المسلة

المسلة الحدث كما حدث

طيار فاشل وضعته المحسوبية والشهادات المزورة بمنصب وزير النقل

طيار فاشل وضعته المحسوبية والشهادات المزورة بمنصب وزير النقل

23 مايو، 2023

بغداد/المسلة الحدث:  في العراق يمكن ان يصبح شخصا فاشلا، مسؤولا كبيرا، توكل اليه مسؤوليات جسام، ولعل هذا يفسر لماذا تفشل مرافق الدولة العراقية و وزاراتها في الدفع باتجاه بلد متطور، ومتحضر، كما يفسر كيف للعبة السياسية ان ترفع من شأن الاشخاص الفاسدين والفاشلين ليكونوا قادة ووزراء ومسؤولين كبار، على مبدأ المحاصصة والمحسوبية والمنسوبية والمصالح التخادمية.

ومثل ذلك وزير النقل السابق، ناصر حسين بندر، الذي فاز بمنصبه ليس عن جدارة وكفاءة على رغم تاريخه المهني الفاشل، وتواضع مهنيته وقدراته الادارية، وشهاداته المزورة.

وقبل واحد وأربعين عاما، وتحديدا بتاريخ 16-10-1982، كاد القدر أن يودي بحياة ذلك الطيار المتهور، عندما أسقط طائرة الهليكوبتر من نوع (Mi – 2 ) ذات التسجيل (YI – AII) التابعة لقسم الطيران الزراعي في الهيئة العامة لوقاية المزروعات في مشروعات المسيب الكبير، شمال بابل، لكنه بدلا من ذلك مُنح حياة أخرى، بل قاده الحظ لأن يصبح وزيرا للنقل.

في ذلك التاريخ، تلقى ناصر حسين بندر (1954)، الحاصل على اجازة طيران تجاري لطائرات الهليكوبتر بولونية برقم (4369)، وإجازة طيران تجاري عراقية للطائرات البرية برقم (510) في شهر شباط 1982، تلقى توجيها برش المبيدات الزراعية على البساتين الزراعية في محافظة بابل.

وطبقا للوثائق فان البندر لم يبلغ عن أي عطل في يوم الحادث، انما كانت الطائرة محملة بالمبيدات بالشكل الصحيح، ومركز ثقلها كان متزنا ووفق الحدود المقبولة. كذلك كمية الوقود كانت بحدود (600) لتر قبل اقلاع الطائرة.
وتشير الوثائق، التي نشرها صحف عراقية بينها العالم، التي نشرتها وسائل اعلام عراقية، أيضا، الى أن الطائرة حاصلة على شهادة جدارة جوية رقم (216) سارية المفعول لغاية 9-10-1983 وقد اصدرت مع هذا شهادات صيانة وفق جداول الصيانة التي اجريت يوم 18/9/1982.

وفي تقرير الحادث، نطالع أيضا بأن الطيار لم يكن يقاسي اية علامات تعب أو ارهاق قبل الاقلاع في صباح 16 تشرين الاول، عام 1982.

ويشير تقرير تقصي الحقائق الى أنه اثناء الرحلة، كانت الطائرة تحلق على ارتفاع (50) مترا، ومتوجهة من مزرعة البكر في مشروع المسيب الكبير الى بغداد. وبعد طيرانه لمسافة (5كم) فوجئ الطيار بمجموعة من الطيور، تحلق بنفس ارتفاع الطائرة، وباتجاهات مختلفة، فكانت ردة فعل الطيار أن يقوم بسحب الطائرة ـ بشدة ـ والدوران بها، لتفادي الاصطدام بالطيور، لكنه ونتيجة لتلك المناورة الشديدة، بمقدار (180 درجة)، انفصلت احدى ريش الدوار الرئيسي، الامر الذي جعل الطيار يفقد السيطرة على الطيارة بعد انفصال احد ريش الدوار الرئيسي والاهتزاز الشديد، ما ادى الى سقوطها على الارض بشدة. ونتيجة للاصطدام العنيف بالارض انفصلت الريشتان الاخريان.

