشرات الآلاف من المدنيين والمسلحين العراقيين في السنوات التي أعقبت الغزو الذي شنته الولايات المتحدة على أساس اتهام العراق بامتلاك أسلحة دمار شامل، وهو الادعاء الذي ثبت أنه محض وهم.

وعندما انسحبت القوات القتالية الأمريكية من العراق في 2011، كان 4418 جنديا لقوا حتفهم إلى جانب مئات من القوات الأجنبية والمتعاقدين والمدنيين.

وعلى مدار عقدين من الاضطرابات منذ اندلاع الغزو، كانت الفلوجة باستمرار بؤرة ساخنة.

وفي ذلك اليوم من 2004، هتفت الحشود الفلوجة مقبرة للأمريكيين، عندما قتل مسلحون المتعاقدين الأربعة والذين كانوا يعملون لصالح شركة بلاك ووتر الأمريكية للأمن وهم جيري زوفكو وويسلي باتالونا ومايكل تيج وسكوت هيلفنستون.

وشاهدت عراقيا يسكب البنزين على إحدى الجثث مما أطلق ألسنة اللهب في الهواء.

وقال شهود إن أشخاصا ربطوا جثتين على الأقل في سيارتين وسحلوهما في الشوارع.. وفي وقت لاحق من هذا اليوم شاهدت أشلاء تتدلى من أحد خطوط الهاتف.

وسرعان ما أُحبط العراقيون مما اعتبروه سوء إدارة أمريكية بعد اجتياح القوات الأمريكية والتحالف بغداد ومدن العراق.

وقال بول بريمر، الذي قاد سلطة التحالف المؤقتة في العراق لمدة 13 شهرا بعد الإطاحة بصدام حسين، إن هجوم الفلوجة كان عملا مروعا بالتأكيد، لكنه أبلغ رويترز في مقابلة في 14 مارس آذار أن القوات الأمريكية لم تنتشر في العراق بأعداد كافية لمنع التدهور الأمني.

وأضاف: لم نملك العدد الكافي من القوات على الأرض في العراق.

وفي النهاية، حل بريمر الجيش العراقي، مما ترك 400 ألف جندي بدون عمل، وقال معارضون غربيون وعراقيون للخطوة الأمريكية إن هذا ساهم في انضمام مجموعة جاهزة من المجندين إلى الجماعات المتطرفة.

ومع تصاعد العنف، فرض متشددو القاعدة سيطرتهم على الفلوجة، مما أدى إلى هجومين أمريكيين، وبعد انسحاب القوات الأمريكية من العراق، سيطر تنظيم داعش على المدينة في 2014 وهو ما تسبب في حصار من جانب الجيش العراقي والمسلحين الشيعة.

وفي 2004، تبعت الطفل الذي عرض مساعدتي عبر شوارع الفلوجة، وهي مدينة ذات منازل بسيطة للطبقة المتوسطة تقطنها عائلات عانت جراء سنوات من العقوبات الدولية منذ غزو صدام حسين للكويت في 1990-1991، والذي انتهى بعد تدخل تحالف آخر بقيادة الولايات المتحدة.

وصلنا إلى الجسر الذي تتدلى منه جثتان من جثث المتعاقدين الأربعة، وأسفله كانت هناك عائلات بعضها بصحبة أطفالها، تطلق أبواق السيارات أو تصفق احتفالا.

وقال طفل يدعى محمد يبلغ من العمر 12 عاما: أنا سعيد بذلك، الأمريكيون يحتلون بلادنا، وهذا ما سيحدث لهم.

وألقى المسؤولون الأمريكيون في ذلك الحين باللوم على مؤيدي صدام حسين قائلين إنهم يريدون إعادة النظام القديم، لكن الولايات المتحدة لن تحول خطاها عن بناء الديمقراطية.

ورد الجنرال مارك كيميت على عملية القتل: سنعود إلى الفلوجة، سيكون ذلك في الوقت والمكان اللذين نختارهما، وسنلاحق المجرمين.

وبعد ذلك بأيام، شن الجيش الأمريكي هجوما قال إنه يهدف إلى تهدئة الوضع في المدينة وتخليصها من المسلحين والعثور على المسؤولين عن كمين 31 مارس

تحرير عدنان ابوزيد

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لا يعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.