المسلة

المسلة الحدث كما حدث

هل سيمنح مجلس النواب تشريعاً للقاتل الاقتصادي؟

هل سيمنح مجلس النواب تشريعاً للقاتل الاقتصادي؟

18 أبريل، 2023

بغداد/المسلة الحدث:

سلام عادل

كانت أبرز تحديات النظام العراقي الجديد ما بعد 2003 هي الديون المترتبة على الدولة جراء سياسات نظام صدام حسين، الأمر الذي تطلب عقد تفاهمات عالمية بهدف إسقاطها او تخفيض بعضها، وهو ما حصل لاحقاً في نادي باريس.

ولكن ترتب على مخرجات نادي باريس المعروفة العديد من الالتزامات بقيت نافذة حتى هذه اللحظة، على رأسها فرض تأمين الأموال العراقية الواردة من مبيعات النفط في حسابات داخل البنك الفيدرالي الأمريكي، لتكون ضامناً لتعهدات العراق بخصوص تنفيذ الالتزامات التي ترتبت عليه، من ضمنها سداد تعويضات حرب الكويت.

وعلى الرغم من أن العراق قد قام بسداد تعويضات حرب الكويت البالغة 51 مليار دولار خلال العشرين سنة الماضية، وتم الإعلان عن ذلك من خلال اجتماع مجلس الأمن في شباط / فبراير 2022، إلا أن الرقابة على حركة الأموال العراقية مازالت سارية منذ مقررات نادي باريس، وهو ما جعل العراق بمثابة الذي يملك أموالاً ولكن لا يستطيع التحكم بها.

وفي حزمة اخرى من الإجراءات السالبة للسيادة، والتي تتعلق بالسياسات الاقتصادية تحديداً، أدخل العراق نفسه في سلسلة من القروض مع البنك الدولي ومصارف دولية متعددة، إبتداءً مع أول حكومة تشكلت، بناءا على نصائح من صندوق النقد وغيره من المؤسسات الاستشارية، ترتب على هذه القروض الكثير من الاشتراطات الاقتصادية، كان من بينها رفع أسعار المشتقات النفطية وتحويل الكثير من القطاعات العامة الى الخصخصة.

وشيئاً فشيئاً صارت عملية الاستقراض الحل الاسهل للخروج من الازمات المالية حين تحصل، وهي في العادة تتكرر كلما تراجعت فيها أسعار النفط، او تعرضت البلاد لازمات أمنية وسياسية، بلغت ذروتها خلال الحرب مع داعش التي تزامنت مع أزمة عالمية انخفض فيها سعر البرميل الى ما دون العشرين دولار، ولم تجد الحكومة في حينها، كالعادة، غير اللجوء الى القروض لسد العجز الحاصل.

وكان لهذه القروض شروطاً واشتراطات دفع المواطنون العراقيون اثمانها على شكل حزمة من الضرائب والرسوم، وزيادات هائلة في التعريفة الگمرگية، واستقطاعات مالية جرى تمريرها على شكل (قرض اجباري) من رواتب الموظفين، فضلاً عن زيادة في أسعار السلع والخدمات بما فيها تخفيض سعر صرف الدينار.

ومن هنا تأتي التحفظات على الموازنة الثلاثية المقترحة التي انطوت على عجز تبلغ نسبته 18‎%، وهي نسبة غير مقبولة ولا معقولة على الإطلاق، ولا يمكن تبرير مقاصدها تحت أي عنوان، لان هذا العجز الهائل سوف يتسبب في السقوط مجدداً في فخ القروض وما يترتب عليها من اشتراطات، وهو الفخ الذي سيُبقى العراق في المربع الأول لمزيد من السنوات القادمة.

وبالتالي سيمنح مجلس النواب في حال المصادقة على (موازنة العجز المالي)، التي ستفرض اللجوء للقروض كحل لسد العجز، شرعية للقاتل الاقتصادي الذي يشير له الخبير الاقتصادي الامريكي جون بيركنز في كتابه (الاغتيال الاقتصادي للأمم).

وشرح جون بيركنز اعمال (القاتل الاقتصادي / Economic Hit Man) بكونها سياسات إمبريالية خبيثة تفرضها الولايات المتحدة على الدول النامية بهدف الهيمنة على اقتصادياتها بواسطة القروض المالية التي تقدم في الغالب على شكل نصائح تنموية من صندوق النقد والبنك الدولي.

وفي الختام.. لطالما سمعنا الحكومات السابقة تسوق خططها الاقتصادية وسياساتها المالية وموازناتها الانفجارية بكونها مشفوعة بدعم وتأييد من المؤسسات والدولية، واخرها كانت (الورقة البيضاء) سيئة السمعة والصيت، وفي النهاية لم نرى من هذه الخطط والسياسات والموازنات الانفجارية غير المزيد من الخيبة والفشل وتبديد للثروات.


المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.