ويذكر التقرير، ان الطيار وبعد سقوط الطائرة خرج منها مصابا برضوض وتخثر دم أسفل ظهره. كذلك اصيب المسؤول الفني عبد الرحيم شعاق، بحرج في رأسه، نتيجة انبعاج سقف الطائرة فيه.
وعلى أثر ذلك، نقل الطيار والمسؤول الذي معه الى مستشفى الحلة من قبل احد سكان منطقة الحادث.

وضمن المؤشرات التي طرحها التقرير، انه يفترض أن لا يتم التعامل مع الطائرة بحركة مناورة عنيفة، والالتزام بتعليمات السلامة الخاصة بالطائرة، تفاديــاً لحدوث مشاكل فنية في الطائرة.

وقد أوصت اللجنة التحقيقية في حينها باعادة الاختبار الفني المعطى للطيار (ناصر حسين بندر) على قابلية اداء الطائرة الهليكوبتر نوع (Mi – 2)، ومنعه من الطيران لحين اعادة الاختبار، لكنه بدلا من اعادة اختباره، جرى تنصيبه وزيرا للنقل، بعد 41 عاما، برغم أن العقود الأربعة اللاحقة للحادثة، فاقمت فشل هذا الرجل. لكن اللعبة السياسية في العراق، لا تميز بين شخصية فاشلة أو ناجحة، بل أن الثقل السياسي مرارا ما يرجح كفة الفشل.

اضافة الى ذلك، فانه وفي منتصف العام الماضي، اثيرت ضجة بشأن الشهادات المزورة للوزير السابق، بندر و منها شهادة معادلة شهادة الطيارين.

و مما اثار الشكوك حول تزوير شهادة وزير النقل وقتها ناصر حسين بندر، إن “الوزير كان مديرا عاما ل‍سلطة الطيران المدني العراقي منذ عام ٢٠١١ وهذا يعني انه احتال على مجلس الوزراء نها ولا نعرف كيف صدر له امر ديواني في عام ٢٠١١ بتعيينه مديرا عاما للسلطة وقد تمت معادلة شهادته عام ٢٠١٤ “.

و وقتها، اقادت كل الدلائل بما لا يقبل الشك او الجدل ان ناصر حسين بندر قام بالتزوير والتدليس مرتين، الاولى عند حصوله على درجة مدير عام سنة ٢٠١١ بدون شهادة، والثانية عندما اصبح وزيرا في العام ٢٠٢٠ ايضا بدون شهادة .

و وزارة التعليم العالي والبحث العلمي بموجب كتابها المرقم (ص ب / ٢٣/١٤١٦٥ ) في 27 /٤/٢٠٢٢ لم تقم بتقييم شهادة (ناصر حسين بندر) كون ان الشهادة الحاصل عليها ليست اكاديمية وانما هي شهادة مهنية تخضع الى ضوابط الاعتراف بالشهادات المهنية في وزارة النقل وسلطة الطيران المدني .

وفي العراق فان ضعف المؤسسات الرقابية الحكومية، وتوزيع المناصب، بالعلاقات التخادمية، والمصالح الحزبية والخاصة، يمكّن الأشخاص الفاسدين والفاشلين من الوصول الى أعلى المناصب.

و توزيع المناصب في العراق على أساس المصالح والعلاقات وفق “المحسوبية” أو “الولاء السياسي”، أتاح للأشخاص المرتبطين بالسلطة أو النخبة الحاكمة يتلقون الفضل في تعيينات الوظائف الحكومية والمناصب الرفيعة، بغض النظر عن كفاءتهم الفعلية.

وبسبب غياب مبادئ الشفافية والمساواة في فرص العمل، وانعدام النزاهة، تتكرر ظاهرة وزير النقل ناصر حسين بندر، في مختلف الوزارات والمناصب، بل ان بندر يمكن ان يستعيد منصب مماثل في اي وقت طالما بقي النظام على هذا المنوال.

 

 


المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author